نتناول في هذه السلسة سيرة كتاب أختاروا أن يكونوا كلابا تنبح مقابل عظام يرميها أسيادهم، ولم نكن نرغب في ولوج هذا المسار لولا أنهم طرقوا بابنا..ومن طرق بابا سيسمع الجواب....واللافت في الأمر أننا لم نكلف أنفسنا عناء كتابة ردود على هؤلاء النباحين، فسيرتهم مبثوثة في كل مكان لأنهم نباحين ليس إلا، ولأن نباحهم يدل عليهم..والبعرة تدل على البعير..ومعذرة من الأخوة الذين كتابوا عنهم فقد "إستللنا " ما كتبوا، وحسبنا أنه منشور في أمكنة عديدة....
ــــــــــــــــــــــــــ
هنا نثبت بعضا من دفتر ذكريات "الرفيق" الشيوعي شوكت خزندار عن رفيقه "فخري كريم"
نص مما جاء في كتاب سفر ومحطات للكاتب شوكت خزندار، صفحات 306ـ 319 :شركة الرواد ومشاكلها ! لماذا أتهم فخري كريم بالأختلاس والتخريب !
*********
منذ البداية ، عندما حصل الحزب ، على امتياز ( الفكر الجديد ــ بيري نوي ) قرر،عزيزمحمد ، تشخيص المدعو ( فخري كريم ) صاحب الأمتياز للجريدة وهو لا يجيد القراءة والكتابة باللغة الكردية وترجم أسم الجريد بـ((فكري تازة)) وقد نوهتُ الى المحادثة بين الأثنين ، عزيز وفخري .
طريق الشعب في الطريق !
قبل التوقيع على ميثاق ( الجبهة الوطنية والقومية التقدمية ) في 17 / 7 / 1973 م كان الحزب قد أختار طاقم جريدة " طريق الشعب " . وشخص عبدالرزاق الصافي ، رئيساً للتحرير ، اضافة لمهمته الأساسية (قيادة جهاز أمن الحزب ) … وفخري كريم ، مديراً لها .. كانت طريق الشعب تطبع في مطابع جريدة "الثورة " لحزب البعث بادىء الأمر . ! والحزب يفكر في تأسيس مؤسسة اعلامية مركزية تشمل طريق الشعب والفكر الجديد والثقافة الجديدة ..اضافة الى مطبوعات الحزب الأخرى. وكان ( محمد كريم فتح الله ) مع عدد من الرفاق الأكراد والعرب يتولون أمور أصدار جريدة ( الفكر الجديد ــ بيري نوي ) ولا علاقة لفخري كريم بها . أشترى الحزب مطبعة وبناية ( دار الأخبار ) . كانت المطبعة بحاجة الى تحديث. ثم تم شراء ماكنة للطباعة وهي قديمة أيضاً، تعود الى الحرب العالمية الثانية، كانت مرمية في احدى السراديب في " الشورجة " بمبلغ ( 3000 ) ثلاثة آلآف دينار ولتلك الكتلة الحديدية قصة مثيرة ، سأتحدث عنه لا حقاً، تم تصديرها ، فيما بعد بمبلغ 3000000 ثلاثة ملايين دولار .! بعد أن أتم الحزب ، دراسة شبه متكاملة لتأسيس مطبعة حديثة، طلب من الحزب الحاكم في (المانيا الديمقراطية) تأسيس المطبعة بكل ملحقاتها .
كانت لدى المانيا الديمقراطية صناعات متطورة في انتاج المطابع . طلبات الحزب ، كانت تشمل ماكنة (سافيرا) تنتج تلك الماكنة ( 60 ) نسخة من الجريدة في الدقيقة الواحدة، عند اشتغالها بطاقاتها القصوى، أي " عنتر زمانها" ولم تتمكن العاملين استغلال هذه الطاقة الأنتاجية .
أجابت الجهات الألمانية المختصة،لقد وقعنا عقداً ببيع كامل الأنتاج الى (الولايات المتحدة الأمريكية ) لمدة ثلاث سنوات. وكانت هنالك ماكنة واحدة (سافيرا ) مخصصة للحزب الشيوعي ( التشيلي ) وبعد الأطاحة بحكومة (اليندي) الغيت الصفقة، فأصبحت الماكنة من حصتنا، أرسل عدد من الرفاق الى ( المانيا الديمقراطية) للدراسة والتدريب وهم أصلاً من عمال الطباعة والفنيين .
بدأت تصل المكائن تباعاً، بلغ اجمالي المشتريات، قرابة مليون دينار عراقي .أي أكثر من ثلاثة ملايين دولار . منذ بدايات تأسيس مؤسسة الرواد أصبح ( فخري كريم ) المسؤول الأول في التصرف بكل أمور المؤسسة .
المالية، الأدارة ، الطباعة والتوزيع والتسويق . رغم وجود هيئة ادارية شكلياً. وكان رئيس مجلس الادارة (زكي خيري ) في البداية ، ثم هرب من تصرفات فخري كريم وجاء آخرون وهربوا أيضاً من فخري كريم وهم ( كريم أحمد الداوود ) و( ثابت حبيب العاني ) والثلاثة كانوا أعضاء في المكتب السياسي وفخري كريم لم يكن يتمتع حتى بصفة عضو لجنة حزبية سفلى، كان عضواً عادياً لكنه يحضى بالدعم الكامل من قبل عزيزمحمد ، ولم يكن عزيز يعلم، بأنه " حرامي " على حد وصف زكي خيري .
