أضحى من العسير معالجة اختلالات العملية السياسية وسوء الأداء الحكومي مادامت هنالك مظلة يستظل تحتها المنحرفين من الساسة والمسؤولين توفر لهم الحماية والغطاء القانوني من الملاحقات القضائية وتحفز فيهم النفس الأمارة بالسوء لارتكاب المزيد من المعاصي, حيث تتوالى الأحداث المترعة بالدلالة بمسؤولية رئيس الوزراء السيد نوري المالكي مسؤولية كاملة بكل ما يحيق العملية السياسية من انحرافات وأزمات وسوء الأداء, ورسوخ حالات شاذة من الاختلالات الخطيرة المتمثلة في تقويض القانون وتفشي الفساد وانعدام الأمن والخدمات وإهدار المال العام واستئثاره بقرار مجلس الوزراء وسوء استخدام السلطة والتأثير على السلطتين التشريعية والقضائية وتسخيرهما في صراعه من اجل البقاء في سدة الحكم كيفما يكون ومهما كانت النتائج.
إن من سخرية الأقدار أن نرى القضاء العراقي وقد أصبح أداة بيد رئيس الوزراء يطيح بخصومه به, وفي نفس الوقت أيضا هو الحصن المنيع الذي تتهاوى تحت أسواره المنيعة كل فرص النيل من الفاسدين وسراق المال العام, ليمنحنا رئيس الوزراء طواعية دليلا دامغا على ازدواجية معاييره واستخدامه القضاء لإقصاء كل من لا يستظل بظله حين يحكم على رئيس المفوضية المستقلة للانتخابات بالسجن لمدة عام واحد لصرفة مبلغا تافها لا يزيد عن (150) ألف دينار صرفت كمكافئات لموظفين عموميين بمستندات واذونات صرف أصولية, في الوقت الذي عجز هذا القضاء عن محاكمة حيتان الفساد ولصوصه العتاة من سراق الملايين والمليارات الدولارية, فمفوضية الانتخابات يعدها المالكي خارج طوع بنانه فلا ظل تستظل به ولابد من ترويض رئيسها وتأشير جنحة في ملفاته لتجهز على إعادة توليه المنصب ثانية خاصة إن ائتلاف دولة القانون قد اخفق قبل ذلك من إزاحته عن منصبه باستجوابه في مجلس النواب بتهم الفساد ليكون عبرة لخلفه ... ومن السخرية أيضا أن يطيح المالكي بوزير الكهرباء السابق وقدمه كبش للتضحية على عقود وهمية مع شركات لا وجود لها بمبالغ هائلة ليس له ذنب فيها سوى انه خارج مظلته ولا يستظل بظلها تمت بهندسة نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني وموافقة المالكي نفسه الذي اغفل قرار لجنة التحقيق النيابية التي أوصت بضرورة إقالته لأنه يستظل بظله, ولكن حين دخل الوزير الحالي بمعية رئيس كتلته تحت مظلة المالكي فافسد فيها دون حساب, وأطال رئيس كتلته لسانه ليقييم العراق من زاخو الى الفاو بأنه لا يساوي (شخة ابنه الصغير) حقا إن من امن العقاب أساء الأدب ... ولعل وزير الاتصالات وتعطيل أداءه لواجباته وتحويلها لمستشارة تتبع رئيس الوزراء واستقالته لهو أمر شائع لإقصاء من هم خارج مظلته واستبدالهم بمن يشغل مناصبهم بالوكالة حتى بلغ عدد المناصب التي تدار بالوكالة (23) ألف منصب (90%) منها يحظى بها ائتلاف دولة القانون.
مظلة المالكي واسعة وحصينة يستظل بظلها الإرهابيين والفاسدين واللصوص سراق المال العام وبأوامر قضائية معطلة, فلا ضير في ذلك ماداموا محسومي الولاء وأصوات تحسب له في مجلس النواب لا عليه بعد أن تحول مجلس الوزراء الى أشبه بمجلس قيادة الثورة قراراته تصدر بالإجماع, وبإمكانه تفعيل هذه الأوامر وطردهم من تحت مظلته متى ما شاب ولاءهم شائبة, وللمجتثين المستثنين بقرار رئيس الوزراء, فلهم فسحة من المكان للاستظلال حتى وان كانوا بقوائم منفصلة سرعان ما ينشقوا عن قوائمهم وتقديم ولاءهم علانية فمظلة المالكي تزيغ الأبصار وتسيل اللعاب تسع كل نكرات العملية السياسية ومرتعا للشواذ والمنحرفين, لكنها لاتسع المواطن الذي منحه هذه المظلة واستأمنه عليها بعد أن صودر صوته وركن جانبا لا ظل له ولا مكان يستظل به
https://telegram.me/buratha