قال لي: أنت متهم بنشر روح اليأس..قلت له كيف وما العمل؟..قال لي لماذا لا تذهب الى "ديرة" جدك في الجنوب وتخلصنا من كتاباتك المزعجة، يا أخي بدلا من أن "تزرع" النقد والسخرية هنا، أذهب هناك "شوف لك شغلة"..ثم أردف: أقول لك أذهب إلى الأرض وأحمل الفأس وأزرعها بدلا من "زرعك" الخائب هنا..قلت له "أنت مصخن لو بردان لو نايم البارحة مكشف؟!"..أنا جدي مات والأرض بيعت من زمان، وكتاباتي مسامير لا تنفذ في جلود تماسيح المنطقة الخضراء..تشرب جاي!
قال لي لا بأس!.. قلت له أتعلم؟ أنه حينما بات الفقير لا يدري أنه فقير إلا حينما يصبح جائعا معوزاً.. وإذا حصل على قرشين يشتري بهما "سمك نهري" ولا يفكر في طعام الغد!.. فتأكد بأن التوجيه الخاطئ والتضليل الفكري المتعمد للرأى العام هو سبب ذلك وهو سبب ما وصلنا اليه من سوء حال.. ولذلك ستستمر الانفلونزا السياسية في تصعيد القضايا وتحويلها لأزمات مجتمعية، ثم تتحول هذه الأزمات بعد تشابكها الى كارثة وطنية، فطالما وصل الأمر لفساد عقول العباد فانتظروا الحصاد مثل الجراد.. قال لي : شنو ها اللغوة..!؟
قلت له..ثم أن إخواننا المصريين وقعوا فيها قبلنا منذ زمان طويل فموسى(ع) كليم الله كان بينهم، ولكنهم لم يعيروه أي ألتفات رغم معجزة شق البحر ولم يؤمن بموسى وربه إلا قومه المخلصون، وأستمرأ المصريون تمجيد الفرعون الى يومنا هذا، وهم يعبدونه من حيث لا يدرون...يحبون الحاكم ويمجدونه الى أن صيروه ألها!..
وفي العصور المتأخرة أعتبر وعاظ السلاطين الحاكم بمثابة "الوالد"..مثلما عندنا بعض الناس يصفون الشرطي والموظف بأبن الحكومة!.. وكأنما الحكومة والدته التي حملت به ووالده الذي أنطفه!..وبديهي فأن حكاية الحاكم الوالد يروج لها المنافقون لأسباب ثلاثة هي على التوالي..
الأول: أنهم منافقون ولا يستطيعون إلا أن يكونوا منافقين!
الثاني: أنهم يريدون أن يقولوا إن الحاكم والحكومة "قدر" كالوالد، فنحبه كالوالد وهو مسؤول عنا كالوالد، ولا يمكن تغيير الوالد فهذا عقوق وجحود! ..
الثالث: أن يجعلونا نتعامل مع الحكومة والحاكم بتبجيل الأب وليس باحترام المنصب، ثم يتطور الأمر الى "فرض" البر بالحاكم الوالد وولي الأمر، وليس معارضة الحاكم الموظف عندنا بموجب عقد توظيف وفقا للدستور، ثم الإحساس بأننا نشتغل عند والدنا بينما الصحيح أن الحاكم يشتغل عندنا ، ولذلك يسمى الموظفون أولاد الحكومة وليسوا بأولاد آبائهم الذين نطفوهم!....
كلام قبل السلام: يوم نعرف أن حب الحاكم يأتي طوعاً وليس قدراً، ويوم نؤمن أن الحاكم ليس والدآ، ويوم نعلم أننا يمكن أن نغيره كلما "ضجنا منه"!.يومها سيكون عراقنا غير العراق الذي نعيش فيه الآن، وسيكون أفضل وأعظم أو على أقل تقدير لن يكون أسوأ مما هو عليه الآن!...
سلام.....
12/5/828
https://telegram.me/buratha