قال الخبراء والمعنيون وأكدوا، ان ( شركة الرواد ) تستطيع تمويل الحزب مالياً، أي يعيش الحزب على أرباح الشركة.! إلا ان الذي حدث هو خلاف كل التوقعات كانت المؤسسة، تستنزف مالية الحزب..الى أن وصل الأمر بعزيزمحمد ليصرخ:(لا نريد المؤسسة ولا الشركة ،لا المطبعة، ولا الأدارة نطبع صحافتنا في مطابع تجارية .. لقد أفلسنا من وراء هذه المؤسسة التعيسة ) .
عارضه عدد من أعضاء المكتب السياسي ( وهذا يؤكد ، لو كان أعضاء المكتب السياسي، هم بمستوى المسؤولية، لمعارضة عزيز محمد في قراراته الخاطئة لأنصاع الى آرائهم .) ولكنهم كانوا صامتين في أغلب الأحيان عن الأخطاء القاتلة عن قصد أو دون ادراك. وبصدد المطبعة قالوا له : ((الأصلاح بدل التفليش لنتعرف على مكامن الخطأ ، لماذا يحدث هذا. )) ؟
فخري كريم، يتصرف كما يشاء رغم وجود المدير المفوض ( الدكتور موفق فتوحي ) ومدير المطبعة ( حازم سلو ) لا يستطيعون اتخاذ أي قرار ، إلا بأيحاء أو طلب من فخري ! من خلال تلك المعمعة، في المكتب السياسي ، شُخص ( سليمان استطيفان ـ أبو عامل ) وهو ضابط عسكري متقاعد وحقوقي وعضو مركزي ، نزيه مالياً واجتماعياً وهو كعسكري ، حازم في الادارة ومن أبرز صفاته الأيجابية، هو إشراك رفاقه العاملين معه في الأدارة . خلال سنوات طويلة رأيته محبوباً لدى الجميع، وكان مسؤولاً عني حزبياً ، وكنا معاً في سجن( نقرة السلمان ) ضمن مجموعة ما عرف ( بقطار الموت ) بعد الأنقلاب الفاشي عام 1963 م . وكنا مجموعة مكونة من ( 46 ) شيوعياً معتقلين في عهد( عبدالكريم قاسم ) عرفته في السجن، كسب ثقـة الكـل لهدوئـه واتـزانه واحترامه لجميع رفاقه. وبحق أصبح عضواً في اللجنة المركزية ومكتبها السياسي، وتولى في فترة الكفاح المسلح، في كردستان بعد الهجرة الجماعية مسؤولية القائد العام لأنصار الشيوعيين . وأشترط قبل موافقته على تولي رئاسة المؤسسة منحه تخويلاً كاملاً لكل ما يتخذه من اجراءات في المؤسسة .
جاء بالرفيق ( كمال نعمان ثابت ) وهو ضابط عسكري، كان يقود (الأنصار) في كردستان، وعينه مديراً مفوضاً في المؤسسة، بعد أن أقال الدكتور ( موفق فتوحي ) المدير المفوض السابق. ومن ثم جاء بضابط عسكري آخر وهو ( أحمد شفيق ــ أبو ازدهار ) من مدينة الموصل، عينه مديراً للمطبعة بعد أن أقال المدير السابق ( حازم سلو) .
ثم استحدث مديرية التوزيع والمخازن، وأختار ( ملازم أمين ــ أبو وفاء ) مديراً للتوزيع والمخازن .
وبقي أمام ( أبو عامل ) مهمة أخرى، أعتبرها من أهم المفاصل في المؤسسة وهو ( مدير الحسابات ) عين صديق الحزب ( أبو مؤيد ) وهو محاسب قانوني متقاعد كان مدير أحد أقسام الحسابات في وزارة المالية، أشترط أبو مؤيد على أبو عامل توفير شباب من خريجي كلية التجارة قسم الحسابات. وافق أبو عامل على ذلك.. وهكذا أصبح لدى المؤسسة ( ستاف ) جهاز كامل للحسابات مكون من سبعة محاسبين متمرسين . وكان الرفيق ( محمد خليل ــ أبو تحسين ) أمين صندوق الشركة بقي في مكانه وهو رجل نزيه وصادق. وشكل أبو عامل مجلساً للأدارة من مدراء الأقسام والمسؤولين المباشرين في المؤسسة وكانت المؤسسة قبل ذلك تفتقر ، مجلساً للأدارة وبدأت أمور المؤسسة تتحسن تدريجياً .
ومدير الحسابات أنغمر في مراجعة شاملة لملفات الشركة، الشحيحة أصلاً وأكتشف قضايا مثيرة للدهشة، تتعلـق بالأختلاسات والتلاعب والهــدر لأموال المؤسسة . وتمكن مدير الحسابات من تشخيص حريق مخازن الشركة كحالة مفتعلة. تهدف أصلاً الى التستر على استيرادات كبيرة من حبر أوفسيت والكمية كانت غير صالحة للأستعمال أصلاً ومن المنشأ. واستيراد ألف طن ( ورق رول متري ) للجريدة مغايرة للمواصفات المطلوبة. كان وزن الورق(53 غرام) والمستخدم في مطبعة الحزب كان ( 49 غرام ) من ( فلندا والنمسا ) وفارق الوزن كلفت الشركة ( 48 طن ) من الورق ذهبت هدراً. مع كميات كبيرة من ( بليت محسس ) يستخدم لطبع الجريدة بقياسات ومواصفات مغايرة لما هومطلوب وتبين ان الـ ( بليت غير محسس ).
