بعد قرابة العشر سنوات من زوال القيح الصدامي ، أتضحت الصورة بكل مقاييسها ، إذ يبدو أن المشكلة في العراق هي ليست الديمقراطية، وليس شكل الحكومة، وليس هي مصلحته العليا ولا هي مصلحة التعايش المشترك فيه ولا وحدته الوطنية، فالعراق يسير على طريق صياغة جديدة وإن كانت مرتبكة بعض الشيء، فهذا هو حال جميع الديمقراطيات الوليدة، ومع ذلك يمكن القول أن صياغته القائمة وإن كانت جديدة لم يمض عليها سوى بضع سنوات، إلا أن الزمن قد عفا عليها، ولم تعد تخدم طموحات قوى بعينها ولا تتسع لحجومها ولا تمتثل لسطوتها، والمعادلة التي بنيت بعيد نيسان 2003 لم تعد تلبي طموحات العديد من القوى السياسية الفاعلة ومن خلفها، وهي طموحات تحتاج الى عراق آخر مبني على معادلة مغايرة تماماً! فهل يسير العراق على طريق التحول السلس نحو أفق جديد، أم أنه محلك سر؟ ومع التغيرات التي تعصف بالمنطقة وخصوصا ما يجري في سوريا ، فإن عراق اليوم يخضع لسيناريو جديد يتعرض معه للتغير الجذري في إعادة صياغة أصوله ، يتعرض لقلب موازينه وموازاناته ومعادلاته التي صدرت في دستور يجري الانقلاب عليه على قاعدة موازين القوى الداخلية في استغلالها لميل السياسة الأمريكية، الى تقارب وثيق مع دول مجاورة كل منها تريد أن تكون لها اليد الطولى في العراق، وفي مقدمتها الفقاعة القطرية والمملكة السعودية التي تريد كل منها وبتنافس أحيانا ، وبتناغم أحيانا أخرى، فلكا جديدا في المنطقة يدور فيه الجميع وفقا لمزاجها السياسي، فالسعودية تريد أن يعبد الجميع الله ولكن فقط من خلالها، وقطر تريد تغييرا في سوريا ولكن عبر العراق!!.
بمعنى أن العراق سيسقط ضحية معركة الأدوار الاقليمية وبنائها وهذا ما يفسر الإنسداد السياسي القائم فيه والاستنفار المطلوب للوصول الى المرامي المرسومة. وهنا لم يتبق إلا أن نتساءل عن حقيقة الدورين القطري والسعودي ومراميهما في الساحة العراقية. فألا يبدو الأمر مثيرا للغثيان ومدعاة للإستغراق في الإستغراب مثل دعوات السعودية لتغيير الحكم في سوريا على خلفية حقوق الإنسان!..وهل للإنسان حقوق في السعودية ذاتها!؟ وإذا كان الشرع الإسلامي يقول بأكرام الميت بإحسان دفنه، فإن الأموات في مملكة آل سعود ليس لهم حقوق، إذ ليس لهم قبور معروفة..!
27/5/813
https://telegram.me/buratha