نوال السعيد
رحم الله الشاعر الذي انشد : (كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول) .. ينطبق هذا البيت الشعري الجميل بمعانيه العميقة على مدن عراقية عديدة تزخر بالموارد والثروات، لكنها تعيش ظروفا قاسية جدا ، حيث يعاني ابنائها الفقر والحرمان والعوز والنسيان، لديها كل شيئ وكأنها لاتملك اي شيء،، بالامس عانت من الحروب العبثية الحمقاء، والاضطهاد والمطاردة والقمع والتنكيل .. واليوم تواجهة معاناة ظاهرها مختلف وجوهرها مثل جوهر المعاناة القديمة. ميسان - او العمارة, نموذج حي وصارخ للبيت الشعري المشار اليها في اول السطور، فمن لايعلم ، فأن العمارة تتربع على بحيرة كبيرة من النفط تحتوي على اكثر من ربع وربما ثلث نفط العراق، اي انها تدر على العراق سنويا اكثر من خمسة وعشرين مليار دولار.. ولكن ماهو حالها ، وهل نجد انعكاسا لتلك الاموال الطائلة على واقعها الاقتصادي والخدمي والحياتي ولو بنسبة صغيرة جدا, للاسف وبكل الم واسى نقول كلا والف كلا .. مازالت العمارة تعيش حالها حال معظم مدن العراق العزيزة في زمن الماضي السحيق، الحرمان والبؤس وفقر يلقي بظلاله على ابنائها.. ليرسم صورا مأساوية من الفقر المدقع لهم، ويحيطها بظلال قاتمة تبعث على اشد درجات الكابة والتشاؤم واليأس.. كل شيء موجود في العمارة وليس النفط وحده، ولكن لااثر لاي شيء .نظام المجرم صدام عمل على قتل كل مايمت الى الحياة بصلة في هذه المدينة، ومن جاءوا بعده تعمدوا اهمالها ، فقط يسحبون من تحتها النفط ولايعيرون بالا لحالها البائس. مثل الجمل الذي يحمل الماء او يحمل الذهب ، ولكنه ظمان وجائع وربما خائر القوى.الصرخة المدوية التي اطلقها رئيس المجلس الاعلى السيد عمار الحكيم بخصوص مدينة العمارة-ميسان.. كانت صرخة شجاعة ومعبرة وجريئة بحق، لت تمر مرور الكرام بالنسبة لكل شريف ومخلص وصاحب غيرة وحمية على العمارة وعلى كل مدن العراق.
https://telegram.me/buratha