الحاج هادي العكيلي
أمراة من اهل جنوب العراق عندما علمت بأن ولدها وأسمه (( جاسم )) قد غرق في الشط (النهر) ،أهرعت حافية القدمين مهرولة ضاربت الكفين على الخدين ،هزجت مخاطبة الشط الذي غرق فيه ولدها وقالت (( الشط الغرق جوسم لطمنَ .... واحلف دوم ماي ما أشربنه )) .والحقيقة انها أمراة جنوبية تتحدى عوامل الطبيعة التي جعلت الشط ان يمر في المنطقة التي تسكنها لتعلن تحديها بأنها سوف تطمه لانه غرق فيه ولدها وانها أقسمت بانها لاتشرب من الماء الذي غرق فيها ولدها بالرغم من انها كأئن حي يحتاج الى الماء لكي يعيش .
فكم من العراقيين غرقوا في شط البعث الصدامي الكافر بين القتل والاعدام والتعذيب والسجن والجوع والتشريد فلا نجى أي بيت من بيوت العراقيين الا وشط البعث الصدامي قد غرق فيه أحد ابناءه نتيجة للحروب الطائشة والسياسة الرعناء والحكم الاسود الطائفي والعنصري ،فكانت دعوات العراقيين بالتخلص من ذلك الشط قد أستجابة بفضل رب العالمين فسلط عليه من لا يرحمه ... فكانت فرحة العراقيين لا توصف باندثار شط البعث الصدامي الدموي الذي اصبح لونه كلون الدم بفعل القتل العشوائي لابناء الشعب العراقي المسكين ان كان معارضاً أو لم يكن معارضاً .. اسلامياً او علمانياً ... عربياً أو كردياً .... سنياً أو شعياً وبفعل التلاحم والتاخي والتازر لبناء عراق جديد مبني على مبدأ الديمقراطية للوصول الى سدة الحكم .فكانت الانتخابات الحرة لاختيار ممثلي الشعب في البرلمان لتكوين حكومة ترعى مصالح الشعب وليس مصالحهم الشخصية والحزبية ولتاخذ بالبلد نحو التقدم والرقي بعد ان عان من التخلف والحرمان والتسلط وحكم الحزب الواحد والقائد الضرورة ...لتنطلق حكومة الشراكة الوطنية الحقيقية التي بكون البلد بحاجة ماسة اليها في هذه المرحلة من البناء الديمقراطي والمشاركة في اصدار القرار .ولكن النفس امارة بالسوء الا ما رحم ربي ..
فكان العراقيون يحلمون بان يشربوا من شط نظيف لا تشوبه كل شائبة تسودة العدالة والمساواة بين ابناء الشعب العراقي بغض النظر عن الطائفة والمذهب والقومية والدين ليتمتع بتوفير الخدمات التي حرم منها على مدى اكثر من ثلاثين عام ..ولكن بتدا ترمى في هذا الشط الجديد احقاد القومية والطائفية ..خارجية وداخلية ..اقليمية ودولية فظهرت حالات التلوث في الشط واراد البعض ان يغيير مجرى الشط بمساعدة قوى خارجية ولكن محولاتهم لم تفلح ولم تنجح بالرجوع الى الشط القديم الذي اندثر الى الابد ..ولكي يبقى هذا الشط نظيف يروي كل العراقيين لا ان يصب في مصلحة أحد كما يريد البعض وينفرد به باستخدامه كل الوسائل المتاحة الدستورية وغير الدستورية ..بصفقات واتفاقات ..سرية وعلنية ..تنازلات واستحقاقات ..فكان الانفراد في القرار هو هاجس الاخرين من تغيير مسار الشط الجديد باسم الديمقراطية الى العودة للحزب الواحد والقائد الصنم .فان اصوات العراقيين سوف تتعالى وتردد وتهزج كما هزهت المراة الجنوبية (( الحزب ما نفع شعبه ماريدنه ..... وحلف دوم لا أيده وصوت له .))
https://telegram.me/buratha