المقالات

بين زهراء وزينب

1082 17:29:00 2012-08-27

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قابلتها في ليالي القدر بعد غيبة لها دامت أشهراً فلقد غادرتنا لاكمال الدراسة الجامعية في احدى المحافظات , تلك هي زهراء الطالبة التي اعادت لذاكرتي بعد معرفتي بها  ملامح طالب الامس فهي المجدة المثابرة المدركة لاهمية الوقت المحددة لهدفها بدقة  , انها ابنة الجنوب التي لم يثنها موت ابيها المبكر عن اكمال مشاورها وإسناد ام بسيطة وقيادة أسرة بوقار شابة يافعة صاحبة إيمان قوي .

تعرفت على زهراء في نفس المكان الذي قابلتها به قبل عام مضى وكانت تتهيأ لاتمام الدراسة الاعدادية و تحتاج الى مساعدة في دروسها ولما كان زكاة العلم تعليمها عرضت عليها ان اتشرف بخدمة طالب علم وكان لقائي بها مرة في الاسبوع ابتدائت باحتياجها لمعلومات علمية واختتمت بحاجتي للقائها للبحث عن مصدر الذي نهلت منه كل هذه العزة والوقار وقوة الشخصية ومضت الاشهر وحصلت زهراء على 90 بالمئة وحزنت زهراء كثيرا ً لانه معدل لا يؤهلها الى دخول كلية الطب التي تحلم بها وقُبلت في كلية الهندسة في احدى المحافظات وشدت رحالها متوكلة بالله بعيون حزينة الى هناك .

عندما التقيتها شعرت بانها معبئة بالكلام فهو يتطاير من عيناها فعرضت عليها جلسة في احد اركان المكان وكان الحوار الذي زاد هموم قلبي فبينما ارقب زهراء وهي تتحدث عن السلبيات والتجاوزات التي تحصل على العلم وعن مفردة الواسطات والتي هي كالمكوك الفضائي الذي يدور في فضاء الجامعات العراقية  انتقل ذهني الى مكان اخر حيث زينب , كنت قد تعرفت على زينب وهي طالبة متوسطة الاداء مؤدبة اتمت مهمة الحصول على شهادة السادس العلمي ومن افضل المدراس وحصلت على معدل متواضع لم يتجاوز ال70 بالمئة وهي غير اسفة كونها انسانة ذات احلام بسيطة وامكانية مادية  جيدة  وقد اثارت همتها  أيام الانتخابات وقيادتها لحملة دعاية لجهة معينة فضولي بالسؤال عن عائلتها لاكتشف انها أبنة شخصية اسلامية  هي علم في الحزب الذي ينتمي اليه , فلقد شاءت الصدف ان القى زينب بعد غيبة مقاربة لغيبة زهراء وتوقعت انها جليسة منزل او انها قد تمسكت بأذيال جامعة اهلية  ولتفجر اعتقادي بمفاجأة قبولها بزمالة دراسية الى الخارج وفي كلية من المجموعة الطبية ! وطبعا لايمكن استحصال هكذا زمالات الاعن طريق .... وبينما ان التقط الجمل المناسبة التي يجب ان اقولها لبنت احترمها واستكثر عليها ما حصلت عليه لانه ثوب اكبر من حجمها  اتمت حديثها بانها لم ترغب بالغربة في ذلك المكان  لذا فلقد طمئنها والدها انه ان لم ترغب في هذا العام سيقدم لها السنة القادمة شيء افضل وهنا وجدته مدخلا ً جيداً  كي اشرح لها ان هذا المقعد الدراسي يرتجيه طلبة هم اعلى منها معدلا ً وامكانيات وانها تهدره بعد امتلاكه وقد كنت افضل كلمة غصبه ولكني رفقت بفتاة تعتقد بان هذا المقعد يستطيع ايا كان الحصول عليه بمجرد طلبه !! ولا اعلم ان كان هذا اعتقادا ً ام إقناعا ً لذاتها لذا لم افكر بهز وجدان يافعة واكتفيت بالاشارة .

