هفال زاخويي
كالعادة ، لم اجامل أحداً في كتاباتي ومتابعاتي الصحفية ... ومنذ التغيير الذي حصل صبيحة 9نيسان 2003 ومن قبل ايضاً والى الآن أكتب بوتيرة واحدة ، باحثاً عن مواطن الخلل في ادارة هذه الدولة المتهرئة التي تفتقر لكل ملامح الدولة بل لأبسط ملامح الدولة ، انتقدت كل الظواهر السلبية في ادارة مؤسسات الوضع المستجد في العراق من كوردستانه الى جنوبه ، وكتبت بنفس وطني عراقي بعيداً عن الانتماءات الضيقة قومية كانت او دينية او مذهبية ، وأرشيفي دليل على ذلك ، لكن مع الأسف فقد تخلخلت الموازين بشكل كان متوقعاً لدينا ، وكان مستحيلاً لدى اصحاب مخططات التوازن انفسهم ، وتغيرت المعادلات ببساطة لدى المؤمنين بالثوابت ... فها هو الصراع يدير العراق بشكل سخيف ومقزز على حساب كل ما يخدم التطور والتقدم وبناء الدولة ... الحاكمون لا يعرفون ولا يريدون ان يعرفوا أسس بناء الدولة ... كل الحاكمين دون استثناء لا يمتلكون مؤهلات ادارة الدولة ، لذا لا يمكن لهم بناء شيء اسمه (دولة) .ما دفعني للكتابة في هذا الصدد هو ما اطلعت عليه في رسالة السيد محمد توفيق علاوي وزير الاتصالات العراقي المستقيل والموجهة بتاريخ28/7/2012 الى السيد نوري المالكي رئيس الوزراء ، وما جذب انتباهي هو تركيز الوزير المستقيل في رسالته (قبل استقالته)على عقد شركة نوروزتيل مع وزارة الاتصالات بخصوص جعل العراق مركز الربط بين اوربا وامريكا وبين الشرق (اليابان والصين والهند) وكذلك استراليا بالكابلات الضوئية ، وتأكيده على ان العقد قانوني وليس هناك أي فساد وراءه.وقد علمت ان هناك عقداً قانونياً موقعاً بين وزارة الاتصالات وبين شركة نوروزتيل من خلال رسالة الوزير المستقيل الى السيد رئيس الوزراء ... وما يدعو للاستغراب هو ما ذكره السيد محمد توفيق علاوي من ان السيد المالكي طلب منه الغاء عقد نوروزتيل لربط الشرق بالغرب عبر العراق من خلال الكابلات الضوئية التي ستمر عبر أراضيه وذلك لأسباب أمنية ولوجود حالة فساد في الموضوع.لقد ذكر السيد رئيس الوزراء قبل فترة ان الحرب على الإرهاب في العراق انتهت ... ومعنى ذلك ان الأمن قد استتب ...! إذن أين تكمن الخطورة ؟ هل شركة نوروزتيل توازي القاعدة؟ هل نوروزتيل تجلب الانتحاريين للعراق او ان عقدها كان سيجلب وارداً نظيفاً للعراق؟ يفترض أن تخرج الجهات المعنية وتتحدث عن حقائق الأمور ، وتتحدث عن مكامن الخطورة الأمنية في الموضوع وكذلك عن حالات الفساد، الا يستحق المواطن العراقي ان تواجهوه بالحقائق؟ خدمة الانترنيت في اقليم كوردستان خدمة جيدة مقارنة بالخدمة الرديئة في باقي انحاء العراق ، وهذا ليس تطرفاً ولا مبالغة ولا مغالاة ... فكما اعرف ان المناخ في سويسرا الطف من الجو في العراق اعرف جيداً ان خدمة الانترنيت وكذلك الكهرباء واغلب الخدمات احسن في اقليم كوردستان من باقي انحاء العراق ... مع اني لااقارن اقليم كوردستان ولا باقي انحاء العراق بسويسرا فبكل تأكيد تبدو سويسرا اجمل بكثير ان تحدثنا بتجرد وبعيداً عن الشعارات الوطنية الزائفة لأني اعلم ان بنوك سويسرا تعج بمليارات حكام الشرق الأوسط... لكن الحق يقال فخدمة نوروزتيل في اقليم كوردستان خدمة جيدة جداً ولا اشك في انها ستكون جيدة في العراق وتخفف من مشاكل المستهلك والمستخدم للنت.ان عقد شركة نوروزتيل مع وزارة الاتصالات العراقية عقد مميز ومن شأنه أن يجعل للعراق مكانة اقتصادية مميزة في العالم ... الم نقم الدنيا ولم نقعدها بسبب اعتراض الكويت على ميناء الفاو الكبير؟ ما الفرق ؟ الا يدر ميناء الفاو الكبير وارداً اقتصادياً للعراق ؟ نفس الحالة تنسحب على عقد شركة نوروزتيل مع وزارة الاتصالات العراقية فهو الآخر سيدر وارداً اقتصادياً للعراق ومن شأنه أيضاً أن يخفف من معاناة الصحفيين والمهتمين والمواطنين من امثالي في مجال خدمة الانترنيت الرديئة التي نلمسها في بغداد والمناطق الأخرى فضلاً عن العبء المالي على المواطن .أخشى أن تكون هناك أجندات والاعيب سياسية واقتصادية اقليمية تحول دون تحقيق الرفاهية للعراق كبلد له استقلاليته ... سيكون هراءً أن تحدثنا عن الوطنية لكننا نسمح من الجانب الآخر لدول اقليمية أن تكون بديلاً للعراق في تبوؤ الموقع الإقتصادي ... وان تكون بديلاً لجلب الاستثمارات ... فإيران لن تكون بديلاً مقبولاً لانها محاصرة دولياً وفي شبه عزلة وتحيط بها المشاكل من كل جانب فهي على حافة الهاوية ... وسوريا لم يبق لنظامها الا ان يلفظ الأنفاس الأخيرة شاء أم أبى ، وفي العراق يفترض بنا جميعاً ان نلعب بمهارة كي نضمن مصالحنا ... يفترض أن نعلم ومن منطلق حق الحصول على المعلومة حقائق هذا الموضوع ... أقصد موضوع عقد شركة نوروزتيل مع وزارة الاتصالات العراقية ، فرسالة الوزير المستقيل محمد توفيق علاوي الى السيد نوري المالكي رئيس وزراء العراق واضحة وصريحة ...ان كانت هناك خطورة أمنية من حقنا ان نعرف وان كان هناك فساد في الموضوع فمن حقنا ايضاً ان نعرف ...!من الضعف أن نعلق كل فشلنا على شماعة الأمن ... لنبحث عن شماعة أخرى.
https://telegram.me/buratha