المقالات

الشيخ الصغير والأكراد وحديث المارقة

1584 13:39:00 2012-08-21

د. حسين الشويلي

تصاعدت الكلمات المجرّحة بسماحة الشيخ الصغير وصدر تعميم على ما يبدو من الجهات المعنية لخطباء كردستان لكي تدلي بدلوها في هذا التجريح، والمستغرب جداً أن هؤلاء الخطباء إن صح الخبر الذي نقلته الحرة العراق ادانوا اعتبار الشيخ الصغير أن الأكراد هم مارقة ومصدر العجب إما لأنهم لم يسمعوا محاضرة الشيخ الصغير حول الحراك الكردي، وإما أنهم لم يفهموا اللغة العربية، ولا أخفي أني منذ ان صدر مقال فخري كريم وهو ملحد رسمي إن صح التعبير والتي هرّج وجريدته حول هذا الموضوع حتى أعدت سماع محاضرة سماحة الشيخ فوجدت الجميع (يخوط يم الإستكان) إن كان بريئاً، أو مرتزق من مرتزقة التسول السياسي كما هو عهدي بفخري كريم (عضو مكتب سياسي في الحزب الشيوعي قبل طرده لسرقته أموال الحزب) وحسن العلوي (وهو أشهر من أن يعرف به في مجال التسول) وأشباههم، ولأن هؤلاء نافخي نيران مدفوعي الثمن فلن يجدي الحديث معهم، ولكن أعتقد أن مخاطبة خطباء كردستان ومعهم من خدع بكلمات هؤلاء جديرة بالاهتمام، لأنها يمكن ان تساهم بتحقيق ما أراده النافخين نار تخريب العلاقة بين الشيعة والأكراد.

فالمارقة في اللغة العربية كما يصف صاحب لسان العرب هي سرعة الخروج من شيء، ومرق السهم من الرمية أي خرج من الجانب الآخر. انتهى، ويكون المروق معيبا وجارحاً لو تم استخدام المروق في الموضوع الديني، لأنه يستدعي القول بالخروج من الدين أو التعدي من محرماته، وسيكون معيباً لو جاء الوصف أخلاقياً، ولكنه سيكون كلمة عادية جداً حينما يستخدم في وصف الأماكن والأشياء، فالسهم مارق إن خرج من القوس، والقافلة مرقت من الحي إذا ما تجاوزت حدود الحي، والحيوان مرق إن خرج من إسار صائديه، وهكذا.. وبالعودة إلى حديث الشيخ الصغير فإن المروق المستخدم فيه هم من جنس الأمر الثاني لا الأمر الأول، فهو يتحدث عن مكان إلى جانب الترك، وهذا المكان تمرق منه مارقة بناء على حيثيات حرب وأزمات كبيرة تجتاح الشام، مما يجعل الشيخ الصغير يستدل على أن هذا المروق هو انفصال سياسي لهذه المنطقة من النظام الشامي الذي كان يحكمها، وقد استدل بدلالة المكان ودلالة القوم أن المراد به هو أكراد سوريا الذين سينفصلون عنها ويعلنون نظاماً سياسياً خاصاً بهم، وكل الكلام جاء من دون ادنى تعريض أو إهانة او مثلبة بأحد، وعندئذ أين وجد السادة خطباء كردستان أن الشيخ الصغير وصف الأكراد بالمارقة بالمعنى الديني او الأخلاقي؟ أليس جلياً أن الأكراد في كل مكان كانوا ولا زالوا وسيبقون ينادون بحق تقرير المصير، وهم لأن لم يطالبوا بها في بلدان لأسباب سياسية أو امنية او اقتصادية، فإنها باقية في عقولهم كحق قومي في عصر كان الصراع السياسي فيه قومياً، وكردستان سوريا ليست استثناء من بقية الأكراد، فهم يطالبون الآن علناً بذلك نتيجة للأوضاع الامنية والسياسية المكفهرة في سوريا، ولعل الشيخ الصغير كان غامزاً من طرف خفي بنصيحة إلى أكراد سوريا أن لا يفعلوا ذلك لأن الأتراك سيستغلون ذلك في القضاء على هذا المشروع كما أوضح ذلك في محاضرته التي لحقت بهذه المحاضرة بعنوان: الحراك التركي، ولذلك أعتقد أن الأمر ليس بالصورة التي هولتها مقالات كثيرة، وكان الأجدر بالاكراد والقيادة الكردية أن يضعوا الحديث في ميزان المتحدث أيضاً الذي يصنف بأنه من أصدقائهم السياسيين، ولا أشك أن الكثير من المتابعين لأخباره ومواقفه ربما كانوا ينتقدونه بسبب دعمه لمواقف الأكراد، وهو أمر لم يتضح لي على الأقل إلا في خطابه الأخير في يوم القدس حينما تحدث عن استراتيجيات المرحلة، والتي تبين أنه يتحدث عن العلاقة بين الطرفين الشيعي والكردي باكبر من التفاصيل اليومية التي تخرج نتيجة الحراك السياسي..

