عدنان عبد الله
في الوقت الذي، نعزي فيه أنفسنا وأهلنا الصابرين، في عراقنا الجريح، باستشهاد وجرح عدد كبير من المواطنين الابرياء، في هذا اليوم، من هذا شهر رمضان المبارك، نود أن نتساءل، عما إذا كان من الممكن إيجاد حل ناجع، يضع حدا لهذه المآسي قريبا؟ ففي كل مرة توشح فيها الدماء، أرض عراقنا النازف، يحاول الكثير من الحريصين على وحدة العراق (حكومة وشعبا و ارضا) ان يخرجوا علينا بتصريحات تعزي ذوي الضحايا، وتدين الجريمة ومقترفيها، وتهدئ من المشاعر، وتنتقد اداء الحكومة، متمثلة بالاجهزة المسؤولة، وتعبرعن قناعتها بفشل الخطط الامنية القائمة، وضرورة إعادة النظر فيها، وايجاد الحلول الناجعة لما يسمونه بـ "الخروقات الأمنية"، وتفعيل القضاء ومعاقبة المسؤولين بأشد العقوبات، و...و....ومن غريب أمرنا، مطالبة اولئك المجرمين، باحترام حرمة المكان والزمان، في الوقت الذي لا يجدون فيه للدم أي حرمة. فهل للمسجد أو لشهر رمضان، من حرمة، لدى سفاح استباح الدم الحرام؟! ثم يخرج علينا، بعد ذلك، مسؤولون آخرون ليخبرونا بالقاء القبض على أفراد ومجموعات ارهابية، وبتطوير الخطط الامنية المتبعة، بما يتناسب مع متطلبات المرحلة، ويبشرونا بتخريج دورات جديدة ذات أداء متميز، ومزودة بأجهزة كشف متطورة. وما أن تهدأ الامور، نوعا ما، حتى نرى انفسنا بعد حين، باننا ما نزال في وضع سيئ للغاية، وأن من اُدخل السجن من الأبواب قد اُخرج من الشباك. وقد كان البعثيون والمشبوهون، يقولون لنا، منذ البداية، بان من يقوم بهذه الجرائم هي الحكومة، ولكننا ـ وبطيبتنا المعهودة ـ لم نكن نتوقع بانهم يخبروننا عما يقومون ـ هم ـ به، ولم نكن مستعدين لأن نصدق، أو نتصور، بان شركاءنا منهم، هم الذين يقترفون تلك الجرائم، ولذا فكنا ننبري ـ و ببراءة الصادق الامين(أو بسذاجة المغفل البليد)ـ للرد، والدفاع عن حكومتنا الحبيبة، والذب عن كل رموزها الموقرين، دون ان يخطر على بالنا، بان حاميها حراميها. هذا هو ديدننا، منذ ان سالت أول قطرة دم، بأول انفجار، بعد سقوط نطام البعث المقبور.. إدانات ووعود وآمال...فالجميع، يحاول ان يتجنب ملامسة الحقيقة المرة، المتمثلة في جواب شجاع وصريح على سؤال خطير، مفاده:ـهل ان من يقترف مثل هذه الجرائم ويشارك فيها، يعترف بحق الآخر في مساواته له في سائر الحقوق، أوبحقه في الحياة والعيش؟ وبالتالي، فهل انه ممن يهتم بالعراق والعراقيين أصلا، ليهتم بوحدة الحكومة ووحدة الارض ووحدة الشعب؟وبإلقاء نظرة سريعة على الواقع، لا نجد أي وجود لما نسخّر كل جهودنا للدفاع عنه، ونضحي بأكثر حقوقنا من أجله. أما وحدة الحكومة، فلا نرى لها من وجود أو أثر على أرض الواقع؟ فلا وزراؤها يعتبرون انفسهم جزءا منها وملزمين بقراراتها ومواقفها، ولا حكومة الاقليم الكردي، ترى تابعيتها لها.وأما وحدة الارض، فلا تعني شيئا، بالنسبة للكثيرين، والظروف وحدها هي التي جعلت القناعات الحقيقية حبيسة الصدور، الا ما تفلّت منها سهواوأما وحدة الشعب، فهي أبعد منالا من وحدة الحكومة والارض، لأنها أساسهماوالامر فيها موزع، بين كونك عنصرا غريبا، وبين كونك مستباح الدم، وفي كلا الحالتين، لا يمكنك ان تكون مقبولا كجزء من كل، فعندما لا يعترف الآخر بحقك في أن تحيى، أو بحقك في أن تعيش معه على نحو المساواة، فلا يمكنك ان تفترض قبوله لك كجزء من شعب واحد.نعم، من حقك ان تحلم بكل ذلك، ولكنك ستستفيق أخيرا على ما لا يسرك !!
https://telegram.me/buratha