حيدر عباس النداوي
مثلت البطاقة التموينية للعائلة العراقية ومنذ عام 1996 ملاذا امنا لتامين جانب محدد من جوانب الحياة الكثيرة والمتجددة لانها غطت الاحتياجات الضرورية للفرد العراقي خاصة ما يتعلق منها بالمفردات الرئيسية من قبيل الطحين والرز والسكر والمفردات الاخرى .ورغم ان هذه البطاقة مرت بمراحل الجدب والنماء بين فترة واخرى تبعا للوضع السياسي والاقتصادي والامني الا انها في جميع المراحل السابقة واللاحقة لم تصل الى ما وصلت اليه الان، ففي الوقت الذي كان حزب البعث حاكما كان هذا الحزب المقبور يتاجر بمعانات الشعب العراقي وجوعه من اجل بناء القصور والفلل وشراء اليخوت بينما يطعم الشعب بقايا التمر واغصان الذرة وشيئا من الدقيق لكن الانسيابية والكمية تصل في الاوقات المحددة دون تاخير اما النوعية فقد كانت من اسوء المناشئ وابخسها لغاية في نفس صدام.وبعد سقوط النظام البعثي الصدامي استبشر الناس خيرا بكمية ونوعية البطاقة التموينية وبدأت الحكايات والقصص تنسج من خيال المواطنين واصحاب الوكالات الغذائية بان العراقيين على موعد مع المن والسلوى بعد ان ملوا من الخيار والثوم والقثاء وان المواطن سيحتار في الاختيار بين الاصناف والاشكال التي ستضمها هذه الكمية المسلفنة التي يصل عدد مفرداتها الى (24) مفردة الا ان الكمية المسلفنة ومفرداتها لم تصل وفاحت رائحة الفساد والعفونة من رداءتها ومن قلتها ومن عدم وصولها في وقتها المحدد ومن حجم النهب والسرقة التي تعرضت لها مفردات البطاقة التموينية.
بل ان حجم الفساد المالي والاداري في مفردات البطاقة التموينية في زمن النظام الجديد تجاوز وبالمليارات حجم الفساد الذي كان يجري في صفقة النفط مقابل الغذاء والدواء التي كانت باشراف الامم المتحدة،ان استمرار اداء وزارة التجارة بهذا الوضع المأساوي امر يدعوا الى الحيرة والشك فطوال السنوات التي اعقبت سقوط النظام البعثي بدا الخط البياني لمفردات البطاقة التموينية يسير بشكل متردي ولم يتمكن أي وزير من تعديل هذا الخط ولم تكلف الدولة والحكومة المركزية نفسها عناء البحث عن الاسباب التي تقف وراء هذا التردي الذي تمثل بشكل تاخر في توزيع المفردات وتقليص في هذه المفردات حتى وصل رقمها الى خمسة مفردات بعد ان كانت عشرة وكذلك رداءة هذه المفردات وفسادها في بعض الاوقات.ان استمرار الفساد المالي والاداري في وزارة التجارة امر طبيعي وان توزيع المفردات بهذه الكمية المقسطة وبنوعيات رديئة امر اكثر من الطبيعي لان الحكومة التي تشكل لجنة ولا تتابع عملها طوال (19) شهر حكومة تبعث على الشفقة والحزن.ان مرور اكثر من (19) شهر على تشكيل لجنة لمتابعة اسباب رداءة وتقليص مفردات البطاقة التموينية دون ان تتوصل الى نتيجة امر مضحك لان واقع وزارة التجارة الفاسد لا يحتاج الى أي لجنة وبامكان أي مواطن ان يقول ان وجود اشخاص فاسدين على راس المفاصل المهمة في الوزارة وانعدام الرؤية الصحيحة للخزن والشراء وعدم وجود جهاز رقابي صارم يعاقب المسيء يقف وراء كل ما يجري وهذا الامر لا يحتاج الى كل هذه الاشهر والايام.يبقى ان نقول ان افضل طريقة في العراق لتمييع أي قضية وقبرها في مهدها مع عفونتها يمر من خلال تشكيل اللجان وهذا هو السبب الرئيس الذي يقف وراء عدم الاعلان عن اسباب تردي مفردات البطاقة التموينية،ويقف وراء تمدد الفساد المالي والاداري ووصوله الى لقمة المواطن وغذائه.
https://telegram.me/buratha