اعتقد أن هذه الأزمة قدمت رسالة مزعجة عن العلاقة بين الطرفين، وأثبتت أن الكثير من الأكراد وسياسييهم مستعدون على الفور لنسيان كل الصفحات الإيجابية في العلاقة مع أصدقائهم، بل وتمزيقها لمجرد حديث يبدو أنه جاء في غير وقته، وكان الاجدر أن تعمد القيادة الكردية للملمة أطرافه وعدم السماح للأمر بالوصول إلى هذه النتائج، مع أن الشيخ الصغير أصدر توضيحا لحديثه وهو في العادة قليل التصريح والرد خصوصاً ضد من ينتقدونه..

إن كل الأحاديث قابلة للفهم بكل الاتجاهات، ويمكن أن تحمل على وجوه كثيرة، وفي أحاديث الكثير من القيادات السياسية الكردية الكثير مما يمكن أن يفسر في خارج إطار العلاقة الطيبة بينهما والقيادات السياسية الصديقة لهما خصوصاً لمن يريد ان ينبش احاديث التاريخ، ولكن من الواجب القول بأن الإعلام الصديق لهم لم بحمل ذلك على هذه المحامل، ولم يفسرها بأكثر مما تسمح به الظروف، وكان الأليق عدم إفساح المجال لأمثال فخري كريم الذي يدعي أنه كبير مستشاري رئيس الجمهورية ولا لآمثال حسن العلوي الذي كان مصطفاً فترة طويلة مع ذابح المظلومين الأكراد ويطبل ضمن جوقة النكاية بهم، وأنا مطمئن من أن الأيام لن تمضي سريعاً حتى ينقلب هؤلاء على أصدقاء اليوم، لأن الكتابة عندهم والرأي المسيطر على عقولهم هو ما يرجونه من إدرار مالي أو سياسي يرتد إليهم، وبغيره فإن سهام العداوة ستتبدى منهم.

إن كان تهدئة الموقف مقبولاً في فترة من الفترات فأعتقد أنه ضروري ولازم أكثر من أي وقت في هذه الفترة العصيبة التي تمر بالجميع، لأنها لن تأتي إلا بالمزيد من قوة عدوهما المشترك، وهي مسؤولية مشتركة على الطرفين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
جبار
2012-08-23
تبقی النبرة العدائية ضد الاکراد ‌هي السائدة سواء من النخب والقيادات ،أو من الافراد العاديين کالمعلقين ادناه، الواقع المأساوي هو إن عرب العراق لا يتعظون من التاريخ ولا يعون بأن هذا يقود بالعراق الی المربع الاول، بهذه العقليات إني أری الحرب الاهلية الکردية العربية قادمة لا محال وتکون النصرة داءما وأبدا للشعوب المقهورة والمظلومة
ابو احمد العراقي
2012-08-22
تحدث عن جميع شعوب الارض ولا تتحدث عن الاكراد لانهم ملائكة الارض كما يعتقدون وهاي جاية من عقدة وترى مو ذنبهم ذنب من اوحى لهم بذلك
ابن العراق85
2012-08-22
اذا كان كلام الشيخ فيه تجريح وذم وكلام (من جيبه) فالاولى باهل الكوفه ان يخرجوه بالمظاهرات والتنديد لان من جمله كلام الشيخ ومحاضراته انه نفر من الكوفه يقاتل ضذ الامام واهل الكوفه من قوميه ودين ومذهب الشيخ ....لما هذا التهريج والضجيج يااكراد العراق؟؟
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك