بقلم / عبد المنعم الحيـــــدري
هناك بونا شاسعا بين الامال والواقع وكل امال الشعوب العربية والإسلامية كانت تأمل بعد ثورة الخامس والعشرون من يناير ان تعيد مصر الى السكة التي خرجت منها بعد اتفاقية التسوية مع الكيان الاسرائيلي عام 1979 م .لكن للأسف ان ثورة الخامس والعشرين من يناير حققت بعض الاهداف الداخلية واسمحوا لي ان اطلق عليها ( الثورة الداخلية لمصر ) ولم تحقق اي شيء في ما يخص السياسة الخارجية لمصر بدليل ان السلوك السياسي الخارجي المصري بقى كما كان في عهد المخلوع مبارك ولم يطرأ اي تغيير. كانت مصر بعد ثورة يناير بين خيارين وعلى صانع القرار ان يختار بدقة احد الخيارين نظرا للظرف الاقتصادي الدقيق التي تمر به مصر.والخياران هما أما ان يعيد محمد مرسي مصر الى محور الممانعة فيخسر كل الاموال التي منحت له من الولايات المتحدة و " إسرائيل " وبعض دول الخليج وأموال الصندوق الدولي .وأما ان يبقي الوضع كما كان عليه وبشيء من التكتيك يستطيع ان يدغدغ امال الرأي العام العربي والإسلامي حول القضية الفلسطينية ونقطة في اخر السطر.ويبدو ان مرسي قد اختار الخيار الثاني وفضل السير على خطى السادات ومبارك في السياسة الخارجية مستندا على ذلك على الفكر السياسي المطاط لمدرسته التي تخرج منها حيث منحت هذه المدرسة حرية الاختيار للخليفة او الملك او الرئيس فيما يراه مناسبا لصالح الامة وان الخروج عليه يعني الخروج على اجماع المسلمين وشق عصا الاسلام ومن هنا تحرك الرئيس المصري محمد مرسي لكن المشكلة في ذلك انه لا يقف على ارضية فكرية صلبة مما دفع به ان يقع في الازدواجية في خطابه سواء كان في قمة عدم الانحياز في طهران او بالأمس عندما كان يتكلم في الاجتماع الوزاري للجامعة العربية في القاهرة .يتصور البعض ان طهران كانت اكثر تلهفا لاستقبال الرئيس المصري محمد مرسي بعد قطيعة دامت ثلاثون عاما مع مصر لكنني اقول ان العكس هو الصحيح حيث ان مرسي كان اشد تلهفا للزيارة من اجل ان يعلن موقفه الواضح من سوريا البلد المقاوم والحليف الاستراتيجي للجمهورية الاسلامية ليقول ان النظام فقد شرعيته ولا ادري من هو الذي يمنح الشرعية محمد مرسي ام الشعب السوري ؟ ومن الذي منح مرسي الشرعية الرئيس الاسد ام الشعب المصري ؟.
على اي حال فقد قدم مرسي بكلمته هذه ولاء الصك للولايات المتحدة الامريكية ومن يدور معها ومن يتبعها .لكن الغريب في الامر ان مرسي طالب بدعم القضية الفلسطينية ولا ادري بأي شيء يدعمها , ( وفاقد الشيء لا يعطيه ) , وهو يطالب بإسقاط اخر قلاع المقاومة العربية للقضية الفلسطينية على مستوى الانظمة العربية حيث يعلم القاصي والداني من العرب والأجانب وعلى لسان مسؤولين في المقاومة ان نظام الاسد كان ولا يزال يوفر الدعم اللازم للمقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج .وبالنتيجة فأن محمد مرسي في واد والقضية الفلسطينية في واد و الاموال التي تحتاجها مصر في واد ثالث ومن البديهي ان يتوجه محمد مرسي باتجاه الوادي الذي فيه المال لا لكونه يحب المال لا معاذ الله لكنه في امس الحاجة اليه وبالنتيجة فأن مرسي الذي امتط صهوة جواد مصر المنهك لا هو ولا مصر ستعود الى الامل الذي تتوخاه الشعوب العربية والإسلامية .
https://telegram.me/buratha