حيدر عباس النداوي
مثلت استقالة محمد علاوي من منصبه كوزير للاتصالات عن القائمة العراقية ثقافة جديدة لم نعهدها من قبل لم يفعلها سوى نائب رئيس الجمهورية عن المجلس الاعلى السيد عادل عبد المهدي لان الثقافة السائدة اليوم هي ثقافة "ما ننطيها" الشهيرة واعتقد ان ثقافة الاستقالة لن تتكر في المستقبل القريب من أي وزير او مسؤول حكومي كبير وهذا يعني ان هذه الثقافة لن تعمم ولن تسود في بلد تباع في المناصب والوظائف بملايين الدولارات.ومع ذلك فانها تعتبر علامة مميزة وانجاز غير مسبوق للمهندس علاوي حتى وان أثيرت عليها زوابع التشكيك والتضليل والتدليس.وقد يضاف الى استقالة وزير الاتصالات وإرساله رسالة تشرح بشيء من التفصيل واقع العمل اليومي والمضايقات التي واجهها في عمله وقد تناولتها جميع وسائل الإعلام بالتفصيل المطول والشرح المستفيض كشف من خلالها للراي العام العراقي ما يجري في المؤسسة الحكومية من تفرد وتدخل في كل صغيرة وكبيرة من قبل افراد الحزب الحاكم المنتشرين في وزارات الدولة وتأثيرهم على أرادة الوزير والغاء دوره وفرض إرادات لا تتماشى ما تطمح الوزارة لتحقيقه حتى لو كانت أرادات هؤلاء الأفراد المحسوبين على سلطة الحكومة او حزب الدعوة تحديدا ضد مصلحة الشعب العراقي.والشيء المؤكد ان وزير الاتصالات كشف برسالته واستقالته ما أعلنت عنه الكتل السياسية من وجود تدخل مباشر من قبل الحزب الحاكم لتعطيل عمل الوزارات وتدخلها بكل عمل مفاصل مؤسسات الدولة وتوجيهها بالطريقة التي تريد دون ان تترك الحق للوزير بتحمل عمل وزارته وهذا التدخل يتعلق بتعيين أشخاص في مناصب حساسة وفرضهم بالقوة على الوزير وجعل العصمة بيد هؤلاء فان خضع الوزير لهؤلاء عاش بثبات ونبات وان رفض تدخل هؤلاء فما عليه الا ان يستعد لواحدة من الاثنين اما التقسيط والتشهير ومجالس التحقيق او الاستقالة وفي الحالتين فان فريق الحزب الحاكم هو الرابح الوحيد لأنه أينما أصاب فتح.ان استمرار نهج تدخل الحزب الحاكم في شؤون الوزارات وزرع اشخاص غير اكفاء في مفاصل حساسة يتركز وجودهم بالدرجة الاساس على افشال عمل الوزارة والوزير يهدف الى خلق بيئة مناخية مناسبة لاعطاء حجة لرئيس الحكومة بالقاء اللوم في فشل حكومته على المحاصصة وعلى الكتل السياسية ومنعه من تحقيق الطفرات الاقتصادية المشابهة لتلك التي تحدث في الصين واليابان وماليزيا كما تمنحه فرصة مجانية لتسقيط خصومه وانهم لا يجيدون استثمار الفرص وخدمة المواطن وهو على حق حينما ينفرد باتخاذ القرارات لانه منح الفرصة تلو الفرصة للاخرين لكنهم لم يتمكنوا من استثمارها.ان استقالة ورسالة المهندس علاوي كشفت عورات حكومة المالكي في وضح النهار واثبتت بما لايدع مجالا للشك من ان المخاوف التي اعلنتها الكتل السياسية عن تفرد المالكي وحزبه حق ليس معه باطل وان الساكت عن هذا الحق شيطان سياسي باطل.
https://telegram.me/buratha