بعد أن أصبح ( فخري كريم ) مجرداً من المسؤوليالت في المؤسسة، وانحصر عمله في مهنته الأساسية ، كمدير تحرير الجريدة بدأ بشن حملة شعواء ضد العاملين في المؤسسة، بدءً من أبو عامل وانتهاءاً بآخر موظف في الشركة .
من جهة أخرى، كانت أصابع الأتهام توجه الى ( فخري كريم ) لكل ما جرى في المؤسسة من تجاوزات وخاصة في مجال المالية .قدم أبوعامل (سليمان استطيفان) تقريراً مفصلاً، بكل التجاوزات، الى المكتب السياسي وعزيزمحمد..وبعد دراسة تقرير ( أبو عامل ) وبأقتراح من عزيزمحمد تشكل هيئة تحقيقية بهدف التحري والتوصل الى التجاوزات في المؤسسة..وكنتُ قبل التطورات والتغيرات والتي أشرتُ اليها أستلم بصفتي عضو ( لتم )، تقارير من منظمات الحزب كافة ! وبصورة خاصة من مكتب منظمة بغداد، حيث ان أكثرية العاملين في المؤسسة هم من سكنة بغداد، ومرسلين من منظمة بغداد. كانت التقارير تشير الى الوضع السىء في المؤسسة والتجاوزات التي تحدث فيها .
كنتُ قد قدمتُ تقريراً مفصلاً مع بعض المقترحات الى المكتب السياسي . سلم عزيزمحمد التقرير الى ( أبو عامل ) للأستفادة من محتوى التقرير .
جاء الرفيق ( أبو عامل ) الى غرفتي في المقر المركزي وقال :أريدك أن تكون معي في المؤسسة، كنائب مسؤول الحزب في مؤسسة الرواد وكان أبو عامل المسؤول الحزبي في المؤسسة. وأضاف: " لدينا مشاكل جمة خاصة فيما يتعلق بالمشتريات من السوق المحلية أو الخارجية، ونتعامل بمبالغ طائلة. وقال: حدثت اختلاسات وهدر أموال المؤسسة. وأتخذ المكتب السياسي قراراً بتشكيل هيئة تحقيقية، تتولى التحري والوصول الى الحقيقة وقــرر المكتـب وبأقتراح من عزيزمحمد على أن تكون أنت ، رئيس الهيئة التحقيقية ولك صلاحيات كاملة في التحقيق مع أي كان في الحزب بمن فيهم أعضاء المكتب السياسي. كانت اشارة واضحة للرفاق الثلاث ! زكي خيري وكريم أحمد الداوود وثابت حبيب العاني، في واقع الأمر صدمت بالقرار، وقلتُ في قرارة نفسي ، يبدو ان حجم الكارثة أكبر بكثير مما توقعت ، في بادىء الأمر، رفضت مقترح أبو عامل .. ولكنه أصر وقال :
أريدك أنت بالذات ، لأنني أعرفك وانت لا تجامل أحداً ، مهما كان هذا الأحد انك عنيد، ( أعتقد انه قالها بهدف ايجابي وليس الذم ) وكنا على وئام تام . وافقـت ولأكثر من أسبوع إنشغلت في تسليم مهماتي الحزبية في (لتم) والتي اسندت الى كل من :
1ـــ جاسم الحلوائي ، عضو سكرتارية اللجنة المركزية ومسؤول ( لتم) .
2ـــ عبد لوهاب طاهر عضو اللجنة المركزية
3ـــ حسين سلطان مرشح اللجنة المركزية .
4ـــ أسعد خضر عضو ( لتم )
ــ نعمان التميمي ، ملازم خضر ، كان مسؤول أمن المقر .
بعد كل هذا التوزيع ، بقيت ثلاث مهمات حزبية.. قال جاسم الحلوائي : يا ألله خمس رفاق استلموا المهمات من أبو جلال ؟ مع ذلك نحتاج الى رفاق آخرين .. ماذا كنت تفعل يا أبو جلال ؟ !
أجبت: للأسف الشديد ، كنتم منغمرين في الزيارات والحفلات ولا تدركون ماذا يحدث !تم نقل ( حميد بخش ، أبو زكي ) الى موقعي وأستلم بقية المهمات في ( لتم ) . كان أبو زكي ، في بلغاريا لمدة سنتين يدرس أمورالتنظيم في المدرسة الحزبية عند عودته كان يعمل في طريق الشعب، كصحفي .. والغريب في الأمر، كان أبوزكي خلال دراسته أعد أطروحة حول أمور التنظيم والتي أقرت من قبل الهيئة التدريسية في ( صوفيا ). وطبعت أطروحته باللغة العربية في كراس أرسل الى المركز .. كنتُ قد أستلمتُ كراسه ، ولكن رفاقه الميامين أحرقوه في برميل ( الحرق ) في باحة المقر ، تقديراً وتثميناً لجهود الرفيق ؟! هكذا كانت تجري الأمور في الحياة الداخلية للحزب .
في المـؤسسة !
بعد أن أنهيت عملي في ( لتم ) التحقتُ بالمؤسسة ، وأستلمتُ المهمات التالية :
1ــ مدير المشتريات المحلية والخارجية ( استيرادات ) .
2ــ عضو في مجلس الأدارة .
3ــ اقتناء واختيار الكتب والأدبيات الماركسية من بيروت ( دار الفارابي ) .
4ــ نائب مسؤول تنظيم الحزب في المؤسسة .
5ــ رئيس الهيئة التحقيقية في المؤسسة .
