اتحفنا نائب عن دولة القانون بتصريح غريب وعجيب يطالب فيه بعدم توزيع الاموال من الموازنة التكميلية على الشعب العراقي, لانها بحسب نباهته وذكائه تؤدي الى كسل الشعب وعدم ادائه لمهامه اليومية في بلد تصل فيه درجات الحرارة ارقاما عالمية، بينما لم يخبرنا هذا النائب الزاهد فيما اذا كانت عشرات الملايين التي يتقاضاها هو وامثاله هل تسببت بحالة من الكسل اوالغباء او التخمة او التضخم الذي يتخوف منه.
وبغض النظر عن الفلسفة التي قادة هذا النائب للوصول الى الاستنتاج الجديد والذي فتح له نوافذ النبوغ واطلاق نظريته الاقتصادية والحصول على براءة اختراع في الاسباب الموجبة لظهور الكسل والتي يعجز جهابذة الاقتصاد وفلاسفته عن مجاراته بل ان "ادم سمث" صاحب كتاب نظرية المشاعر الأخلاقية والتحقيق في طبيعة وأسباب ثروة الامم وهو في قبره يشعر بالفخر والاعتزاز لوجود هكذا مفكرين يمكن ان يشغلوا الفراغ الذي تسببت به الحروب والمحاصصة وقانون الانتخابات الذي اوصل هذا النائب الى قبة البرلمان.
ورغم ان النائب لم يتطرق في نظريته الى ما هية العلاقة بين الاموال والكسل في وقت تتحدث الاحصاءات والدراسات العالمية عن وجود علاقة طردية بين ارتفاع دخل المواطن ونشاطه وصحته، اي بمعنى كلما ارتفع دخل المواطن كلما كان مستوى النشاط والسعادة اكثر لذا نجد ان بعض دول الخليج بالاضافة الى بعض الدول الاوربية تتنافس فيما بينها للوصول الى المركز الاول في مستوى السعادة والانشراح لشعوبها.
وقد يكون النائب من كوكب اخر ولم يعش ولم يشعر بمعاناةالشعب العراقي وهو يعيش بمستوى القبائل البدائية وبمستوى معاشي هو الاسوء على مستوى العالم بل انه يصنف ضمن الشعوب التي تحتل المراكز الاولى في الفشل ليس لانه يحصل على الاموال دون تعب كما يقول صاحب نظرية الكسل بل لانه الافقر على مستوى العالم.
ومع انني لست صاحب نظرية متقدمة كالتي اهتدى اليها النائب عن دولة القانون الا ان واقع الحال يقول ان اسباب الكسل التي تصيب الشعوب تتصل باغلبها الاعم بسوء الخدمات وتردي الواقع الصحي والمعاشي وانتشار البطالة وانتشار الامراض المستوطنة وسوء التغذية وتوقف رواتب الرعاية الاجتماعية وكثرة الارامل والايتام وقلة رواتب المتقاعدين وانتشار الفساد المالي والاداري وشراء الفلل في لندن ودبي وسويسرا وانعدام الامن والامان وتواصل الاعمال الارهابية والتمسك بكرسي الحكم وزيادة ساعات القطع المبرمج ووجود نواب على شاكلة مخترع نظرية الكسل في البرلمان بالاضافة الى عوامل اخرى يطول المقام باستعراضها.
غير ان البعض يرى ان الاسباب الحقيقية التي لم يضمنها النائب في ديباجة نظريته العالمية للكسل هي المحاصصة الحزبية المقيتة وعدم الرغبة بان تحسب فقرة توزيع الاموال لهذه الجهة او تلك رغم ان الشعب لا يفكر بمثل هذه الامور ولا يقدر اصحاب التضحيات انما يقدر اصحاب المناصب ولو ان كتلة جاءت له بماء الحياة فلن يضع صوته الى جانبها وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها ولنا شواهد كثيرة، اضف الى ذلك ان الاموال والنفط هي ملك للشعب العراقي كما ينص على ذلك الدستور الذي جاء بمثل هؤلاء النواب وليس من حق أي جهة ان تمنع حصول الشعب على امواله .
ان وجود نواب يفكرون بهذه العقلية يعتبر قمة التصحر في بلد يحسب على شعوب العالم الذكية.
6/5/808
https://telegram.me/buratha