بسم الله الرحمن الرحيم
بعد ان جمع رمضان خوان البركة التي مدها لشهر كامل ورحل على امل اللقاء في العام القادم طرق بابنا شهر شوال مستهلاً يومه الاول بعيد للمسلمين يجتمعون فيه لصلاة عيد ويُخرجون فيه زكاتهم ويتبادلون التهاني والاماني ويتجمعون على خير ومحبة تحت مظلة دين واحد .
ولقد اعتاد كل بيت على استقبال الضيوف في هذه الايام المباركة ليكون العيد عيدا متكاملاً بلقاء الاحبة ولقد كان نصيبنا ضيف من النوع الذي اجده مناسبا ً لطرح ملامحه كمقالة لسببيين الاول لمعرفة ان كان هذه الحالة عامة وان هناك من قد التقى بتلك الملامح ؟ او ان الصدفة تجعلها تتكرر لدي ؟!! و الثاني لاخرج من دوامة تفكير اخذتني بعد لقائه ولا تتوقف الا اذا سجلتها في سطور.
ضيفنا تربطنا به صلة رحم أو صداقة بهذا يكون مقربا ً من ناحية الرؤى والمفاهيم ولقد قدم الينا ليحيي صلة الرحم أو المودة امتثالا لامر الله وليقتل معزته في قلوبنا في النهاية ؟!! , وملامح هذا الضيف انه يدخل منزلاً لساعات محدودة ليقدم تهانيه ويحصل على سبق الثواب في صلة الرحم وما أن يقرأ معتزته في ترحابك وحسن ضيافتك حتى يبدأ بما اسميه جس نبض في طرح المواضيع التي تبدأ عامة ولتتخصص بعد ذلك بما يجعلك متوتراً فهو يختار مواضع اختلافك معه في شيء ليكون نقطة يراوح فيها حتى تهز راسك بانه محق ليكف وربما غايته اثارة حوار يشترك فيه الجميع بحرارة غير ان ثمار ذلك تكون جافة وجارحة أغلب الاحيان لهذا اطلق على هكذا نوع من الضيوف بضيف الاثارات فهو يتخذ من عقر دارك منبرا ً لطرح أرائه التي ينتقيها خصيصا ً لاثارتك ويستغل تمسكك بأصول الضيافة من الرد بحسم عليه وبذلك يعيش نشوة الانتصار التي يعبر عنها بضحكات اكثر ما احسبها هستيرية .
ولن اخوض في تفاصيل ملامحه فان كنت قابلته ستدرك باقي الملامح ولن اناقش الاسباب التي ادت الى تبلور هكذا شخصيات والتي هي معلومة من واقع ما عاناه بلدنا والنفوس المريضة التي بدأ تعدادها بالتصاعد ولكن نقاشي سيكون في كيفية التصرف معه ؟!
كثيرا ً ما اتأسف على تنامي شعوري بالرغبة في خروجه من منزلنا وان ينسى عنواننا وكثيرا ً ما احاول كسر جدار الصمت الذي جعله والدنا دستورا مقابل كل من يذهب بعيدا ً في كلامه كأشارة باننا غير راضين ولكني اجد ان ذلك الضيف يقرأ الاشارة على ان لا احد يمتلك جوابا ً مضاداً لذا فهو صائب في اطاريحه , المسألة ليست حربا ً وانما زيارة لعائلة تربطك بها صداقة او قرابة ولمدة ساعات فلماذا تكون المواضيع حساسة واولها مسألة الهلال واي يوم فطرتم؟ والتي تقود الى استعراض في نظريات الفلك من حيث ان الهلال اصبع أو اصبعين !! ومن ثم التعريج الى اختلاف رأي المرجعية بنحو يخدش احساس الغيور عليها وبعدها يدخل عالم السياسة وينهال يمنة ويسرة على الشخوص ويكيل التهم بالجملة ويربط الدين بالسياسة وهنا تحديدا ً تبدأ معاناتي فلقد استسلمت لاي حوار يدخل فيه الضيف سواء ان كان جيدا ً أو كان دون المستوى فهو يعكس بيئته ودرجة معرفته وهو ضيفي وعلى رأسي ولكن حين يمس معتقد واساس يركز عليه كيان اسرة هنا لابد من ايقافه عند حده وان كان ضيفا ً وطبعا ً في اطار ادبي بحت .
