وارث جواد محمد
الدولة عندما تكون ضعيفة والكيانات السياسية منقسمة فيما بينها والأجندات الإقليمية تلعب في سماء السياسة بامتدادات - مع الأسف - عراقية تعمل من أجل تكريس سياسة الخارج على حساب الداخل الذي يعملون جاهدين لإبقائه ممزقا متخلفا وهو انتصار للدول الديكتاتورية وإجهاض التجربة الديمقراطية الطامحة في عراق ما بعد التغيير.العراق من أغنى دول الشرق الأوسط لما يتمتع بثروات هائلة من نفط ومعادن ومياه وأراض خصبة وعقول وكفاءات، ولكن الذي ينقصه النزاهة والشفافية والولاء للوطن، فنحن بحاجة إلى رجال يعملون ليل نهار من أجل وطنهم ومن أجل مواطنيهم بعيدا عن أجندات الدول الخبيثة، المحاصصة هي التي جلبت علينا وزراء سراق لا يهمهم سوى ملء جيوبهم وجيوب أحزابهم أمثال مشعان الجبوري وحسين الشعلان وايهم السامرائي وأضرابهم الذين ملؤوا جيوبهم بمليارات الدولارات من الحست الحرام وتركوا شعبهم يتلظى من شضف العيش وانعدام الخدمات، تبا وتعسا لهم ولما يؤفكون ولما يخططون ويدبرون. الفساد هو عبارة عن إساءة استخدام السلطة العامة لتحقيق كسب خاص، وهو في اللغة من فسد بمعنى اضمحل وبطل، لا يمكن القول بأن آفة الفساد حديثة عهد على المجتمع العراقي، بل على العكس فهي كانت موجودة حتى في أيام النظام السابق ، لكننا نراها الأنا أصبحت مستشرية في اغلب مفاصل الدولة وأصبحت لها مافيا وأذرع تقوم بالدفاع عنها بكل الطرق التي تراها ، وكان من بين الأسباب التي أدت إلى استشراء هذه الظاهرة هو المحاصصة الطائفية إضافة إلى انهيار مؤسسات الدولة بعد سقوط النظام السابق وتشكيل مؤسسات بديلة عنها كانت أغلب عناصرها تفتقر للمهنية في عملها الأمر الذي أدى إلى استفحال الفساد .لقد برزت صورتين للفساد الإداري والمالي بشكل يلفت الانتباه في العراق وهما:الصورة الأولى : أخذ مبالغ من الراغبين بالتعيين في الوظائف العامة لقاء تعيينهم ، وهو خلل متأتي من تعدد الجهات التي لها سلطة التعيين( الوزير والمدير العام)الصورة الثانية: لجان المشتريات في دوائر الدولة وهي من أسوأ صور إهدار المال العام، مع ملاحظة ان القواعد والتعليمات المعمول بها حاليا في تشكيل لجان المشتريات ولجان اعتدال الأسعار وبقية مسميات اللجان لا يمكن من خلالها غلق مداخل ومخارج الفساد الموجود.إن الكل يتحدث اليوم عن الفساد الإداري والمالي في القطاع العام ويطالبون بمعالجته، ويقوم المختصون بما لا يقبل الشك بأن ظاهرة الفساد مستشرية وخطيرة ولكن عندما يصلون بالأمر إلى معالجة الأمر نجد أن هؤلاء ليس لديهم الثقة في إجراءات المعالجة ،بالرغم من وجود جهات رقابية لمكافحة الفساد كمفوضية النزاهة ومكتب المفتش العام وديوان الرقابة المالية وهي جهات موجودة فعلا أنشأتها القوانين لمكافحة الفساد ، بيد إنها تعاني هي أصلا من الفساد والإختراق أو أنها ضعيفة لا تستطيع أن تواجه التيار الجارف من السراق واللحيتان الغاصة بهم بحيرات مؤسسات الدولة.إن ظاهرة الفساد ليست مشكلة بدون حل ، فهناك عدة إجراءات يمكن من خلالها السيطرة على هذه الآفة والقضاء عليها تدريجيا، من خلال إعادة تشكيل مجلس الخدمة العام: وهو الجهة المختصة بتعيين الموظفين في جميع دوائر الدولة وعدم جعل التعيين من صلاحية الوزير أو المدير العام، وكذلك تشكيل لجنة من القانونيين من قبل مجلس النواب لوضع آليات لعمل لجان المشتريات ووضع قانون يحكم عملها بما يؤمن سد جميع الثغرات التي ينفذ منها الفاسدون لسرقة المال العام على أن ينص القانون في فقرة منه على تشكيل لجنة لمراجعة سلامة التصرف بالمال العام من قبل لجان المشتريات في كل حالة شراء، والعمل بمبدأ (( من أين لك هذا؟)) والقضاء على حالة التراضي والغط عني مقابل الغط عنك التي تنتهجها معظم الكتل الكبيرة في مؤسسات الدولة العراقية، فمفوضية النزاهة العامة أصدرت اللائحة التنظيمية رقم (1) لسنة 2004 ألزمت فيها أهم موظفي الدولة بالكشف عن مصالحهم المالية ومصالح أزواجهم وأولادهم المعيلين لهم عند التعيين لأول مرة ومع ذلك فإذا ظهر تضخم في ثروة الموظف الحكومي لا يتناسب مع حجم دخله الطبيعي لا تستطيع أي جهة أن تطالبه بإثبات أنه كسب تلك الأموال بطريقة مشروعة لأن الأصل في القانون العراقي أن أموال الشخص جاءت بصورة مشروعة وعلى من يدَعي خلاف ذلك إثباته، في حين أننا نلاحظ أن المشرع المصري أوجب على الموظف الذي ظهر تضخم في ثروته لا تتناسب مع حجم دخله الطبيعي أن يثبت أنه كسبها بطريقة مشروعة وعندما يعجز عن ذلك سيعتبر أنه اكتسب تلك الأموال بطريق غير مشروع. وما ذكر أعلاه من اختصاص السلطة التشريعية.نعود الى السلطة التنفيذية : فهناك إجراءات يمكن أن يقوم بها مجلس الوزراء لمكافحة الفساد منها:أولا: أن يقوم مجلس الوزراء بتشكيل المحكمة الإدارية والتي نص عليها أمر سلطة الائتلاف ذي الرقم (87) لسنة 2004 للنظر في اعتراضات مقدمي العطاءات على قرار الإدارة بإحالة المناقصة على غيرهم خلافا لأحكام القانون كونها ستراقب صحة إجراءات المناقصات والإحالات التي يمارسها الوزير عند إبرام العقود .ثانيا: يقوم مجلس الوزراء بوضع تعليمات وأنظمة إدارية لتسهيل تنفيذ العقود من قبل وزارة التخطيط.إننا في كل ما تقدم فإننا ننشد عراقا خالي من الفساد والمفسدين.
https://telegram.me/buratha