خضير العواد
لقد تبجح العالم كثيراً بالثورة السورية المزعومة التي خلقها الغرب وطبل لها آل سعود وآل ثاني وجهزوا لها كل عدتها من رجال وسلاح ومال وإعلام وكانوا يتشدقون ويتصارخون بحرية الشعب السوري وجلب الديمقراطية له ، فركض وراءهم الكثير من مثقفي العرب وهم يشاهدون من خلال الإعلام الملفق المذابح المفتعلة التي تقوم بها الحكومة السورية والتي صرف عليها الخليجون ملايين الدولارات حتى تظهر بالشكل المآساوي الذي يثير كل العواطف والمشاعر الإنسانية ، ولكن الذين تعاطفوا مع الأحداث في سوريا نسوا الأسباب الحقيقية التي كانت وراء هذا التحرك وخلطوا الأوراق ما بين مطالب الشعب السوري ببعض الإصلاحات ومطالب الغرب والسعودية وقطر في قتل المقاومة والتحرر عند الشعوب العربية ، بل حتى المعارضة السورية أصبحت وسيلة بيد الغرب و السعودية وقطر لتحقيق غاياتهم وليس أهداف المعارضة ، لأن الحقيقة تقول إن قيادة المعارضة السورية ليس عندها شئ على الأرض بل كل شئ تحت سيطرت الدول الداعمة لها وهي التي تحرك الأحداث كيف تشاء من خلال المقاتلين الذين جلبتهم من مختلف دول العالم ، وهؤلاء المقاتلون ليس عندهم أي إتصال أو إرتباط مع المعارضة السورية أو الشعب السوري بل قدموا الى سوريا تحت أجندات دولية وينفذون أوامر الدول التي جلبتهم ولا تعنيهم مطالب الشعب السوري أو بالأصح لا تعنيهم كل سوريا بشئ ولكن الأوامر قالت المهمة اليوم في سوريا وغداً في بلد آخر وهكذا ، وهؤلاء المقاتلون هم الذين داروا الأحداث الدموية في سوريا وواجهوا الجيش وقتلوا الكثير من الشعب السوري تحت مختلف المزاعم كرفضه للتحرك المسلح أو الخلفيات المذهبية التي كانت من الأسباب الكبيرة التي دفعتهم لترك بلدانهم والقدوم الى سوريا ، وأصبحت المدن السورية التاريخية الجميلة بكل شئ بأهلها المسالمين وبحاراتها القديمة التي كانت تمثل متحف كبير ينقلك الى عبق الماضي وآصالته ، عبارة عن مدن منكوبة ومهدمة وخالية من السوريين الذين هربوا من القتل الذي يكون نتاج المواجهات المسلحة ، والمثقف العربي أسير أخبار الجزيرة والعربية اللتان خُلقا لتضليل الشعوب العربية على أن هذه الثورة المزعومة تمثل الشعب السوري وتريد تحقيق ما يصبوا إليه هذا الشعب من مطالب وتغيرات ، بالرغم من سيطرت المقاتلون العرب وغير العرب على ساحة الأحداث وهؤلاء لهم أجنداتهم الخاصة بهم وقد أكدت هذا الأمر أغلب الجهات التي تقف وراء الأحداث في سوريا كأمريكا وتركيا ، ولكن الخبر الأهم والأقوى الذي صفع كل داعم للأحداث في سوريا لكي يستيقظ من تخدير الإعلام الملفق والكاذب المتمثل بقناتي الجزيرة و العربية ألا وهو مقترح تركيا في تقسيم سوريا الى خمس دويلات صغيرة (للعلويين والسنة والكرد والدروز والمسيحين) ، وهكذا سيقضون على سوريا والى الأبد ولا يبقى هناك شعب إسمه الشعب السوري بل سيكون البديل الشعب العلوي والسني وهكذا ، هل هذا يقبل به أي سوري شريف يحب سوريا وشعبها العريق ؟؟؟؟؟ ، وهل هذه مطالب الشعب السوري عندما بدأ الحراك بمطالب إصلاحية يحتاجها كل مواطن عربي؟؟؟؟؟ ، ولكن مقترح التقسيم لا يهم إلا من دعم الثورة المزعومة وتباكى عليها وصرف الملايين من أجل حدوثها وإستمرارها ، فهم شجعوا ودعموا خروج الشعوب العربية الى الشوارع من أجل التغير ليس في أوطانهم ولكن التغير في سوريا المقاومة كما قال كيسنجر في مقابلة له في شهر آب 2011 لا تتوقعوا إننا شجعنا قيام الربيع العربي من آجل عيون العرب لا ولكن كل هذا من أجل عيون سوريا وإيران ، وبالفعل تم لهم هذا وأصبح المنفذ لمخططهم الدنيئ هم الشباب العربي الذين أنطلت عليهم اللعبة الأمريكية والإسرائيلية من أجل ضرب المقاومة وكذلك القلعة الأخيرة التي تناهض التطبيع مع الكيان الصهيوني ، وهذا المقترح يثبت على أن هذه الدول التي دعمت قيام الأحداث الدموية في سوريا لا تعنيهم وحدة سوريا ولاتعنيهم مطالب الشعب السوري في الإصلاح ، ولكن بسبب فشلهم الكبير في تغير النظام في سوريا فأصبح هدفهم تمزيقها الى دويلات ، حتى يحققوا ما قدموا من أجله وهو قطع طريق الإمدادات مابين إيران والمقاومة في لبنان وفلسطين ، ولتذهب حرية الشعب السوري وديمقراطيته المزعومة الى الجحيم فهذا لم يكن في يوم من الأيام هدف سعودي أو قطري لأن فاقد الشئ لا يعطيه ، ولم يكن في يوم من الأيام هدف غربي أو أمريكي أو تركي أو إسرائيلي لأن العدو لا يحب الخير لعدوه وهؤلاء لم ولن يكونوا في يوم من الأيام أصدقاء الشعب السوري ، لهذا فأليستيقظ المثقف العربي قبل أن تحذف سوريا من خارطة الوطن العربي ويضعون مكانها أربعة دويلات متناحرة لأن الخامسة غيرعربية .
https://telegram.me/buratha