كنتُ أزور بيروت بصورة متواصلة شهرياً وأستورد الكتب والكراريس لمكتبة (الطريق ) في بغداد .. احياناً أزور بيروت مرتين في الشهر وذلك حسب الحاجـــة للكتب الجديدة .
من خلال زياراتي المتكررة الى بيروت ، توثقت علاقاتي مع الرفيق ( كامل شاهين ) مديرعام ( دار الفارابي ) وكان عضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني . كان رفيقاً رائعاً وثيق الصلة مع الحزب الشيوعي العراقي ، يمتدح ويحب حزبنا كثيراً ، وهو من أصل سوري .
كان الرفيق ( زكي خيري ) قد جمع كتابات " فهد " في مجلد واحد ( مؤلفات فهــد الكاملة ) مع تقديم زكي خيري .
في احدى زياراتي قال : كامل شاهين :
جاء فخري كريم ، الى بيروت ، وكتب صفحة واحدة لمؤلفات " فهد" بعنوان :
(اعداد وتقديم فخري كريم ) . وصدرت الطبعة الأولى لمؤلفات " فهد " بمقدمة من زكي خيري ، واضاف يطلب فخري كريم ، بحصته من ريع الكتاب . وقال شاهين أنا وقعت العقد مع الرفيق زكي خيري ، والريع يعود له ، أرجوكم أدرسوا هذه المشكلة عندكم في بغداد .
عند عودتي ، طرحتُ الموضوع على الرفيق ، زكي خيري الذي قال :
(( يا رفيق ، عمري لم أشتغل في التجارة ولا أريد المال ، الحصة مني لفخري كريم ، ليشبع . )) . ثم قال : ألم تسمع بقصة ( نبيل حياوي ) ؟
أجبت لا يا رفيق ، أريد سماعها ..! قال : (( عام 1972 م في فترة تطور الحوار بيننا وبين البعث .. فخري رجل تاجر وذكي في مجال التجارة .. كان يعلم جيداً حاجة السوق الى الكتب والكراريس الماركسية ، انه يشتم الرائحة على بعد ميل))؟ ( عادة يطلق مثل هذا الوصف على الكلاب البوليسية المدربة ) . يواصل زكي :
(( نبيل حياوي عضو حزبي ، وهو أبن صاحب ( مكتبة النهضة ) أتفق مع فخري كريم ، حيث أعد له بعض الكتب والكراريس الماركسية ــ اللينينية وحسب قول فخري ، سلمه مبلغ من ألفي دينار ، واتفقا على تقاسم الربح . وبعد الطبع وبيع الكتب أستولى ( نبيل حياوي ) على رأسمال فخري وأثمان الكتب بالكامل. ولا يوجد عقد بين الأثنين، لهذا فأن فخري محرج ولا يستطيع المطالبة قانونياً . يواصل زكي : جاء فخري وطرح المشكلة عليّ وطالب بطرد ( نبيل حياوي ) من الحزب ، ويقول انه حرامي ( ؟؟! ) كيف يكون حرامي في حزبنا ؟ !
ويواصل زكي كلامه سائلاً فخري : انك دخلت في صفقة تجارية ونحن كحزب لا نعلم شيئاً بهذا الخصوص ، ولم تأخذ رأي الحزب . أنت تتحمل نتائج اعمالك !!
التجارة عبارة عن ربح وخسارة ؟ !
أجاب فخري كريم : عن أية خسارة تتكلم يا رفيق ، ربح الكتب 100 % يجب طرده من الحزب !
ــــــــــــــــــــــــــ
للتاريخ لسان ! (2 )
شوكت خزندار
.......أجابه زكي خيري ، نحن حزب شيوعي نعمل بين الجماهير ، وهناك في صفوف الحزب من هو حرامي ومن هو مختلس وحتى أبناء العاهرات . وأضاف زكي ، ومنذ ذلك اليوم ، لم يعد ، فخري كريم يطرح عليّ أية قضية تتعلق بهذه الأمور))!
من الملاحظ ان المدعو ( فخري كريم ) يذكر رقم 100 % وقال ماركس :
))ان الرأسمال يخاف من غياب الربح ومن الربح التافه جداً . كما تخاف الطبيعة من الفراغ ، ولكن ما أن يتوفر ربح كاف يصبح الرأسمال جريئاً . ويكفي ربح 10 % ليشتغل الرأسمال في أي مجال كان و 30 % ينشط و 50 % تتملكه جرأة مجنونة و 100 % يدوس بالأقدام جميع القوانين البشرية و 300 % ليس ثمة جريمة لا يجازف بارتكابها حتى لو قادته الى حبل المشنقة . )) .
أشدد على عبارات الرفيق زكي خيري ك : حرامي ، مختلس ، أبناء العاهرات .
وأيضاً : لم يعد فخري كريم ، يطرح أية قضية تتعلق بهذه الأمور .
وطالما المدعو فخري كريم ، ذكي جداً في هذا المجال ، التقط كلمات زكي خيري وعرف هو المعني بتلك العبارات .. وليس لديّ تعليق آخر، فالحقائق الآتية من خلال الحديث عنه في دار الرواد وبيروت ودمشق ، سوف تكشف للقارىء الكريم عمق وصدق كلمات زكي خيري .
فلا غرابة اذن ، من التصرفات الشاذة لفخري كريم ، في حياته التجارية والحزبية ! انه وحش مفترس .. حسب قو كارل ماركس .