مرت علي قصة زينب بينما تتكلم زهراء ,كانت زهراء مسترسلة في كلامها الذي قابله تأمل من جانبي ربما فسرتهُ على انه تعجب من هول القصص التي ترويها ولكنه كان تعجباً من الحياة التي اطلعت زهراء على قبحها فلقد عتبت على الدنيا التي حولت الشباب الى موسوعات عن قبحها وجراحاتها لقد عرفت زهراء وحشية الحياة بعد ان عاشت قسوتها في كنف عائلة معدمة وها هي اليوم ترى ان ما عرفته البارحة هو اهون مما تعرفه  ورغم هذا لم يهتز توكلها بالله وان ما يجري عليها سيكون بعين الله وان البركة ستحل عليها ما دامت صابرة ولا تجزع وتتجه الى ما يتجه اليه من يريد ان يصل الى حيث يدوس على رقاب الخلق .

وبعد ان صمتت بانتظار تعليقي اخبرتها ان ما جرى عليها جرى علينا سابقا ً وكنا نتأمل ان لا يجري على الجيل الجديد ولكن هذا هو واقعنا المرير واستمريت اكرر ( نفس المأساة ) بصوت منخفض اعلانا ً بختام الحوار غير انها عصرت قلبي  عندما اخبرتني ان ما جرى عليك كان بتوقيع صدام المجرم وهو طاغية بينما نحن يجري علينا بتوقيع ... وسكتت واه على يافعة  تلمس هكذا حقيقة من الصعب ان يتقبلها قلب رقيق مثل قلبها لقد ارادت ان افتتح جولة اخرى من الحوار اثر الجملة الاخيرة ولكني اختصرت بجملة فيها اشارة فقلت لها مربتة على كتفها ادفعي ثمن كونك  زهراءاً فردت علَي وهل ان كل زهراء وزينب قد دفعت الثمن !! .

تبسمتُ وذهب ذهني نحو زينب وقلت في قلبي  لا والله  ورجعت الى زهراء لاجدها تبادلني بابتسامة  تستنطقني للاجابة  فأخبرتها ساخبرك في العام القادم ان مد الله اعمارنا والتقينا ها هنا .

لقد خشيت على قلبها فتح الباب لريح جديدة بعد ان عصفت بها ريح ادراك الفساد والواسطات ووحشية المجتمع وقررت ان فتح الباب لابد ان يتاخر الى العام القادم عسى ان يشتد غرس قلبها لمقاومة قوة تلك الريح انها ريح ادراك النفاق ومعرفة ان الاسم  والعائلة والعمامة والشهادة العلمية هي مكملات لجوهر ان كان جوهرا ً سليما ً كان قدوة للاخرين وبلسما ً للمحرومين  وان كان جوهرا ً مريضا ً باتت مصدرا ً لاغواء الناس وصدمة لمن يتكشف حقيقتهم وهو شيء مؤلم جدا وبحاجة الى قوة ايمان عالية حتى لا يهز القلوب لا تعجبا ً لاننا لسنا بمناىء عن الابتلاء بتلكم المصيبة ولا صدمة تجعلنا نتقوقع ونُصدم لان مثل هذه الشخوص مرت بكل احداث التاريخ وقد اشار اليها القران بنحو ينفي تعجب المتعجبين ولكني صدمتي الكبيرة بان اليافع بات يدرك ويتلمس الجراح وأسال الله ان يقوي قلبه بقدر ادراكه وان لا يكون هذا الادراك تمهيدا ً لليأس وعدم الثقة  .

هذا والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد واله الغوز الميامين وسلم تسليما ً كثيرا.

اختكم المهندسة بغداد

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
اخ شهيد
2012-08-27
اولئك ليسوا اتباع هؤلاء، وهؤلاء ليسوا قادة اولئك.
احمد
2012-08-27
ايضا كارثة اخرى
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك