بقلم نائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي
لا يختلف اثنان عن اهمية الوصول الى حكومة اغلبية منسجمة قوية تشكل مباشرة بعد الانتخابات او حتى قبلها، ان انتظمت الامور.. ليتطابق عدد الوزراء مع الضرورات الحكومية وليس مع متطلبات المحاصصة.. تمثل الوطن كله وليس قومية او طائفة او حزبا او فردا.. مسؤولة عن تطبيق برنامجها الوزاري.. فالحكم التداولي الديمقراطي هو تفاعل وتدافع الاغلبيات والاقليات السياسية في اطار المؤسسات، يراقبهم ويقومهم الشعب والرأي العام.
صحيح ان نظامنا يفصل بين السلطات.. فهو ليس كبريطانيا -مثلاً- حيث الوزير هو ايضاً عضو في مجلس العموم. مما يسمح بحكومة ظل بالاسماء والمواقع.. لكن دولاً كثيرة تفصل بين السلطات.. ولها انظمتها وتقاليدها لحماية معارضتها وتمتعها بحقوق ممارسة مسؤولياتها كاملة. بل لتشكيل حكومة ظل موازية. فالدولة ليست حكراً على طرف. بل هي ملك الجميع، بما في ذلك وضع قنواتها لخدمة المعارضة في اداء دورها وكبديل محتمل للاغلبية القائمة. عندها يصبح الذهاب الى المعارضة امر طبيعي، وواجب يتكامل مع واجب تكليف الحكومة.. وليس عقوبة او اقصاء، وهو ما قد يفضله كثيرون ان توفرت شروطه.
وتحقيق ذلك يتطلب استعدادات مسبقة وليست لاحقة فقط.. فقانون الاحزاب وطرق تشكيل الكتل.. وحقوق المناطق والجماعات.. والاقاليم والمحافظات.. واكتمال مؤسسات الدولة الموازنة والمكملة بعضها بعضاً.. وجعل النقد والتداول والثقة والاستجواب اموراً طبيعية وليس مؤامرة او تعطيلاً.. وغيرها، كلها مقدمات وسياقات للوصول لهذه النتيجة.
لذلك يخف قلقنا احياناً عندما نرى بعض الانقسامات.. فهي قد تنبهنا لاخطائنا.. وقد تشير بان الحياة تنظم، ما عجزنا عن تنظيمه بانفسنا. فالانقسامات -بحد ذاتها- عنصر للتجديد والحياة.. ولا تصبح سلبية الا عندما تتحول الى تناحر وافناء، ومقدمة للدمار والموت.
فاذا كانت حكومة التوافق حاجة في مرحلة ما، فان حكومة الاغلبيات الحاكمة وكتل الاقليات المعارضة -باتحادها في اطار النظام والمؤسسات واختلافها في الاجتهادات والرؤى- باتت ضرورة لمنع تحول المؤقت الى دائم والاستثناء الى قاعدة.. والانتهاء من الازمات وصناعتها، سواء لمواصلة الحكم او لمشاكسته.. والتي تعطل وتقود للحلول المرتجلة والمشاريع المضادة، والى الاستفراد والمحاصصة باضرارها. وهو ما يجب ان يراعيه قانون الاحزاب والنظم الانتخابية، والاهم ان تفهمه وتراعيه القوى السياسية التي يجب ان لا تحول تمثيلها لجمهورها الى احتكار لسلطة الشعب او تآمر عليها.
https://telegram.me/buratha