علي حسين غلام
من السذاجة القول بأن التدخل الخليجي والتركي في سوريا ينطلق من مفهوم أخلاقي لحماية شعب يرزخ تحت قمع السلطة ويعاني الأضطهاد متعطش الى الحرية والكرامة، وهذا التدخل كسابقاتها التي دمرت دول عربية أخرى يحمل عنوان أسلامي في كثير من مضامينه اللفظية ودلالته العملية لتدور ظلماً وبهتاناً حول رحى الأنسانية التي أصبحت أداة للقتل والتخريب وسلعة يتاجر بها العاقين من أغنياء النفط للأسف، ولتعطي الشرعية في التدخل السافر بشؤون دولة مستقلة وشرعنة التجاوز على المواثيق والأعراف الدولية لتنتهك حرامات وسيادة هذه الدولة ويستباح دماء شعبها بنفس الطريقة التي جرت على العراق والعراقيين، بالرغم من كون الاسلام دين محبة وأخاء وسلام وتجلى ذلك في أبهى صورته حين خاطب الباري عزوجل الرسول الأعظم (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، أذاً الرحمة معنى أسلامي منبثق من القرآن وتعني الرأفة والشفقة والرقة في القلب والعفو والصفح ..الخ، أي هناك ألتزام أخلاقي على كل من ينتهج سلوك وعمل أسلامي أن يتصف بتلك المعاني الحميدة ويتحلى بصفاته النبيلة بل أن يحاول أستشراقها ليشع نورها أرجاء المعمورة ليعطي أنطباع حسن وجميل وصورة باهرة زاهية الألوان عن الأسلام والمسلمين، فهل نجد هذه السمات في هؤلاء الأقزام الذين يدعون الأسلام (البراء منهم) هذا اليوم ويعملون وفق تعليماتها وأجندتها؟؟؟ كلا وألف كلا !!! لقد ذاقوا حلاوة الدنيا ومالها الوفير الكثير ليخذلوا الأسلام والمسلمين، وغدوا عراة من الأخلاق يلبسون ثياب الغدر وبقلوب ملئها الحقد وببصيرة عمياء ليعيثوا في الأرض فساداً وقتلاً ودمارا، ويلبدوا سماء الأسلام بالغيوم السوداء والرعد والبرق ليشوه صورته أمام العالم كله، ليعطوا الذريعة والمبرر لمن يشاء للتنكيل بالأسلام ونعته بالأرهاب وحرق القرآن المقدس ورسومات كاريكاتية بحق الرسول الأعظم ناهيك عن المعاملات المشينة للمسلمين في بعض البلدان. في المقابل نرى دول غير أسلامية تعمل لإيقاف سفك دماء المسلمين فيما بينهم وتحاول إيجاد الحلول من خلال الجلوس الى طاولة الحوار للخروج من دوامة الأقتتال الدموي وإنقاذ البلاد من الخراب والدمار، وربما من يقول إن هذه الدول تتدخل من أجل مصالحها لا لسواد عيون المسلمين ونحن نقول مهما يكن فالمصالح المالية والجيوسياسية أقل ضرراً من زهق الأرواح وقد أعتاد بلاد المسلمين على هذا النمط من المصالح وهو أهون وأقل وقعاً على النفوس من أن يمتد يد الأخوة الأعداء ليغدروا بك ويحرقوا الحرث والنسل، فأخلاق حكام الخليج مستسقاة من مفاهيم أستعلائية وإستكبارية مفصولة عن القيم الإنسانية وبعقولٍ متكلسةٍ وأفكارٍ خاويةٍ تأثرت بصدأ الجاهلية المطبقة ونوازع البداوة المقيتة، وبنفوس حاقدة تعاني النقص والضعف والوهن ومرض الجلد الذاتي، تعمل بضغينة لئيمة على هدم المجتمعات والتعايش المشترك بين الطوائف والإثنيات وتتلذذ بسفك دماء المسلمين وتمزيق بلادهم الى دويلات صغيرة كدولهم الخليجية، إن قطر والسعودية وقعتا في فخ مشروع أمريكي -غربي أكبر منهما بكثير وهما قد تورطا ولا يوجد مخرج ولا يمكن التراجع في ظل الغطرسة والأنوية العمياء والعناد المتعجرف والغرق في مستنقع العمالة والتخادم لأمريكا، على الشعوب العربية أن تصحو من نشوة التغيير وتعيد الحسابات وتقرأ الأحداث بوضوح وتحذر ما بين سطورها، والأنتباه لهذه المؤامرات والدسائس وعدم الأنجرار العاطفي حول الشعارات الخليجية الإسلامية في الظاهر والخبيثة في الباطن وإلا فأن القادم أسوء بألف مرة مما يجري الآن.
https://telegram.me/buratha