وكان ماركس .. قد وجه كلامه الى البرجوازيين والرأسماليين ، ولم يخطر بباله أن يظهر في صفوف الشيوعيين " أحدهم " يريد الربح مئة في المئة ؟ هل أخطأ ماركس يا ترى . أم ان فخري بحد ذاته هو عنصر شاذ في صفوف الشيوعيين العراقيين ؟
وكان الرفيق زكي خيري ، على دراية تامة بتاريخ فخري كريم ، ففي عهده بالذات ، عندما كان يقود منظمة الفرات الأوسط عام 1964 م أكتشف اندساس ( فخري ) فماذا يفعل زكي خيري ، كما قال : ما باليد حيلة ، فعزيزمحمد ظهيـره القوي ويسانده في كل شيء ، حتى بعد أن تبين انه مخرب ومختلس في المؤسسة . وقال زكي خيري أيضاً : ان عزيزمحمد ، كان قد عرف في قضية اندساسه ومع ذلك رفع عنه كل الشكوك ويتعامل معه كأنه أحد قادة الحزب .
تجميع الوثائق !
في المؤسسة كان الرفيق ( كمال نعمان ثابت ) المدير المفوض لشركة الرواد يرسل ليّ أية وثيقة أو قصاصة ورق تتعلق بالهدر والأختلاسات في الشركة وفي عهد ( فخري كريم ) . بعد أشهرأمتلأت اضبارة التحقيق ، وكنا نجمع كل ما يتعلق بالمؤسسة ، الى أن أكتملت الصورة لدينا .
المؤسسة تقترض الورق !
جريدة الثورة تزودنا بالورق !
ذكر ليّ الرفيق ( سليمان استطيفان ) : منذ شهرين ونحن نقترض الورق من جريدة " الثورة " وسندشن الشهر الثالث ، تحرك لأستيراد ألف طن من الورق للجريدة ، المشرف الفني في المطبعة ( سعدون علاء الدين ) سوف يقدم لك ، المواصفات المطلوبة . سلمني ( سعدون ) حسب توجيه سليمان استطيفان المواصفات .. سألت : أي منشأ تفضل ؟
أجاب : النمساوي أو الفلندي .!!
وجدتُ فرصتي ، حيث الورق المستورد قبلي ، من الدولتين المذكورتين . ذهبتُ أولاً الى ( السفارة النمساوية ) والتقيت مع الملحق التجاري قدمتُ له طلبنا وطالبته بتقديم العرض سريعاً . سأل : ما هي الكمية المطلوبة ؟
أجبت : ألف طن !
قال : وكم هي العمولة ؟
استغربت وقلت : وكم تدفعون ؟
أجاب : حسب الكمية أولاً وطلبك أنت . كم تريد ؟ ثم أضاف ، ليست هناك نسبة محددة ، كل شيء حسب الأتفاق .. ونحن لا نخسر شيئاً .. نظيف العمولة الى السعر الأساسي ، دون الأشارة الى العمولة .. حدد ما تريد ، تستلم هنا في بغداد وبالعملة العراقية ؟ أم لديك حساب في احدى البنوك الأوربية ؟
بالطبع هو لا يعلم ، انني رئيس هيئة تحقيقية ونريد معلومات موثقة ورسمية ، لذا سألت : وكم دفعتم قبلي ولمن ؟
فهم سؤالي دون أن يفهم هدفي .
قال : لا تخشى شيئاً .. أسمك سيبقى سراً ولا نشير بأي شكل من الأشكال الى أسماء عملائنا ولا يكتب في السجلات التجارية . هذه القضايا سرية للغاية.! أطمئن ؟ !
حاولت كثيراً ، ولم أحصل على أي أسم .. وقلت أريد 10 % لا هنا ولا في أوربا يتم تخفيض 10 % من السعر وتثبت في قائمة العرض ، خصم 10 % من اجمالي المبلغ ، أنا شيوعي وأشتري للحزب !
قال : وقبلك كانوا رفاقاً في الحزب ؟
أجبت : على أي حال الوضع إختلف الآن .!
في اليوم الثاني ، ذهبت الى ( السفارة الفلندية ) .. سمعت نفس الأسطوانة ، كما سمعته في السفارة النمساوية .!
في اليوم الثالث ذهبت الى السفارة ( السوفيتية ) والتقيت مع الملحق التجاري ، أخبرته بما نريد وذكرت ان أهم شيء السرعة وإلا فأن جريدتنا المركزية تتوقف عن الصدور ؟
قال مستغرباً : لأول مرة تطلبون منا الورق ؟
سألت : كم تدفعون العمولة ( كومشن ) ؟
أجاب : ولا روبل واحد ؟ نحن لا نتعامل بهذه الصورة .!
أجبته : اذن عليك أن تفهم ، لماذا لم يتعامل أحدنا معكم في السابق .!!
المهم وعلى وجه السرعة استلمنا العرض . ووافق مجلس ادارة الشركة على العرض ، وفتحنا لهم الأعتماد المطلوب ، في مصرف الرافدين في بغداد .. وثبتنا بنداً في عقد الشراء ، الورق ( واصل بغداد ) وفي السابق كان الورق يصل البصرة ، ميناء المعقل وشركة الرواد كانت تتحمل تكاليف النقل الى بغداد .
ابتكار جديد من قبل ( فخري كريم ) !
بعد أن تم تجريد ( فخري ) من كامل المسؤوليات في الشركة وبقائه في مهمته الأساسية ( مدير تحرير طريق الشعب ) وبعد مهاجمة العاملين في الشركة ، دون استثناء وبأساليب سوقية ( كما هو أصل فخري ) ،عمد الى القيام بأعمال تخريبية . كان من المقرر اغلاق الصفحة الأولى لجريتنا المركزية ، في الثانية عشر ليلاً أي بعد آخر الآخبار .. عمد فخري الى تأخير ارسال مواد الصفحة الأولى الى المطبعة حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل . سبب ذلك ، تأخير صدور الجريدة في اليوم الثاني . وبدأ رفاق ومنظمات الحزب ، يحتجون على المؤسسة مرة أخرى .
