خضير العواد
إن الظروف الصعبة والمؤلمة التي تمر بها الشعوب الإسلامية تدفع حكوماتها لكي تفكر في حلول معينة لهذا المعضلات التي ظهرت في الدول الإسلامية وخصوصاً الطائفية التي ستأكل الأخضر واليابس إذا تركت بدون مواقف حازمة من قبل الشعوب الإسلامية وحكوماتها ، وأكثر الدول التي تدعم وتمول ظاهرة الطائفية والإرهاب وتتدخل في شؤون الدول الإسلامية الإخرى هي المملكة العربية السعودية ،علماً لقد اختلفت السياسة الخارجية السعودية كثيراً عن المتعارف عليه فقد كانت في الماضي تتدخل في الشؤون الداخلية للدول وتحوك المؤامرات ولكن من بعيد ويغلب على عملها السرية المفرطة فكان يظهر على سياستها شئ من الإتزان واللباقة ، ولكن في هذه الأيام سحبت المملكة قناعها من على وجهها وبدأت تعمل على المكشوف بشكل جريء وتعسفي تحت أعذار واهية وضعيفة وساذجة يضحك منها كل إنسان عاقل ، وبسبب حاجة الأمة الإسلامية لعقد مؤتمر أو تجمع يعطي الحلول الشافية والقاطعة في مثل هذه المشاكل وتخوّف السعودية من أن تأتي النتائج ضدها أو في أقل تقدير لا تصب في مصلحتها سارعت في إقتراح لعقد قمة إسلامية إستثنائية في أراضيها لكي تتفادا المفاجئات التي قد تضعها في مواقف محرجة ، لهذا هيئت المملكة عنصرين مهمين لإنجاح القمة حسب المواصفات السعودية وتحقيق الأهداف التي من أجلها عقدت هذه القمة هما عنصر الوقت المتمثل بأختيار شهر رمضان ولياليه العشر الأواخر والتي تعتبر من أكثر الليالي قدسية عند المسلمين وعنصر المكان فكانت مكة المكرمة التي تعتبر من أقدس الأماكن وأشرفها عن المسلمين قاطبةً ، فقد أبتعدت هذه القمة عن قضايا الأمة المهمة كألقضية الفلسطينية وتهويد القدس الشريف ولم تعطي هذه المسألة التي تهم كل مسلم إلا بعض الكلمات التي إستنسختها من قرارات القمم السابقة وكذلك مشاكل المسلمين وما يعانون وفي مقدمتها قضية مسليمي بورما وما يتعرضون إليه من جرائم وتصفية عرقية يندى لها جبين البشرية ، فلم تقف هذه القمة الموقف الحازم من الحكومة البورمية بل نددت ومن ثم نقلت ملف مسليمي بورما الى طاولة الأمم المتحدة التي يعرفها الجميع كيف تحل المشاكل وهي التي يسيطر على قراراتها أعداء الإسلام وكذلك بطئ تحرك المنظمة الدولية في حل مثل هكذا مشاكل ، علماً إن القضية البورمية تحتاج الى تحرك سريع وشافي لكي يتم وقف حمام الدم المسلم هناك ، علماً إن الدول الإسلامية عندها العوامل المهمة والضاغطة التي من خلالها يمكن الضغط على الحكومة البورمية من أجل إيقاف هذه المذابح وخصوصاً الدول التي تقع بقربها أو تحيط بها كبنغلادش وماليزيا وأندونيسيا أو الدول التي ترتبط معها بمصالح مشتركة ، ولكن هذه القضايا التي تهم كل مسلم في العالم لا تهم أو تتواجد في عقلية المخطط الذي أقترح عقد القمة الإسلامية الإستثنائية لأنها ليست من إهتماماته وأولوياته لهذا لم يعطها اي إهتمام أو تركيز ، ولكن غاية السعودية من عقد هذه القمة ظهرت من خلال مقترحها في تأسيس لجنة للتقريب ما بين المذاهب (الحوار مابين المذاهب) ويكون مقرها الرياض وبذلك سوف يسيّطر الفكر الوهابي على هذه اللجنة التي لا تريد في حقيقتها التقارب بل تريد العكس لكي تبقي الأمة الإسلامية متفرقة ومتشرذمة تنتهشها المؤامرات وتعصف به الإزمات ، لأن لو كان يراد لهذه اللجنة النجاح والقيام بمهمتها أفضل قيام لكان مكانها سيكون في دولة تتبنى مواقف معتدلة وقريبة من جميع المذاهب الإسلامية كمصر مثلاً التي تحتضن الأزهر المشهور بمواقفه المعتدلة ، ولكن إختيار الرياض وسيطرت الفرقة الوهابية على مصادر القرار فيه ومواقف هذه الفرقة الطائفية التي تقف وراء كل هذا الشحن الطائفي بالإضافة الى مواقفها المتشددة من جميع المذاهب الإسلامية إذن فكيف ستدير مؤسسة الحوار هذه وهي السبب الحقيقي في التباعد والفرقة ، وقد ظهرت عدم جديّة السعودية من مسألة التقارب بل طرحته فقط لكي ترسخ الحلول التي يتبناها الفكر الوهابي والتي تضعف الأمة وتربكها عندما إقترحت قرار إبعاد سوريا البلد المسلم المهم عن منظمة التعاون الإسلامي ، وكذلك تفرد السعودية في قيادة القمة الإسلامية وأبعدت الدول ذات طابع الأعتدال عن القيادة كمصر وإيران ، لكي يتاح للمملكة التحدث بأسم الدول الإسلامية وهي التي تقوم بتنفيذ المخططات الغربية في ضرب الشعوب والحكومات الإسلامية ، وبذلك نجحت المملكة العربية السعودية في عقد هذه القمة في هذه الظروف الحرجة والتي نتج عنها ترسيخ الحل الوهابي للمشاكل التي تعاني منها الدول الإسلامية وفي مقدمتها الطائفية التي يدعمها ويغذيها الفكر الوهابي ؟؟؟؟؟ ، وكذلك قيادة السعودية للحكومات الإسلامية وهي التي تتدخل في الشؤون الداخلية لأغلب الدول الإسلامية .
https://telegram.me/buratha