خضير العواد
إن الفترة التي يمر بها المجتمع المسلم الأن من أصعب الفترات لما تحتويه من تضارب أفكار وخلط بالقضايا حتى أصبح الفرد المسلم يشكك في كل شئ ولم يبقى عنده ثابت أو مبدأ إلا وشكك به بسبب هذا التصارع الذي جعل الضبابية على كل شئ ، فالعدو أصبح صديق والحليف أصبح عدو والمبادئ أصبحت من التفاهات والإنتحار وقطع الرؤوس من أعظم الجهاد وقتل النفس التي حرم الله قتلها من المستحبات التي تدخل الجنان وقتل المسلمين أصبح أشد ثوابا وتحبيذاً من قتل الكفار، لأن الكافر أصبح أكثر قرباً ومحبةً من المسلمين الذين أصبحوا بفتوى واحدة من المشركين ، فأصبح القتل من أجل القتل والدمار من أجل الدمار فليس هناك مستقبلٌ واضح لأن الحاضر مملوء بالدماء ورائحة البارود والدخان يملئ فضاءه فليس هناك منفذ لرؤية المجهول هكذا يقضي يومه مواطننا المسكين ، القاتل والمقتول من المسلمين ويعبد الله ويعتقد برسالة سيد الكائنات محمد (ص) ، وكلاهما يقرأ في كتاب الله سبحانه وتعالى ( لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم )(1) وكلاهما يقرأ في كتاب الله سبحانه وتعالى ( من قتل نفسا بغير نفس أو فساداً في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)(2) وكلاهما يقرأ في كتابه العزيز ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)(3) وكلاهما يقرأ في كتابه الكريم (وإن أحد من المشركين آستجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون). (4) وكلاهما يقرأ في كتاب الله سبحانه وتعالى (وأعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وأذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ،
ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون، ولا تكونوا كالذين تفرقوا وأختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم )(5) وهذه سنة رسول الله (ص) التي يتحدث بها القاتل والمقتول وهي تقول (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ، ثم أشار بيده الى صدره يقول : التقوى ها هنا ، التقوى ها هنا )(6) وعنه (ص) قال( من وحد الله وكفر بما يعبد من دونه حرم دمه وماله)(7) وعنه (ص) قال (من قال لأخيه : يا كافر فقد باء بها أحدهما) (8) وعندما سئل رسول الله (ص) عن أفضل الأعمال قال ( إفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام )(9) وقوله (ص) (بعثت بالشريعة السهلة السمحاء) (10) ، هذه بعض النصوص القرأنية وكذلك بعض أحاديث رسول الله (ص) التي تبين عظمة هذا الدين الذي أنتشر بفضل أخلاق نبيه الكريم (ص) . ولكن بأسم هذا الدين يجري القتل يومياً وبطرق عند سماع اسمائها تتقيء من بشاعتها وإجرامها ، وبأسم هذا الدين يقتل المسلم أخوه المسلم الذي يوحد الله ويعبده ، وبأسم هذا الدين تُقتل النساء والأطفال والشيوخ ويدمر الحرث والنسل ، وبأسم هذا الدين يقرّب الكافر ويقتل المسلم ، وبعد أن كان أسم الإسلام يجلب الأمن والأمان أصبح أسمه يجلب الخوف والأرهاب وهذا كله بأسم الدين ، وبأسم الدين أصبح التقرب لله يعتمد على عدد من تقتل من الأبرياء ، وبأسم الدين أصبح ذو اللحى الطويلة والثياب القصيرة يفتون بالتكفير والقتل والفرقة والدمار في كل يوم .
وبالرغم من كل هذا التناقض مابين الأفتراء على الدين و كلام الله في القرأن الكريم وسنة الرسول العظيم (ص) وحتى مبادئ كل إنسان قويم لايعرف من الدين شئ ، نلاحظ أمتنا تغط في نومٍ عميق كأن الأمر لا يعنيها بشئ وكأن الأسلام الذي ينتهك اليوم ليس دينهم أو دين الأجداد ، وكأن تشويه أسم الأسلام بهذه الشكل والإجرام لا يعنيهم أو يمسهم بشئ .
ولكن كثرت الأسئلة وعلامات الأستفهام عما يجري على هذه الأمة من ويلات تتصارع في داخل صدر كل أنسان غيور ، لماذا طرح الأرهاب والقاعدة بعد أحداث 11 أيلول عام 2001 ؟؟؟؟ ، ولماذا اصبح الأعراب مصدر ديننا والأخلاق وقد قال فيهم سبحانه وتعالى في كتابه العزيز ( الأعراب أشد كفراً ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم )(11) ، ولماذا اصبح قطع الرؤوس والحرق بالنار عمل الجهاد ونشر الإسلام ؟؟؟؟ لماذا يقتل الأبرياء من ضمنهم الأطفال والنساء والشيوخ تحت شتى العناوين ؟؟؟؟ ، لماذا أصبح تكفير المسلمين أسهل من شرب الماء وعليه يتم القصاص بأبشع الأساليب ؟؟؟؟ ، لماذا تركنا قضايانا وذهبت فلسطين وقدسها ولم يبقى إلا قتل بعضنا بعضا؟؟؟؟؟ ولماذا أصبح اليهود والنصارى أقرب حلفائنا ونستعين بهم لقتل أخواننا ؟؟؟؟
وهل أنتهت سبل الحوار ولم يبقى إلا القتل وإراقت الدماء طرق العلاج ؟؟؟؟؟ ، وأين الأمة من كل هذا ولماذا لا تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتقاتل الذي يبغي ألم يقل الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد (إن طائفتان من المؤمنين أقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقتلوا التي تبغي حتى تفئ الى أمر الله ) ( 12) ألم يقل رسول الله (ص) (لتأمرن المعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم ثم يدعوا خياركم فلا يستجاب لكم )(13) ، وهل كل هذا الإجرام والقتل والتدمير يقول به الإسلام ويأمر به رسول الرحمة والسلام الذي يقول فيه المولى عزة قدره في كتابه الكريم (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (14) ؟؟؟؟؟؟ ، وهل هذه هي الرحمة التي أرسل بها سيد المرسلين محمد (ص)؟؟؟؟، مجرد أسئلة تطرح عسى أن تجد جواب في عقول الشباب.
(1) سورة البقرة أية120(2) سورة المائدة أية 32(3) سورة الحجرات أية 13(4) سورة التوبة أية6(5) سورةآل عمران أية 103،104،105(6) فتح الباري ج11 ص76،ص77(7) عمدة القارئ- العيني ج24ص82(8) رواه مالك في الموطأ ص984 ، البخاري ج10ص514، مسلم ج1ص79(9) المبسوط - السرخسي ج30ص271(10) ذخيرة المعاد - المحقق السبزواري ج1ص97(11) سورة التوبة أية 97(12) سورة الحجرات أية 9(13) المعجم الأوسط - الطبراني ج2ص99(14) سورة الأنبياء أية107
https://telegram.me/buratha