وهذا ما كان يبغي فخري محاولاً أفشال ( سليمان استطيفان ) في إدارة المؤسسة .
كان رد سليمات استطيفان ، على ذلك هو انه أتخذ قراره وأبلغ ( عبدالرزاق الصافي ) و عزيزمحمد قائلاً لهما : ان أستمر فخري كريم على أسلوبه التخريبي سوف تصدر طريق الشعب في اليوم الثاني وصفحتها الأولى بيضاء ، وأنتم تتحملون مسؤولية ذلك أمام الحزب والجماهير .!
ارغم المخرب ( فخري كريم ) على الألتزام بمواعيد ارسال المواد الى مطبعة الحزب .. !
لكن فخري لم يتوقف عند هذا الحد ، بل شرع مجدداً في تآمره الرخيص لعرقلة عمل المؤسسة . اتصل بيّ ثلاث مرات متتالية ، محاولاً اقناعي . شرع في الأطراء والمديح الكاذب ، كان يقول ليّ ، أنت وحدك تستطيع قيادة المؤسسة ، وما حاجتنا الى كل هؤلاء المدراء و " الهوسة " فيما لو وافقت سوف أكلم أبو سعود ( عزيزمحمد ) وهو بدوره يتخذ القرار . كان مطمئناً جداً من تحقيق امنياته وما يبغيه من خلال السكرتير ( ...... ) . تحدثتُ مع سليمان استطيفان والمدير الموض .. حول النوايا الخبيثة لفخري ومحاولاته التخربية .!
قال أبو عامل : سوف أكلم عزيزمحمد أترك المسألة ليّ .!
من جهة أخرى توصل أبو مؤيد ، مدير قسم الحسابات ، الى كشف الاختلاسات
والسرقات ، ومن بينها رواتب مدفوعة لأناس لم يكونوا في المؤسسة يوماً ما . وحريق متعمد لمخازن الشركة ، مما أدى الى تدمير أطنان من الورق وكميات كبيرة من الحبر الملون للأوفسيت وغيرها من المواد التي كانت في مخازن الشركة .
التحقيق مع " فخري كريم " !
بعد أن تكون لديّ تصور أولي وموثق من مدير الحسابات تتعلق بالمسائل التالية
1ــ استيراد كميات كبيرة من حبر أوفسيت : الوان مختلفة ، من شركة هندية المنشأ ، لا تصلح للأستعمال من المنشأ ( اكسباير) لقاء عمولة مقدارها 16000 ستة عشر ألف دينار عراقي ، أي قرابة خمسون ألف دولار .
2ــ استيراد ألف طن ، ورق رول متري ، بوزن يتراوح بين 52 و 53 غرام وكانت المطبعة ، والعراق عموماً تستخدم الورق بوزن 49 غرام .
3ــ هناك وصولات في مطبعة الحزب ، تشير الى ان فخري ، قد طبع عدداً من الكراريس والكتب على حساب المطبعة ، وزعت في الأسواق لحساب الخاص لفخري .
بعد ان تداولتُ في كل الأمور مع ( فخري كريم ) وطالبته ، بدفع كل ما بذمته من تكاليف لطباعة الكتب والكراريس الخاصة به . ادعى انه دفع كل المبالغ ، ولديه الوصولات الرسمية بذلك .. أكدتُ له ان هذه بداية جيدة , أريد الوصولات الرسمية طلب مدة أسبوع لتقديم الوصولات .. وافقت . مر أسبوع ثم أسبوعان ، وبعد شهر جاء ليدعي ، انه لم يجد الوصولات ، لقد ضيع مجموعة من الورقيات بضمنها الوصولات . كذبته تلك رسخت لدينا القناعة، بأنه مختلس ، وانه وراء كل ما حدث في الشركة من تخريب في عهده الغير مشرف .في جلسة أخرى قال :
لماذا لا تستفسر من المدير المفوض السابق ( الدكتورموفق فتوحي ) وزميله الدكتور ( كاظم حبيب ) ؟ !
قلت له : أولاً أصحح قولك ، أنا أحقق ولا أستفسر ، هذه هيئة تحقيقية مشكلة بقرار أعلى هيئة حزبية . ثم لماذا تريد توريط الدكتور ( كاظم حبيب ) وما علاقته بالمؤسسة ؟
قال : الأثنان لديهما مكتب تصدير واستيراد في منطقة القصر الأبيض تحت أسم (مكتب منى الأقتصادي ) تفضل حقق معهما ، هما يستوردان ..أولاً تبين ان هناك ( مكتب منى الأقتصادي ) وشراكة كاظم حبيب مع فتوحي . وفي الواقع لم أكن أعرف شيئاً من هذا القبيل ، أولاً الدكتور كاظم حبيب عضو اللجنة المركزية ومتفرغ للعمل الحزبي ولوائح الحزب الداخلية لا تسمح للمتفرغ العمل خارج مهماته الحزبية ومشاركته في مكتب تجاري مع موفق فتوحي ، يعتبر تجاوزاً على اللوائح الداخلية وليس للمؤسسة أو الهيئة التحقيقية أية علاقة بهذا الموضوع.
