اكرام حسن
صديقا لا كما الاصدقاء واخا لا كباقي الاخوة وابا ولا نبع حنان وعما وخالا وابن حارة , الاستاذ عامر ... قاتلنا !!! نعم اطعمناه زادنا فزود همومنا وسقيناه من شرابنا فجرعنا الموت الزؤام وسامرناه فتسبب في طول سهادنا , لم يكن من طباعه نكران الجميل ولا كان بنيته ملئ دار احبابه صراخ وعويل لكنه عندما خرج من الدار بعد وجبة فطور شهي اخذ مفاتيح سيارته وكان همه الاول ان يصل الى بيت عمتي في صباح العيد باسرع وقت ممكن ,وما ان شغّل المحرك حتى ضغط على دواسات البنزين بقوة رهيبة غير مبالٍ بوعورة الطريق وقلة الصيانة فيه والمطبات المفاجئة التي تقلب اكبر حافلة بسهولة وعلى حين غفلة , ولا مبال بمن معه في السيارة باعتبارهم امانة الله عنده وعليه ان يوصلهم الى حيث يريدون بسلام , ولا هو مهتم بمن يحاذيه في السير بنفس الشارع من السواق الاخرين فالمهم عنده ان لايغلبه احد اويتجاوز سيارته سائق اخر , والاهم عنده ان يصل بفارق نصف ساعة عن الوقت الاصلي للوصول .بدأ يتباهى بالارقام الخيالية التي تظهر على شاشة السرعة في السيارة : انظر احمد وصلت السرعة 184كم/ ساعة انظري سمر وصلت السرعة 220 كم/ ساعة انظري ام احمد ... وكان الاطفال فخورين بهذا الانجاز العظيم الذي حققه لهم الوالد كي يوصلهم الى ...... المقبرة !نعم انقلبت السيارة وساد المكان صمت رهيب , صمت مازال يخيم على ابو احمد , الناجي الوحيد من الحادث .لم يكن في نيتي ان ازعج الرجل او اقلب مواجعه ولكن كان لابد لي ان اسأله كي اعرف ما الذي جناه من تهوره هذا فمازالت عمتي تنتظر مجيء ابنتها واحفادها في صبيحة يوم العيد .رفع راسه والدموع تنهمر من عينيه التي غارت من كثرة البكاء وقال : لو كنت اعلم ان السرعة تفعل هكذا لقطعت رجلي هذه قبل ان تصل الى دواسة البنزين , لا بل ماخطوت خطوة في ذلك الطريق... هذه القصة ليست بقصة خيالية , انما هي حالة يعيشها العراقيون يوميا . قصة الاستاذ عامر الذي كان يكنى بابو احمد - ولم يعد كذلك - يعيشها الكثيرون , اذ تسحق حوادث الطرق اعدادا من الناس ربما تصل الى نفس اعداد ضحايا الارهاب في العراق ولكن دون ان يعتبر احد مما يحصل . ما اكثر من يقود السيارة بدون اجازة سوق وما اكثر الاطفال خلف المقود وما اكثر من يستعمل الجوال بيد والمقود بيد ثانية وعين على الجوال وعين على الطريق وربما لاعين على الطريق نهائيا . ما اكثر من يقف في الطابور , طابور الموت بالسرعة القصوى , فاما ان يُقتَل واما ان يعيش حاملا جريرة ضحاياه . في اغلب دول العالم توجد حدود للسرعة القصوى حتى على الطرق الخارجية مع ان طرقهم مبلطة ومعلَّمة ومقسمة الى اثنين او ثلاثة ممرات او اكثر للاتجاه الواحد الا انهم يرفعون شعار ( السرعة قاتله فاقتلها ) وبالاخص في مناسباتهم الخاصة كالكرسمس لان التجارب اثبتت لهم ان العامل الاساس في حوادث الطرق القاتلة هو السرعة , الا في بلادنا لايوجد تحديد للسرعة ولا التزام حتى لو حُددت .امتحان السياقة من اصعب الامتحانات في البلدان المتطورة ويتم بثلاث مراحل امتحان نظري وهو اختبار علامات مرورية , ثم كمبيوتري اي تجلس وبيدك مقود امام شاشة الكمبيوتر وكأنك تسوق في طريق حقيقي , ثم الامتحان العملي والذي تقود فيه سيارة خاصة ومعك الممتحن , وعليك اجتياز الامتحانات الثلاثة للحصول على اجازة سوق .قوانين المرور مشددة جدا وقد تُسحب الاجازة بخطأ متعمد واحد . فهل الى هذه القوانين من سبيل الى عالمنا. متى ننتبه نحن الى هذه المصيبة التي تدور فوق رؤوسنا ولاندري من سيكون الضحية القادمة .لماذا ننتظر من مؤسسات فاسدة ان تحل المشكلة لنا وبامكاننا على الاقل التقليل من اعداد الضحايا بنشر الوعي بين السائقين فبلادنا لاينقصها المثقفون والحريصون على دماء اخوتهم التي تراق يوميا , يكفي ان الارهاب احتوشنا من كل جانب فقتل خيرة شبابنا فلا نكون نحن ايضا يدا اخرى للقتل . اخيرا اقول : قد يتهمنا البعض باننا منبهرين بالغرب وتطورهم , او يقول اخر باننا بطرانين لاهم عندنا سوى مراقبة النواقص في بلادنا , الا ان الحقيقة اننا نتألم لكل قطرة دم تسفك على ارض بلادنا بغض النظر عمن سفكها ولا نريد لاهلنا الا ان يكونوا بخير .
كل عام وانتم بخير********الاسماء الموجودة في القصة وهمية
https://telegram.me/buratha