التحليل السياسي/ غانم عريبي
كيف يمكن تصديق ما حدث بإحدى نقاط السيطرة التابعة للجيش العراقي في ديالى قبل مدة حين ظهر ثلاثة من الإرهابيين "غير ملثمين هذه المرة" وهم يترجلون من سيارتهم ويقتلون بدم بارد ومسدسات كاتمة للصوت مجموعة من العسكريين التابعين للجيش العراقي من دون ضجة وعلى وقع التكبيرات "الله واكبر" ودم يسيح بلا رقيب او حسيب؟!.
الشريط تم تسريبه من قبل الخلية الإرهابية القاتلة، وللتسريب أهداف منها أنهم يظهرون لنا وللأجهزة الأمنية وللجيش العراقي ولكل مسؤول ونائب وقيادي في حزب وزعيم كتلة ورجل امن أنهم موجودون في الساحة العراقية وقادرون على اصطياد فرائسهم من أبناء القوات المسلحة ببرودة أعصاب، والجنود نائمون بفانيلاتهم وقمصان الاستراحة في الكرفانات المبردة،
والمؤلم الذي يوجع بقوة إن هؤلاء القتلة السفاحين ذبحوا إخوة لنا كما ظهر في الشريط، فيما كان هنالك جندي على مرتفع خرساني داخل النقطة العسكرية يراقب، وهو مدجج بالسلاح وينظر لمشهد أصدقائه وهم يقتلون، كما لو انه ينظر لمشهد تراجيدي في تلفزيون محلي!.
لم انم البارحة وأنا أعيد مشاهدة الشريط مرات ومرات.. كنت استعيد في الحقيقة "ضعفنا الأمني" و"هواننا على الإرهابيين"، ونحن نملك السلاح والعتاد والقوة ونحمي جنودنا بالصبات وأجهزة السونار والكرفانات المكيفة بل لم افطر كما ينبغي للصائم ان يبل ريقه من ظمأ الصوم من وجع الإهانة، وعشت الليلة البارحة وأنا اقلب أمرنا الصعب المستصعب واسأل نفسي: كيف جرى الأمر وهل يمكن ان يحدث هذا بعد تسع سنوات من وجود قوة حقيقية في الشارع وجيش يعد الآن إعدادا ممتازا في العقيدة العسكرية وفي مواجهة التحديات المختلفة التي يواجهها العراق وتجربته الوطنية؟!.
إذا كنا كذلك بعد تسع سنوات كيف يمكن مواجهة الأخطر والأقوى والأشرس حيث كتائب الذباحين على الأبواب مضافا إليها جيوش تركية تتحرش وتهديدات باختراق السيادة الوطنية تتقدم نحونا زاحفة وهي تحمل على أكتافها كراهية 14 قرنا من الطائفية والقتل على الهوية؟!.
ما حدث خطأ امني يتحمله الضابط المسؤول وآمر اللواء والفوج والفرقة ورئيس غرفة العمليات العسكرية في ديالى ولا تبرير في التقاعس وتنظير ومن يحيل المسألة الى تقاعس الجنود يحيل نفسه الى المحكمة العسكرية والقضاء الحكومي المسؤول بتهمة غياب الحزم المفترض والمتابعة المستمرة لنقاط التفتيش والسيطرات العسكرية المنتشرة على الطرق الداخلية والخارجية..
هنا اسأل:أين الحزم أيها المسؤولون عن الأمن، وإذا كنتم غائبين عن متابعة حركة السيطرات وملاحقة ما يجري بشدة ومسؤولية متعاظمة وحزم كبير وكأنكم تخوضون معركة مفتوحة وضارية ـ ونحن كذلك لليوم مع الإرهاب ـ كيف ستقنعون الشعب العراقي وأهالي ديالى والمارين في الطرق الخارجية إنكم قادرون على ضبط الأمن ولن نتحدث بعد اليوم بموجب ما نرى وما نلمس عن نهاية الإرهاب والقضاء على خلايا الدم وتنظيم القاعدة في العراق؟!.
مشهد قتل الجنود في سيطرة محلية بديالى أعاد الملف الأمني في الحقيقة إلى المربع الأول وربما يعيد صورة الأوضاع الأمنية القلقة التي سادت الساحة العراقية في الـ2005 و2006 بعد أن استبد السفير الأميركي زلماي خليل زاد بالملف الأمني وقلص من حجم التدخل العراقي في متابعة الإرهاب وجرى ان المسلحين هبطوا في شارع حيفا يقاتلون الدولة.. واليوم يجري الأمر ذاته في العامرية والسيدية واليرموك عبر توزيع المنشورات الطائفية وتشكيل ما يسمى الجيش العراقي الحر ونشاط غير مسبوق للبعث الدوري وعودة أنشط لعناصر الطريقة النقشبندية للساحة العراقية وهم يبشرون بإسقاط النظام الوطني وعودة "السيبنديه"!.
أخيرا أقول.. لا يجب ان تمر هذه الجريمة الإرهابية المروعة من دون عقاب مثلما ينبغي ان يسرع القضاء العراقي البت بفي أحكام الإعدام بحق العتاة والمجرمين حتى لا يتحولوا بسبب إيقاف الأحكام او التأخر في تقرير ملفاتهم الجرمية إلى منصة لاستهداف مديريات مكافحة الإرهاب وسجون وزارة العدل!. اضربوا بيد من حديد لكي يروا بأسنا وشدتنا وجهدنا الاستخباري فهم "جبناء" لا يجيدون لعبة الموت إلا وقت الظهيرة او أثناء تناول منتسبينا إفطارهم كما حدث قبل عدة أيام أطراف بغداد..إن شعبنا يطالبنا بالحزم وربنا يأمرنا بقتالهم وتطهير الأرض من رجسهم بقوله "قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله".
https://telegram.me/buratha