يحق لكاظم حبيب العمل خارج تفرغه فقط بقرار الحزب .
وكنتُ على معرفة بوضع ، كاظم حبيب ، كان موظفاً في المجلس الزراعي الأعلى ويعتبر بدرجة وزير ، يسلم راتبه الوظيفي الى الحزب ، ويستلم الراتب الحزبي وفق نظام الرواتب في الحزب .. وأيضاً كنتُ أعلم ان ( كاظم حبيب ) لم يرد أسمه بأي شكل من الأشكال بأن له علاقة في الأستيراد . اذن فخري كريم كذب علينا بهدف التهرب وحرف مسار التحقيق .
اما الدكتور (موفق فتوحي) فبعد تحريات وتحقيقات خاصة من خــلال عـــدد كبير
من موظفي الشركة إتضح انه مدير بلا مقعد ، ولا يستطيع معارضة السيد فخري وأكد المقربون لفتوحي ، انه كان مجرد بيدق بيد فخري .. ولم نحصل على أية وثيقة تدينه في الأختلاس أو هدر أموال المؤسسة . مدير الحسابات ، تحرى كثيراً عن هذا الموضوع وتأكد انه لم يكن بأستطاعته ( فتوحي ) تعيين حارس ليلي .. وحتى لو كان متورطاً كما حاول ( فخري ) ، كان بأمكانه أن يقدم أدلة ملموسة عن ( فتوحي ) اذا كان صادقاً ويعتبر نفسه شيوعياً .؟ لكن الوثائق كانت تدين ( فخري ) وحده فقط .
من هـو نوري حسين !
نوري حسين ، هو أخ فخري كريم يعمل سائقاً في وكالة ( نوفوستي) السوفيتية . كان فخري قد عينه ، كمحاسب في المؤسسة براتب قدره ( 35 ديناراً ) دون أن تكون له علاقة بالمؤسسة ، سوى علاقة وهمية فالرجل لا يعرف عن المحاسبة شيئاً . كل شهر يذهب الى أخيه فخري ويستلم راتبه .. لسوء حظ ( فخري ) وجد المحاسب وصولات فخري موقعة بدفع رواتب أخيه . أنكر فخري في البداية هذه الحقيقة .. بالمناسبة 35 ديناراً كان راتب موظف محترم في بداية السبعينات .
التقيت مع ( نوري حسين ) وطلبت منه استرجاع المبالغ التي بذمته . ادعى قائلاً، كنتُ أعمل في الشركة كمحاسب لكن الغريب انه يجهل أوقات الدوام ومن كان معه في الحسابات . ومن جهة أخرى فأن الرفاق العاملين في الشركة لا يعرفونه ، خاصة ( محمد خليل ــ أبو تحسين ) فهو أقدم رفيق في الشركة وهو أمين صندوق الشركة .
قلت له : طيب نرجع الى دفتر " بلانجو " لمعرفة ما هو لك وما هو عليك ؟
قال وباستغراب : عفواً ما هذه الكلمة ، كلمة " بلا نجو " ؟ !
ضحكتُ كثيراً قلت يبدو أخوك فخري لم يدربك جيداً ؟! عليك دفع المبالغ ، أرجو أن لا نضطر للجوء الى المحاكم الرسمية .!
أجاب : لو بعت بيتي ، لا أستطيع دفع هذا المبلغ . تصور ايها الرفيق الشيوعي يدعي انه كان محاسباً ، ولا يعرف أسم " بلانجو " ؟! هذا هو فخري كريم .
عزيزمحمد ينقذ فخري !
بعد الاعيب ( فخري كريم ) ومحاولاته المتكررة لأعاقة سير التحقيق واخفائه الكثير من الأدلة الدامغة توصلتُ الى القناعة التالية :
اذن لابد من شهادة من لهم تجربة مـرة مع فخـري كريم ،وليس هنـاك أي شـك في نزاهتهم المالية وانما المطلوب المعلومات المتوفرة لديهم عن ( فخري) والرفاق هم :
1ــ زكي خيري
2ــ كريم أحمد الداوود
3ــ ثابت حبيب العاني
تحدثتُ مع الرفيق ( سليمان استطيفان ) عما توصلتُ اليه من قناعة . طلبتُ منه ان يلتقي مع الرفاق الثلاث والطلب منهم تقديم معلوماتهم عن ( فخري) حيث كانوا رؤساء في المؤسسة , سليمان استطيفان ، طلب مني أن أحرر كتب رسمية وأطلب حضورهم أمام الهيئة . وطرح ما لديّ من الأسئلة . أعترضت وقلت :
هؤلاء أعضاء في المكتب السياسي وأنت رفيقهم في المكتب ، من الواجب أدبياً أن تتحدث معهم ، وأنا أحرر لك الأسئلة .. ومن يقول ، ان عزيزمحمد يوافق على أسلوب استدعاء الرفاق في المكتب السياسي ؟
أجابني : أنت مخول من عزيزمحمد منذ البداية ، في التحقيق مع أي كان في الحزب وهذا قرار رسمي .. أرجو منك أن لا تتهاون حتى معي ، مصلحة الحزب فوق أي اعتبار . حرر الكتب وأنا بدوري أسلمها الى عزيزمحمد . وانتهى الأمر .
نفذت ما طلبه مني .حررتُ الكتب ، أخذها الى عزيزمحمد .في اليوم الثاني تلقيتُ
مكالمة هاتفية مفادها ، لا تترك موقع عملك سوف يأتي الرفيق السكرتير للحديث معك .
