بقلم: نائب الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي
العراق الغني بانتاج نفطي تجاوز 3 م/ب/ي.. وموازنة تجاوزت 100 مليار دولار.. وثروات بشرية وطبيعية متنوعة، فقير.. فالبطالة فيه من اكثر النسب عربياً وعالمياً.
تقدر نسبة قوة العمل بـ(23-24%) من اجمالي السكان فوق الـ15، بينما هي ضعف واكثر، مقارنة بنظرائنا. وهذا عنوان اول للبطالة المقنعة. يزداد السكان سنوياً بمعدل مليون نسمة تقريباً.. فالقادمون الجدد لسوق العمل يصل الى 450 الف شخص سنوياً (الامم المتحدة). تسعى الدولة لاستيعاب ثلث الاعداد، فيفيض حوالي 300 الف عاطل سنوياً، يضافون الى 2-3 مليون حالياً، باختلاف التقديرات. باختصار، تعيش الغالبية العظمى على البطالة ومواردها المبطنة، والرعاية الاجتماعية والتقاعد باشكالهما.. والوظيفة (العنوان الثاني للبطالة المقنعة) التي تمتص 40% من قوة العمل، بمعدل لا يتجاوز 17 دقيقة عمل/يوم، حسب الدراسات.. فالكل عيال النفط، بعد التراجع المخيف للزراعة والصناعة وبقية القطاعات الحقيقية. وهو ما يولد رغبة 60% من الشباب للهجرة (التخطيط)، واغلبهم يأساً من واقعهم ومستقبلهم.
فاذا استطاع الارهاب والعنف السياسي والاجتماعي صيد ربع اعداد العاطلين واليائسين، فهذه قاعدة عريضة من مئات الالاف يتزايدون عاماً بعد عام. وذلك في مجتمع يعيش سلسلة لم تنقطع من الارهاب والعنف والحروب الداخلية والاقليمية، والعبث السياسي القاتل لانقساماته، ويضم مخزونا هائلاً لشتى الاسلحة.
الدولة مترهلة، والمزيد من الملاكات سيعني افسادها اكثر فاكثر.. وخياراتنا محدودة.. ابرزها، تخصيص الاموال للمشاريع الكبرى والبنى التحتية.. ومزيج مدروس من اقتصاديات راسمالها الاساس العمل Labor Capital لامتصاص البطالة، واقتصاديات رأسمالها المكننة والتكنولوجيا.. اما الاهم فيأتي من خارج اقتصاد الدولة، ولكن بمشاركتها ومساعدتها ودعمها.. بازاحة اي عائق غير مبرر امام الاستثمارات الداخلية والخارجية.. واعتبارها الاستراتيجية الوطنية الاولى المتقدمة لما سواها.. وانهاء الاقتصاد الريعي وبيروقراطية الدولة.. وتوزيع واردات النفط على الشعب، بعد اقتطاع "ضريبة النفط" (70-80%) لتمويل مشاريع الدولة من جهة.. وترك الباقي الذي يتجاوز "خط الفقر" للمواطنين، لانهاء اشكال الرعايات الاجتماعية، وسياسات الدعم المكلفة والبالية.. وتوفير طلب فعال يحرك الاسواق والعمالة والاستثمارات.. وتحقيق نسبة نمو، خارج القطاع النفطي، لا تقل عن 10% سنوياً، لضمان نصف مليون فرصة عمل اضافية، وامتصاص تدريجي لجيوش العاطلين، والبطالة المقنعة باشكالها.. وهذا امر يتطلب تغييراً جذرياً للمفاهيم والعقليات والمصالح، الرسمية والحزبية والجماهيرية، السائدة.. والمأسورة بمفاهيم احتكار الدولة وبيروقراطيتها.
https://telegram.me/buratha