عباس المرياني
مبادرة اعادة تاهيل ميسان مبادرة جديدة أطلقها السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي تضاف الى سجل مبادراته ودعواته ومناشداته المتكررة للكتل السياسية والحكومة العراقية من اجل خدمة المواطن وبناء الوطن ومن اجل النهوض بالواقع الخدمي والمستوى المعاشي لهذه المحافظة بطريقة لا تخلو من الابداع والابتكار والحيادية والحق المطلق .وميسان او العمارة مدينة عزيزة وغالية تلتصق بشغاف القلب وتمتزج مياه دهلاها مع كل ذرات الجسد العراقي الغيور والشريف والطيب وتنبلج انوار مضائفها ودواوينها من عيون فراق اهلها بسبب الفقر والفاقة التي غلفت حياة ابنائها وتنتصب قامتها شامخة مثل انتصاب القصب والبردي في اهوارها وتحتفظ بحلاوتها وعبيرها كما احتفظت برائحة عنبرها ومسك اسماكها من البني والشبوط والكطان، وميسان جذر يمتد في عمق التاريخ يلتصق به كل من احب العراق واهل العراق .والعمارة تعرضت الى الكثير من الظلم والحيف من قبل الحكام الظلمة وباتت تتوسد القصب والبردي الذي لم يجد مائا يحيا فيه ويرسم لوحة الطبيعة التي وهبها لها الخالق ،وتوقفت اسراب البط و"الحذاف وابو سكة" من الهجرة اليها واندثر صوت النغم العراقي الاصيل في المشحوف وهو يطر الهور الى حيث الحبيبة والدلة والمهوال ولم تعد مسعودة العمارتلي الى ميسان بعد ان سرقتها ليالي الانس في بغداد وبعد ان اضاعت الفالة الطريق الى ظهر السمكة في اهوار العدل والمشرح والرفاشية.وشبهوا العمارة بفينيسيا الايطالية لكنها لم تحصل من هذا الشبه الا على الاسم فقط لان الاهوار جففت والعوائل هجرت ومزارع الشلب والعنبر اندرست والابنية في الكثير من المناطق والقرى لا تعود الى ملامح القرن العشرين او القرن الواحد والعشرين ولا تنتمي الى ابنية المجتمعات الانسانية الطبيعية بل تعود الى عصر النيدرتال او العصور الحجرية وما قبل الثورة الصناعية لان جل هذه المناطق مبنية من القصب والطين وتفتقد لابسط الخدمات .والعمارة مدينة الشعراء والادباء والكتاب والمناضلين لانها مدينة الحزن والوجع والحرمان الذي تفتق منه كل الابداع ،هي مدينة الحضارة والتاريخ وحكايات علي الصويح لم تغب عن كتابة التاريخ الذي يشهد لها ارثها وكنوزها واثارها في كل زاوية وركن وشارع.اليوم ميسان تعود الى رغبة الحياة بعد الغيبوبة الاجبارية التي حاول الظلمة تغييبها بها رغم انها العزيزة المدللة وصاحبة النعمة على العراق مع شقيقتها البصرة الفيحاء من بوابة اهتمام وتقدير رجل اعطته ميسان كامل ودها ليس له فقط بل لابيه عزيز العراق ولعمه شهيد المحراب ولجده زعيم الطائفة الشيعية الامام محسن الحكيم الذي لا زال ذكره مقدسا في دواوينها ومضائفها.مبادرة السيد عمار الحكيم يجب ان تنفذ دون تردد او مزايدات من قبل الاطراف البعيدة والقريبة وبدل تاخير تنفيذ هذه المبادرة نتمنى من الاطراف الاخرى ايجاد مبادرات مماثلة تنطلق من واقع المحافظات ومواردها التي تتميز بها وليس من المنطقي ان يبقى ابناء ميسان بهذا الوضع الماساوي في وقت تصنف المحافظة كاغنى مدينة في العالم مع ما لحق بها من ظلم واضطهاد من قبل النظام البعثي المجرم.سيكون على كتلة المواطن النيابية عاتق تفعيل هذه المبادرة الانسانية وطرحها على مجلس النواب بجميع ما جاء فيها بعد ان يتم انضاجها كقانون يشارك في صياغته اصحاب الاختصاص واهالي المحافظة لتنال استحقاقها الذي حرمت منه طوال السنوات الماضية بسبب الحروب والتهميش والاقصاء والحقد الطائفي.
https://telegram.me/buratha