حضر عزيزمحمد في الموعد المحدد . بعد تبادل التحايا طلب مني أن نخرج معاً الى باحة قسم التوزيع في مقر الشركة حيث لا يريد التحدث في مكتبي , ولا يريد أحداً يسمعنا بسبب حساسية الموضوع .. أخرج الكتب المحررة مني وقال :
)) ماذا تفعل أبو جلال ، أتريد أن تضع الحزب في ورطة .؟ الا تدري نحن نواجه حكومة البعث . ؟ أغلق ملف التحقيق وأنتهى)) .
قلت : يا رفيق أبو سعود ، اليس أنت بالذات وضعتني على رأس الهيئة التحقيقية، وأنا أمارس المطلوب مني .
قال : لم أكن أعلم أن تصل الأمور الى هذا المنحى . وضعنا لا يحتمل ذلك .
أجبت : يا رفيق أولاً الرفاق ليسوا متهمين ولا توجد أية شكوك حولهم ، كل ما هنالك نريد معلوماتهم حول ( فخري كريم ) فالوثائق تدينه . ثم لا تنسى ايها الرفيق ، نحن مؤسسة رسمية ، بموجب قانون الشركات ، علينا تقديم الميزانيـــة وبصورة رسمية لدوائر الدولة المعنية .. كيف نسدد النقص في المالية؟
قال : أدفعوا من مالية الحزب لديكم .!
ضحكت وقلت : يا رفيق مالية الحزب لدينا لا تكفي لسد هذا النقص .
قال : حددوا المبلغ ، يأتي أبو عامل ويأخذ المطلوب ومدير الحسابات يقدم الميزانية وتنتهي المشكلة . !
هكذا انتهت حفلتنا والسيد ( فخري كريم ) برىء حسب قرار عزيزمحمد . كانت اضبارة الهيئة التحقيقية مليئة بالوثائق ، موجودة في مقر المؤسسة . وعند الهجمة الشرسة من قبل جلاوزة أمن صدام عام 1979 م أخذوا المطبعة وكل محتويات المؤسسة . اتمنى ان يكون الرفاق ، قد أتلفوا ملف التحقيق مع الوثائق الحزبية وعكس ذلك أقترح على ( فخري ) عندما يستلم رئاسة النظام في بغداد ، يكون باكورة عمله الرسمي ، حرق وثائق دائرة الأمن العام في بغداد . كي لا ينكشف أمره وهو رئيس دولة ولا يليق به أن يدان بملف السرقة ووثائق اندساسه في الحزب .
الشركة الوطنية للتأمين تدفع !
الرفيق ( سالم المندلاوي ) محامي المؤسسة ، بعد سنتين من المراجعات وبذل جهود استثنائية ، تمكن أخيراً من استحصال مبلغ 120000 مئة وعشرون ألف دينار ، كتعويض لحريق مخازن المؤسسة . فخري يحرق وشركة التأمين الوطنية تدفع ؟ !
حسب تقدير مدير حسابات المؤسسة ، أبو مؤيد ، فأن الخسائر التي أصابت مؤسسة الرواد كانت كالآتي : ــ
56000 ستة وخمسون ألف دينار ثمن حبر أوفسيت الفاسد من المنشأ .
18240 ثمانية عشر ألف ومئاتان وأربعون ديناراً فرق وزن الورق 48 طن .
380000 ثلثمائة وثمانون ألف دينار ثمن الورق المستورد ، ألف طن . بسعـــر
380 دينار للطن الواحد ، هذه الكمية من الورق أحترقت .
28000 ثمانية وعشرون ألف دينار ثمن بليت محسس أحترق في المخزن .
15000 خمسة عشرألف دينارثمن مواد أولية، حسب تقديرالحسابات احترقت
1140 ألف ومائة وأربعون دينار راتب ( نوري حسين) شقيق فخري كريم.
ــــــــــــ
498380 المجموع الأجمالي أربعمائة وثمانية وتسعون ألف وثلثمائة وثمانون
دينار .
120000 ــ مائة وعشرون ألف دينار أستلمتها شركة الرواد كتعويض عند
حريق مخازن شركة الرواد من الشركة الوطنية للتأمين .
ـــــــــــــــــ
378380 ثلثمائة وثمانية وسبعون ألف وثلثمائة وثمانون ديناراً . هي الخسارة الفعلية في عهد ( فخري كريم ) وهذه هي حصيلة عمله .انها واحد من مفاسده تلاها فسق وفجور تحت سمع وبصرعزيزمحمد ورهطه.
وهكذا أيضاً تمادى هذا المسخ في غيه .
رويتُ قصة شركة الرواد .. وحينها كنتُ أردد مع نفسي ليتني رفضتُ الذهاب الى المؤسسة حتى لوأدى ذلك الى ابعادي عن الحزب … وليتني لــم أتعرف على ما
تعرفتُ عليه .. وتألمتُ كثيراً لما وجدته لدى قيادة الحزب ، حزب " فهد " العتيد !
فسكرتير الحزب عزيزمحمد . بدلاً من صيانة ونقاوة الحزب ، أصبح حامياً للعناصر الشاذة ، التي حرقت نهج الحزب في نتيجة الأمر عن الطريق الوطني.
انتهى ما وثقته في كتابي ( سفر ومحطات ـ الحزب الشيوعي العراقي .. رؤية من الداخل ) .. انتهى الاقتباس .
*************
كلمة أخيرة لابد منها : هل كنتُ غريباً عن هذا الجسد .. أم الجسد كان غريب عني؟ دلوني يا ناس برحمة أبوكم ؟!
https://telegram.me/buratha
