الحاج هادي العكيلي
اطلق جندي عراقي صرخ استغاثة نجا بأعجوبة من كواتم الصوت التي تفتك هذه الايام بالقوى الامنية والذي اصيب بطلقة نارية في رأسه وضح فيها فساد الاجهزة الامنية والاخطار التي تحدق بالجنود وحتى يسلم من القتل عليه ان يدفع نصف راتبه الى الضباط .ويقول هذا الجندي :لا تتصوروا ان هولاء القتله يهاجمون نقاط التفتيش بشكل متخفي او بارتداء القناع او انهم كما يصورون اصحاب لحى او يرتدون زياً معيناً .ان كل ما يقال عن ذلك هو مجرد وهم .لقد غيروا خططهم وتكتيتاتهم واشكالهم وملابسهم ، لاتتصوروا ان ملابسهم قذرة ولحاهم طويلة وعيونهم تشبه عيون الشياطين ..اتصور ان ارواحم وانفسهم هي القذرة . اخر لقطة اتذكرها توجه شاب جميل ومعتني بنفسه جدا يرتدي رباطا حريريا اخضر ويمسك بيده جاكيته وكانه في يوم زفافه وبعد ان عبر الرصيف باتجاهي ونظرت اليه انتهى كل شىء .وفي المستشفى حيث اخبروني انني وجدوني مرميا وقد اصابتني طلقة هشمت فكي الاعلى دون ان تصيب الجمجمة (شطحت بعيد ) .ويقول كان من المفترض وكما تعودنا في زمن وجود قوات التحالف ان يكون في هذه السيطرات المهمة او كما كانت تسمى بالساخنة وجود 16 جنديا مع ضابطين في كل واجب وبعدها يجري تبدلينا بانتظام من اجل الراحة .وكنا دائماً ما نتبادل االحديث بيننا كزملاء للسلاح باننا نشك احياناً بحوادث القتل ببعض الشباب المتأنق ،لكن اكثر ما يجلب انتباهنا وتركيزنا في السيطرات دائماً هو الشخص الملتحي او الذي يرتدي الكوفية او غير ذلك فيما القاتل الحقيقي قد اعد عدته بشكل أخر .لقد كان الجنود في ساعة الحادث ومع الازدحام الشديد واصوات السيارات والمارة بحيث لانتمكن ان نرى بعضنا البعض ، استشهد زميلي واصبت انا في وجهي وتهشم فكي واسناني وعظام وجنتي فيما كان البقية لايعلمون الا بعد اخبارهم من الناس ،لقد اختصر العدد من 16 الى 4 جنود اي ان السطيرة تعمل بكفاءة 25% وكنا عبارة عن طعم ولقمة سائغة بيد الارهابيين .وقبل الحادث بيوم كنت قد استلمت واجبي من الساعة 11 ليلا الى الساعة 10 صباحاً ،وبعد ان سلمت واجبي لبديلي اخبروني علينا الذهاب الى مداهمات . هل يعقل ان اتمكن من الداهمة وقد داهمني النعاس والتعب والارهاق ؟!!! يقول البعض وربما لانه لايعرف ماذا يجري على الارض ،لماذا لا يكون الجندي العراقي يقظاً ومنتبهاً دائماً؟!!! وهو قول وجيه ولكنه لايصمد امام معاناة الجندي المرهق والمتعب جسدياً ونفسياً لدرجة كبيرة . ان مجرد شعورك بالغبن والمزاج السىء سيفقدك تركيزك تماماً ويحطم كل المعنوياتك واستعداداتك .فلماذا تتحمل وحدك واجبات غيرك الذين تبرعوا بنصف راتبهم وجلسوا في بيتوهم ؟!!! قبل ايام من اصابتي وبعد ان ارهقت تماماً من كثرة الواجبات قررت التبرع بنصف راتبي على الرغم انه مصدر معيشتي ومعيشة اطفالي وعائلتي الذي قادني الى مهنة الموت هذه فلا حماية الوطن ولا الوطنية ولا المبادىء ولا الواعز الاخلاقي ولا اي شىء اخر غير الراتب لأتمكن من اعالة اطفالي وعائلتي ، وبالمناسبة قد تتحرك بداخلنا احياناً كثيرة الوطنية لكنها تقتل في كل يوم وانت ترى العجائب في بلد الغرائب .رفض الضابط ان اتبرع بحجة انني من (المحافظات) حيث قال لي : كيف تتمكن من الحضور الى الوحدة في حالة زيارة تفتيشية مفاجئة ؟!!! انت بعيد جداً وتحتاج الى يوم كامل للقدوم من محافظتك الى الوحدة .وبعدها ارسل اليَّ احد السماسرة يقول يمكنك ان تذهب ولكن بالتبرع براتبك كاملاً وتحتفظ لك بمائة الف دينار فقط ، من اجل ان نسد افواه المفتشين كما يقول السمسير .ان الامر وكما يبدو يتعلق بالاختلاف على المبلغ وليس على المبدأ .ان هذه التفاصيل ربما صارت معروفة ولكن الى متى؟!!! نتساءل الى متى نترك ابنائنا واخوتنا واباءنا ان يخطفهم الموت ونحن نتفرج ؟ والى متى نترك الفساد ينخر في المؤسسة الامنية والعسكرية ؟ والى متى نترك البعض ان يثري على حساب حياة وارواح وأمن الناس ؟ومتى يتمكن القائد العام للقوات المسلحة من ان يحمي جنوده من الاغتيالات التي تستنزف حياتهم يومياً؟ وهل يتمكن من ايقاف الفساد في المناصب الامنية التي تباع بالاف الدولارات ؟ولماذا نسمح للجنود بالتبرع والجلوس في بيوتهم واثقال زملائهم (أولاد الخايبه) بالواجبات ؟ ومتى ندقق اسماء الجنود مع شخصياتهم لان البعض منهم يشتغلون باسماء مزورة ليست لهم ؟ ولماذا لانطبق مبدأ الكفيل الضامن (موظف مدني ) يكفل كل من يتطوع على الجيش والشرطة ؟ ولماذا لاتقوم لجنة الدفاع في مجلس النواب النواب بزيارات خاطفة للاطلاع على واقع الثكنات والتجهيزات ؟ ان الامر في غاية الخطورة وهو يستهدف قوة الدولة وقواها الامنية ويهدف الى زرع الخوف والرعب في عناصر القوى الامنية ، فهو لايحمل التأخير او المزيدات السياسية .
https://telegram.me/buratha