سعيد البدري
اعتادت الانظمة العروبية منذ تاسيسها على الانحياز لقطب من الاقطاب بعنوان التبعية التامة الكاملة له, وليس غريبا ان تكون امور القوم ومقدراتهم رهانا بارادة قطب اوحد هو امريكا والناتو (حلف الاقوياء) بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ومن هنا يمكن لنا ان نفهم الاصرار على عداء هذه الانظمة لكل توجه يحاول الخروج من تحت عباءة الوصاية بل والتحريض على من يفكر بهذه الطريقة ولدينا امثلة كثيرة في هذا الاطار, منها الموقف من ايران قبل وبعد انتصار الثورة الاسلامية ففي وقت كانت هذه الدولة بنظامها السابق تلعب دور المهيمن والنائب لامريكا في المنطقة وعرف عن نظامها الشاهنشاهي بانه شرطي الخليج تحول فجأءة الى عدو لدود بمجرد انتصار ارادة الجماهير وقيادتها الفذة ممثلة بالامام الراحل الخميني قدس سره وجمع كبير من مراجع وعلماء الدين. والمفارقة هنا تكمن ليس في اعتبار ايران عدوا بنظامها الاسلامي انما اعتبر انتصار شعبها وقيادته خطرا على امن الخليج ومصالح قطب من اقطاب العالم انذاك فشنت الحروب وعلى كافة الاصعدة والمستويات ولم يكن اخرها دفع نظالم البعث في العراق لخوض حرب الوكالة نيابة عن انظمة الحكم العروبية وقوى الاستكبار العالمي. وليس سرا ان نهاية المطاف لم تكن مبشرة وانتهت هذه الصفحة مؤقتا مع دخول صدام للكويت واجتياحه العسكري لها دون ان تكون هناك نتائج حقيقية او جهود لايقاف تدخل الدول الكبرى في شؤون البلدان الاقل قوة ومنها دول الشرق الاوسط ومثلت سياسة التدخل وفرض الوصاية امرا واقعا لايمكن تغييره حتى مع وجود حركة تسمى بعدم الانحياز ولاننا نعيش اجواء قمة جديدة لهذه الحركة في ايران فلابد من الوقوف على مراجعة المبادىء العشرة التي اعلنها القائمون على حركة عدم الانحياز العام 1955 قبل عقد المؤتمر الاول بعد ستة سنوات من هذا التاريخ وتحديد في الاول من ايلول سبتمبر عام 1961 في بلجراد ومن هذه المبادىء احترام حقوق الإنسان الأساسية، وأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة, و احترام سيادة جميع الدول وسلامة أراضيها, مع إقرار مبدأ المساواة بين جميع الأجناس، والمساواة بين جميع الدول، كبيرها وصغيرها, و عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى أو التعرض لها, احترام حق كل دولة في الدفاع عن نفسها، بطريقة فردية أو جماعية، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة, عدم استخدام أحلاف الدفاع الجماعية لتحقيق مصالح خاصة لأيّ من الدول الكبرى وعدم قيام أي دولة بممارسة ضغوط على دول أخرى, كما نصت على الامتناع عن القيام، أو التهديد بالقيام، بأي عدوان، والامتناع عن استخدام القوة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة, مغلبة الحل السلمي لجميع الصراعات الدولية، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة, على الحلول العسكرية كما ذهبت الى تعزيز المصالح المشتركة والتعاون المتبادل, فضلا عن احترام العدالة والالتزامات الدولية. .. قد تكون هذه المبادىء مثاليات وترف سياسي وفكري لايمكن التعامل معه ولو نظرنا في السياسة القائمة التي تدار بها الامور ويتم عبرها التعامل مع الدول والبلدان من قبل القوى الكبرى او من ينوب عنها في منطقة مشتعلة كمنطقة الشرق الاوسط لوجدنا العجب العجاب, ولسنا في اطار النقد الهدام لمسيرة هذه الحركة لكن سلوك بعض اعضائها والقوى المهيمنة فيها يشير الى انها منظمة شكلية بروتوكولية لايعول على قراراتها فلو التزمت الدول بمبدأ عدم الانحياز وكفت عن التدخل لرأينا عراقا اخر وسوريا اخرى وخليج اخر وشرق اوسط اخر ولكانت سياسة العسكرة وموظة الانقلابات الدموية (السوداء والبيضاء )التي جرت في الخمسينيات والستينيات وما بعدها والتي يخطط لها وتمول من قبل اقطاب العالم انذاك لن يكتب لها النجاح بفضل هذه السياسة الحمقاء التي قادت العالم والمنطقة لما نراه اليوم .. اننا ومن منطلق الحرص على شعبنا ومصيرنا نرى ان على حكومة العراق بوصفها دولة عضو طرح مخاوفها من حجم التدخلات التي تقوم بها اعضاء في الحركة كونها تمثل تهديدا حقيقيا للسلم والامن الوطنيين فقيادة الاوضاع في سوريا وتاجيج حالة الصراع بشكل علني من قبل السعودية وقطر وتركيا في داخل هذا البلد العضو في هذه الحركة ايضا لايمثل تلك المبادىء ولا يقترب منها حتى والتعويل على الموقف المتراخي للاعضاء الاخرين السائرين اصلا في ركب سياسة الاقوياء والخاضعين لها جملة وتفصيلا لن يمثلوا الحل لازمات المنطقة والعالم. من هنا فان ايران الاسلامية ممثلة بقيادتها وشعبها والتي تحتضن اعمال القمة الحالية للحركة مشكورة لابد لها من ان تحذر المؤامرات التي تحاك ضدها وشعوب المنطقة الاخرى بادوات معروفة تسير اليوم وتتحرك تحت مدعى الحرية التي البست ثوب الطائفة والحراك الديني المتطرف والذي تصرف في سبيل نشره مليارات الدولارات وتمسك بخيوط الفتنة من خلفه مخابرات اقليمية ودولية, وقد يكون الشيعة كمكون اساس في ايران والعراق والبحرين وغيرها من الدول مستهدفين عبر تنفيذ هذه السياسة لذا تحتم الظروف التي نمر بها اليوم وتمر بها ايران خصوصا من حصار ومحاولات عزل وتقليل تاثير اتخاذ قرارات مصيرية قابلة للتطبيق تحاصر اجندات الغرب والمتواطئين معه والا فلا طائل من اقامة مثل هذه المؤاتمرات وان كانت تحت مسمى عدم .... الانحياز !!
https://telegram.me/buratha