المقالات

اختفاء (ذو الفقار) في اسطنبول / .......بقلم: أ.د.قاسم حسين صالح

14210 06:20:00 2012-08-15

 

الملاحظة بسيطة للغاية هي انني حين زرت اسطنبول عام 1978 كان السيف (ذو الفقار) موضوعا في قاعة سيوف النبي والخلفاء الراشدين

في متحف الاثار الاسلامية.وقيل لي انه اخرج في عام (2010) من تلك القاعة ووضع بآخر قاعة, وفي زيارتي له في تموز هذا العام (2012)..اختفى ذو الفقار من المتحف.

ومع بساطة الملاحظة التي لا تعني شيئا لمن يمتلك وعيا حضاريا, فان لها دلالاتها السياسية والطائفية والسيكولوجية في سياقين: ما يجري من احداث, ولأن متحف الاثار الاسلامية يزوره سنويا ما يزيد عن مليوني سائح من انحاء العالم بوصفه الأفخم والأضخم بالعالم الاسلامي.

  والتساؤل: هل تم رفع السيف من قبل ادارة المتحف؟ ام انها تلقت امرا من وزارة السياحة؟ ام كانت بموافقة اردوغان, أو من سبقه في الرئاسة, على اقتراح قدّم له من احد مستشاريه؟.

   ومع ان (ذو الفقار) المتكون من نصلين طويلين منفرجين هو احد سيوف النبي محمد فأنه ارتبط بأسم الامام علي. وارجح الروايات تفيد, ان سيف علي انكسر في معركة أحد فاعطاه النبي "ذا الفقار" ليواصل المعركة. ولأنه اظهر شجاعة فائقة في الحرب وكان حينها فتيا فقد اطلق عليه مقولة ( لا فتى الا علي ولا سيف الا ذو الفقار).

   وبالمناسبة, فأن الطمع كان السبب في خسارة المسلمين معركة أحد. فلو ان عبد الرحمن ابن عوف الذي كان يقود كتيبة الحماية ما ترك سفح الجبل وهرع ليجمع الغنائم حين تراجع المشركون..لما انتهز الفرصة بذكاء خالد بن الوليد وحصل ما حصل. وكان لسيف ذي الفقار وسيوف صحابة آخرين الفضل في حماية النبي من مقاتلين شرسين.

   ومع ان سيفا آخر لعلي" البتّار..أحد سيوف النبي ايضا" موجود مع سيف الخليفة عثمان بخانة واحدة في القاعة التي تضم سيوف النبي والخلفاء الراشدين, فأن الاحتمال المرجّح لرفع "ذي الفقار" من المتحف كان بأمر من جهة عليا, وان لهذا الاجراء ارثا سيكولوجيا نبهني اليه تصريحان حديثان منسوبان لاردوغان, حمّل في الأول مسؤولية انهيار الدولة العثمانية الى (الثورة العربية الكبرى)لتعاون قادتها مع البريطانيين والفرنسيين في دحر الجيش العثماني, مع أن الأمبروطورية العثمانية انهارت من داخلها, فيما اشار في الثاني متباهيا بأنه حفيد السلاجقة والعثمانيين. والمعروف ان السلاجقة سلالة تركية حكمت افغانستان, ايران, سوريا, العراق, الجزيرة العربية..وانها دخلت الاسلام في عهد زعيمها سلجوق سنة 960 ميلادية, وان مقاليد الامور في عصر نفوذهم حين صاروا احدى اقوى دول المشرق, كانت بيدهم ولم يبقوا للخليفة العباسي سوى المظاهر الشكلية.. فيما كانت الامبراطورية العثمانية التي اسسها عثمان الأول واستمرت 600 سنة اقوى امبراطوريات زمانها.. ما يعني سيكولوجيا استثارة دوافع السيطرة في الشخصية التركية التي تمتاز بـ (تضخم الانا) وتعشق الابهه والفخفخة والسلطنة, واستعادة النفس الطائفي الذي شنته في حروب كان احد اسبابها مذهبيا, مع ان هذا (الوعي الطائفي)لا يخدم تركيا التي يريد اردوغان ادخالها في الاتحاد الأوربي.

   من جانب اخر, شكّل اردوغان في السنوات الخمس الاخيرة ظاهرة فريدة من نوعها بأن وفّق بين الدين والسياسة في انموذج ديمقراطي استثنائي وجمع بين اضداد في توليفة جاءت على نحو فريد, وأنه يتمتع بذكاء اقتصادي وشخصية كارزمية, لدرجة ان احدى امنيات العرب في ربيع ثوراتهم كانت ان يأتوا بحاكم عربي على غرار اردوغان..من اجمل فضائله انه ليس فاسدا!.

هذا يجعلك تستبعد ان يكون تفكير سلطته او من سبقتها بهذه السطحيه.لكن (السيكولوجيا) تنبّهنا الى ان السلطة في اوقات الصراع يتحكّم بها التعصب القومي في ثلاث حالات: وجود خطر خارجي, او استرداد حق مغتصب, او ردّ اعتبار..لاسيما السلطة التركية التي تحرص الآن عبر ساستها ومسلسلاتها التلفازية على ان تذّكر العالم بأنهم قوة عظمى, وانهم يستعيدون الآن تلك العظمة.

هل بالغنا في الموضوع وذهبنا به بعيدا؟ ربما..لكن حقيقة العرب والمسلمين انهم ينشغلون بالماضي ويوظفون أسوأه و"توافهه"في اذكاء حاضر نفوس مأزومة, ولأننا على يقين من دلالاته بخصوص منطقة تعيش الان مرحلة..انعدام اليقين!.

27/5/815

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمد الحربي
2012-12-03
استاذنا العزيز انتةدكتور وواصل مرحلة بالنسبة للسيف سالت مدير القاعة عن سر عدم وجود سيف ذوالفقار كال انه لايخرج الافي ايام الشريفة الاسلامية اي ليلة القدر مع بردة الرسول ومقتنيات الرسول صلى الله عليه وسلم وقد اعطي اهميةن كبيرة من قبل الجانب التركي مع تقديرنا لكم وشكرا
حجي محمد
2012-10-20
مقال قيم وفيه معلومات جداً قيمه ..بوركت دكتور قاسم ..المزيد ان شاء الله ..
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك