المقالات

مخاطر حضور النخبة وغياب الشعب /

538 14:42:00 2012-08-04

حافظ آل بشارة

هذه هي اللحظة التأريخية التي يجب على العراق فيها ان يدرك من هو وماذا يريد وكيف يتصرف في مواجهة تطورات الداخل والخارج ، للأسف كل مايحدث في هذا البلد هو انعكاس لمصالح النخبة السياسية وتحالفاتها ، أما الشعب العراقي فهو بين غائب ومغيب ، وقد غابت معه القوى السياسية المخلصة المرتبطة به ، يترتب على الساسة الشرفاء والتيارات الحقيقية في البلد ان تؤكد حضورها مع الناس لمواجهة الاخطار ، هذا الشعب كبقية شعوب المنطقة ، مسحوق انهكته المشاكل ، غير قادر على ممارسة الضغط على الساسة ، يفتقر للقيادة الجامعة ، يفتقر لآليات وتجربة المطالبة ، معتاد على القمع ، اتكالي يبحث عن منقذ ، الفراغ القيادي ادى الى هيمنة نخبة منتفعة اغلبها لا يملك تجربة العمل لأجل الجمهور ، مجرد مجموعة اشخاص يلعبون على مصالح الدول الأخرى في بلدهم لتحقيق طموحات شخصية تافهة ، هذا الواقع ادى الى الخلط بين لغة الدعاية السياسية الجاهزة وبين لغة التحليل ، فلم يعد ممكنا معرفة ما يجري في البلد . الفرق كبير بين الحقيقة والدعاية . الحقيقة ان نظام صدام استخدم القمع 35 سنة حتى جعل المواطن العراقي يعيش سيكلوجية السجين بتركيبة نفسية مفرداتها : الخوف ، الاحباط ، الشرود ، الملل ، الاتكالية ، انتظار الحل من الخارج ، اختفاء روح المبادرة . كان الطاغية قد صنف الشعب العراقي الى مؤيد وصامت ومعارض ، لكن بعد زواله استغلت النخبة السياسية المنتفعة هذا الواقع فاعلنوا انفسهم حراسا للمكونات وهم : 1- نخبة كردية تستغل مظلومية الكرد وتنادي بحقوقهم وتسخر مظلوميتهم لخدمة مصالحها . 2- نخبة شيعية تتصرف بالطريقة نفسها . 3- نخبة سنية تدعي ان سنة العراق يدفعون ثمن انتماء صدام اليهم . الشعب العراقي غائب عن الساحة قبل السقوط وبعد السقوط وتجري المتاجرة باسمه ، والرأي العام لم يتشكل بعد ، وما يظهر منه لحد الآن يعبر عن نفور شعبي من التصنيف العرقي والمذهبي والشعور ان القمع الصدامي وحد الشعب ولم يقسمه . النخبة الكردية تروج ان الصراع ضدها قومي لذا فالحكومة العربية في بغداد قديما وحديثا هي العدو الاول ، جناح من هذه النخبة ينادي بالانفصال ولا يسكت عن حكاية الانفصال الا بالحصول على ثمن لصمته من بغداد ، وقد وصل الاخوة الكرد الآن الى وضع مثالي فقد انفصلوا من العراق عمليا وهم الآن يتصرفون كدولة مستقلة في الأمن والاقتصاد والثقافة والعلاقات الدولية ، ثم توجوا استقلالهم الكامل بالدخول في تحالفات اقليمية مع دول كبيرة خلافا لتوجهات المركز ، لكنهم في الوقت نفسه يحصلون على مكافأة البقاء ضمن العراق ! أما بالنسبة الى النخبة السنية فهي نخبة يسيطر عليها التحالف البعثي التكفيري ، وهم تركيبة خاصة لا تؤمن بالديمقراطية وتحتقر الشيعة والكرد وتريد بقاءهم محكومين لا حاكمين وترى ان حكم العراق حق تاريخي لها ، وهي تعيش دائما هاجس الاقلية التي سرقت حق الاكثرية في الحكم قرنا كاملا ، وتحاول التخلص من هذا الهاجس بتاكيد انتماءها الى المحيط العربي السني الواسع ، وتعد صدام رمزا لها ، وتحس ان بعض العواصم العربية هي اقرب الى نبضها من بغداد ، وتتعاطف مع العصابات الارهابية وتراها الحامي والمناصر ، فالنخبة السنية عمليا منفصلة ايضا ولا يمكن الغاء انفصالها بالدعاية الفارغة ، اما النخبة الشيعية فهي اكثر النخب تمزقا وتشتتا وهي ترفع شعار وحدة العراق لأنها اغلبية سكانية والاغلبية عادة لا تريد التقسيم فالنظام الديمقراطي يضمن لها الهيمنة على البلد كله ، كل من النخبتين الكردية والسنية مستعدتان للمشاركة في المخططات الغربية في المنطقة فهما صديقان قديمان للغرب ، النخبة الشيعية وحدها غير قادرة على الانسياق مع الغرب بسبب تحالفها مع ايران انطلاقا من عقيدة سياسية دينية وهي داخلة في حرب مع الغرب وحلفاءه . المنطقة تشهد ترويج مشروع اسقاط النظام السوري وتأسيس دولة سلفية كبيرة في المنطقة ، الانقسام السياسي في مواقف النخب العراقية تجاه المشروع قد يتبلور عنه انقسام جغرافي . الحفاظ على وحدة العراق وحمايته من مخططات النخب المنتفعة هو الهدف الاهم ، التقسيم لا ينفع اي طرف ، سيكون الشيعة اكبر المتضررين منه ، اولا لانهم الاكثرية التي يجب ان لا تفرط بوحدة بلدها وثانيا انها بعد التقسيم لن تضمن لنفسها دويلة شيعية موحدة بسبب الخلافات بين فصائل نخبتها وحتمية دخول الغربيين على الخط واستقطاب بعضهم ليكون هناك شيعة اميركا مقابل شيعة ايران ... وبوادر هذا الاصطفاف ظاهرة حاليا . هذه التطوات المتوقعة ليست قدرا ولا هي حتمية تأريخية بل هي ثمرة مرة لغياب القوى السياسية المخلصة الممثلة لمصالح الشعب وهيمنة النخب المنتفعة التي تفضل مصالحها على كل شيء ، من أجل بقاء العراق بلدا واحدا موحدا يجب ان يتحرك الأهالي عبر التظاهرات لوقف التداعيات برعاية وتوجيه القوى السياسية المخلصة التي تريد حفظ وحدة واستقلال العراق .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
كلمة
2012-08-05
المواطن العراقي يعيش سيكلوجية السجين بتركيبة نفسية مفرداتها : الخوف ، الاحباط ، الشرود ، الملل ، الاتكالية ، انتظار الحل من الخارج عبارة تختصر الكثير ولها عمق ومصداقية عالية
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك