بقلم / عبد المنعم الحيـــــدري
في بداية الحديث لابد من القول ان اغلب كتاب الفكر الاستراتيجي الذين اشغلهم متابعة ودراسة الازمة السورية وبناءا على كل المؤشرات والمعطيات على الارض اثبت وبناء على المؤشرات والمعطيات ان سوريا عصية على السقوط وهي ليست غرناطة .وهذا ما ذهبنا اليه منذ بداية الازمة السورية لكونها حجر الزاوية في اساسيتين مهمتين الاولى هي ان سوريا هي اخر قلعة من قلاع العرب في المحور الممانع والمقاوم وهذا ما يجعلها تحظى بدعم الرأي العربي العام ومساندته لها. وهي المربع الاخير في رقعة الشطرنج للاعب الروسي الذي لم ولن يستغني عنه لاعتبارات سياسية وعسكرية واقتصادية هذا من جانب ومن جانب اخر ان سقوط سوريا يعني ذهاب المنطقة برمتها الى المجهول وهذا ما تفوه الرئيس السوري بشار الاسد عند بداية الازمة حينما قال ان سقوط سوريا هو الزلزال الذي سوف يضرب المنطقة.ان ما يدفعني للكتابة عن هذا الموضوع هو قدرة وامكانية صانع القرار السوري في ادارة للازمة وهذا ما يجب التوقف عنده.فمنذ عام ثلاث وسبعونعندما وضعت الحرب اوزارها الى حين وحتى الساعة فأن كل المتابعين للسلوك السياسي الخارجي السوري ونفسية صانع القرار السياسي يقرون بأنه كان سلوكا مؤثرا على مستوى السياسة الدولية والإقليمية وهذا يدل على ان الدولة السورية في سياستها الخارجية استطاعت ان توظف منهجين في التعامل مع التفاعلات الخارجية هما المنهج الواقعي الذي يحقق المصلحة والعقائدي الذي يحفظ المبادئ دون ان تكون هناك اي مساومة وهذا النمط من التعامل في السياسة الخارجية قد منح سوريا قوة مؤثرة وجعل منها لاعبا اقليميا مما يدل على ان صانع القرار السياسي يعتمد على الفطنة والحكمة والعقلانية والواقعية وهذه العناصر الاربعة قد منحت صانع القرار السياسي السوري قوة مؤثرة خصوصا انه كان يقف على ارضية داخلية صلبة وهذا ما لم يروق للغرب.ان الازمة التي تمر بها سوريا اليوم هي بلا شك جاءت بتخطيط من اعدائها ومن اجل ضرب الارضية الداخلية التي كان يقف عليها صانع القرار السياسي في سوريا وبالتالي فانه سوف يضطرب مما يؤثر سلبا على قراره مما ينتج عنه مخرجات غير صحيحة وبالتالي هزيمته.ان الازمة السياسية هي ظاهرة تأتي نتيجة التفاعلات السياسية وعادة تكون موجهة من الخارج الى الداخل ويتم ادارتها على مبدأين العلم والفن حيث ان العلم يعزز صانع القرار السياسي بقواعد علمية للتعامل مع الازمة جاءت نتيجة التراكمات التي مرت بها الدول.اما الفن فهذا منوط بموهبة صانع القرار السياسي الذي يكون مسئولا عن رسم سياسة البلاد التي تمر بها الازمة ويجب ان يكون متصفا بالشجاعة والحلم والصبر والتخطيط وان لا يربكه ضيق الوقت في صنع واتخاذ القرار و بالتالي يؤثر سلبا على سياسة الدولة.
ومن باب المقارنة بين الازمة التي مرت بها ليبيا والتي تمر بها سوريا اليوم فأننا نجد ان شتان ما بين سلوك الرئيس الليبي السابق معمر القذافي اتجاه ما حدث في بلده وتعامله مع الازمة حيث ظهر في خطاباته مضطربا قلقا وغير مستقر مما عجل بسقوطه.وبين سلوك الرئيس السوري بشار الاسد اتجاه ما يحدث في بلاده اليوم حيث نجد الهدوء والسكينة والحلم مما انتج ذلك من قرارات صائبة اتجاه الازمة مما يجعل الاطراف الاخرى التي تريد له السقوط ان تتخبط في اختيار البدائل بينما نجد ان خيار صانع القرار السوري كان متزنا مترابطا وغير مضطرب وهذا ما عزز موقفه وموقف الدول الداعمة له مثل روسيا والصين والجمهورية الاسلامية وبالتالي فأن دعم هذه الدول العظمى اضافة الى ايران للدولة السورية جاء نتيجة السياسة المستقرة التي اعتمدها صانع القرار السوري حيث استخلص ان لا يصدق تهديدات القوى الغربية التي تطالب بإسقاطه منذ بداية الازمة وهذا ما مكنه من ان يحول زمام المبادرة من يد القوى الغربية التي كانت تديرها من الخارج الى يده خصوصا بعد ان اتخذ قرار الحسم العسكري في مدينة حلب.ان السياسة الحكيمة والعقلانية منذ بداية الازمة التي اتبعتها القيادة في سوريا مكنته من ان يمتلك زمام المبادرة وان يدير اللعبة وفق ما يريده هو لا وفق ما يريد اعدائه وان المعطيات على الارض اثبتت ذلك.الكثير من المبادرات التي اطلقت لحل الازمة السورية لكنها لم تفرض على سوريا بل كان القيادة في سوريا تختار ما تراه موافقا لمصلحتها ولم يستطع احد ان يفرض عليه اي مبادرة منذ ان بدء الدابي مرورا بكوفي انان حتى الاخضر الابراهيمي الذي استلم مهمته بالامس وهذا يدل على ان صانع القرار السياسي السوري قد عد خطواته وحسبها حسابا دقيقا رغم ضيق الوقت وانه واثقا من قراراته وبالتالي فأن النتائج كل النتائج سوف تصبح بمصلحته لا ضده في هذه الازمة وذلك بفضل حكمة صانع القرار السياسي وقدرته على ادارة الازمة التي تمر في بلاده.
https://telegram.me/buratha