والواقع اننا نعيش هذا الواقع في كل مكان وزمان ولكن ان يكون الزمان عيدا والمكان ساحتك ويتجاوز الاخرون ويعلمون ان هذا الامر هو حساس بالنسبة للمضيف هنا يكون الضيف قد دخل نفق الجسارة الذي لابد ان ينتهي برد حاسم يجعله يتقوقع في مكانه , مرت عشرات الاعياد علّي في أسرة همها الاول والاخير ان يخرج الضيف راضيا ً فكانت التقية حجة قبل السقوط حينما يسخرون من صيامنا في عيد اعلنه خادم الحرمين الذي يتناول المنكر مع بوش !! ولكن بعد السقوط كان الادب حجة حتى لا نجادل وهذا ما اجده منافيا ً لشعيرة مهمة في الاسلام وهو الامربالمعروف والنهي عن المنكر .
وحقيقة يهمنا كثيرا ان نصحح المفاهيم لبعضنا البعض ويهمنا اكثر ان لايزرق الاشخاص معتقداتهم وقناعاتهم في اجساد الاخرين عنوة ان المسألة خيارية بحتة فحتى عبادة الله اختيارية في تطبيقها ولم يجبرنا الله على شيء فلقد وهب لنا فطرة سليمة وقبس نور نهتدي به وعقل نزن به الامور فلما يقوم المخلوق بما لم يفعله الخالق .
المواطن العراقي بدء يتجه الى هذا النفق المظلم فأما ان تتفق معه في كل شيء واما ينصرف عنك ويشكك حتى في جداول الضرب التي تحفظها وطريقه بيانه تتجه الى الصراخ والتسلط وربما دون ان يعلم وردود افعاله انفعالية والامر واضح جدا حتى لمن يقودون البلد ولكن اليس من واجب بعضنا البعض التنبيه للامر , لماذا عندما يذهب ننتقد ما صدر منه وان كان نقده بشكل مباشر امر صعب جدا ً في حيز التطبيق غير انه ليس بمستحيل خاصة بأستخدام رؤوس اقلام ليفهم ومن ثم التوغل في ساحته ان كان ذو صدر رحب .
هذا الضيف المثير للجدل يقودني الى التوتر اثناء حديثه وربما ترك المكان ان مس ما اقدس واجل ان لم يكن منزلي وان كان سأضطر الى جوابه ولكن الامر يأخذ معي مأخذ من حيث حفظ التوازن بين ايقاف المقابل عند خط لا يتجاوزه وبين ان لا ينكسر ويتألم وهو ضيف وان صمت سأنفجر بعد خروجه وعندها سأأكل لحمه ميتا ً فلماذا لا يجب الغيبة عن نفسه ؟.
صناعة الذات تراجعت رغم ان الطاغية الاكبر قد زال ورغم ان الفرصة سانحة من حيث امتلاك الحرية الدينية فالدين هو المادة الخام لتلك الصناعة النفيسة والامر ليس صعبا ً فكما ان الجسد بحاجة دائمة الى نظام غذائي (ريجيم ) يبقيه متزنا ً كذا الروح بحاجة لذلك النظام الذي يحذف اشياءا ويضيف اخرى حتى تكتمل الشخصية والمصيبة هو رضا الانسان عن نفسه وهذا ما الحظه لدى الكثيرين فلو انه قابل ذات يوم عالم زاهد سيشعر كم هو صغير امام هؤلاء العمالقة الذين اتقنوا وبتوفيق من الله تلك الصناعة النفيسة الدوائر تضيق بنا فكلما خرجنا من دائرة الى دائرة اصغر حتى لا نصطدم نجد من يمس محيط الدائرة ويحاول اختراقها ويبدو ان العمل لابد ان يكون في جميع المجالات لينجح مشروع بناء وطن فبناء الذات من اهم المرتكزات .
اسعد الله ايامكم بالخير وتقبل الله صالح الطاعات ونسأل الله ان يتم نعمته علينا بظهور مخلص الامة وقاهر الظلم والطغيان الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد واله الغر الميامين وسلم تسليما ً كثيراً.
بغداد
https://telegram.me/buratha