بقلم: نائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي
الدستور العراقي معطل الى حد كبير، ليس لغموض او تعارض يصعب حلهما، بل لتضارب المصالح وعدم الجدية في استكمال القوانين -المنصوص عليها- والضرورية لتفعيل الكثير من مواده.. واستمرار كثيرين بتفسير مواده وفق تشريعات وعقليات الانظمة السابقة المخالفة تماماً لفلسفته وروحه ونصوصه..
وهذا في رأينا جوهر المشكلة السياسية وتداعياتها في البلاد. لهذا كان موقف المرجعية العليا دقيقاً -متصدية لخطط السفير بريمر- لتؤكد بان شرعية وانسيابية العملية السياسية تبدأ بالاستفتاء العام على دستور تعده جمعية منتخبة.. ليصبح القانون الاسمى، الذي يحتكم اليه المواطنون والمؤسسات والسلطات.. فالدستور هو الذي يضبط النظام العام، والذي بغيابه تحل الفوضى والتعطيلات المتبادلة.فالدستور مصدر التشريع والانظمة.. ويفسر نفسه بنفسه.. فهناك نصوص واضحة لا تقبل التأويل.. وهناك مساحات فارغة او نصوص يشوبها التعارض والغموض، وهو ما انيط تفسيره بالمحكمة الاتحادية حسب المادة ( 93/اولاً وثانياً ).. المحكومة بدورها بالدستور نفسه، بروحه ونصوصه ومبانيه، ولا تستطيع الخروج عليه.. ولنضرب مثالاً عن الحالتين.
تعدد (المادة 61) اجراءات المساءلة والاستجواب التي تعرقل عموماً بحجج مثل الدوافع الشخصية والسياسية والتضييق على الحكومة.. قبال نصوص قاطعة، لا غموض فيها، وباليات مفصلة واضحة.. والتي هي في النهاية لمصلحة المسؤول ليدافع عن سياساته.. وحق للشعب ليطلع عبر مؤسسات الدولة، والمواجهة النظامية المتخصصة، على السلبيات والايجابيات. وعندما تعطل الارادات والنوايا هذا الركن الدستوري، تتعطل امور كثيرة، وتتراكم السلبيات، وتبدأ الازمات والصراعات، التي تعلق على شماعة الدستور.
اما الحالة الثانية فنستقيها من مفهوم الكتلة النيابية الاكثر عدداً، اي (المادة 76).. التي قدمت المحكمة تفسيرها -المحق- بان المقصود بها هو الكتلة التي تتشكل في البرلمان وليس في الانتخابات.. والا لصرح بذلك المشرع. فالدستور يفسر نفسه بنفسه. فعدا النص الصريح، فان هدف الدستور تشخيص الاعداد القادرة على منح الحكومة الاغلبية اللازمة للحكم.. بخلاف ذلك تفقد الديمقراطية والانتخابات معانيها.
وما دام الدستور معطلاً في الكثير من وظائفه، فان التفسيرات المتباينة والارتباك والازمات ستصبح هي اليات الحكم وقاعدة العلاقات بين المؤسسات او بين الكتل.. وهنا نتحمل جميعاً كقوى سياسية وكسلطات تشريعية وقضائية وتنفيذية مسؤولية لا مناص منها، لاستكمال البناءات الدستورية، والاحتكام الى مواده.. وهذا هو الاصلاح الارقى الذي يسمح باستقرار البلاد وتحقيق مصالح المواطنين، افراداً وجماعات.
https://telegram.me/buratha