المقالات

هكذا كانت نهاية الزعيم عبد الكريم قاسم !!!!

1336 11:01:00 2012-09-09

الباحث احمد الشجيري

لا يمكن تحديد سبب معين اسهم في حد ذاته في إنهاء حكم عبد الكريم قاسم ، إنما ادت عدة أسباب دورها في إنهاء هذه الفترة من تاريخ العراق ودخوله إلى فترة أخرى .

لقد كانت ثورة 14 تموز 1958 قد غيرت الكثير من الأوضاع في العراق ، حيث أدت هذه الثورة إلى تغيير شبه تام في تنظيم الهيكل الاجتماعي والاقتصادي وإلى نقل مركز السلطة والنفوذ ، وإلى إبراز القضايا الاجتماعية وجعلها في مقدمة اهتمامات الدولة وسياساتها ، وإلى تغيير جذري في نمط ملكية وسائل الإنتاج ، لقد شهد العراق بعد ثورة تموز تغيراً جذرياً في في بنيان القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وأعيد تنظيم هذا المجتمع بقصد تطوير البلاد وتحسين الظروف المعاشية حسب أهداف الثورة المعلن عنها .

إلا أن النتائج المتحققة كانت دون الأهداف بكثير ، وهذا يدل أن الأهداف التي وضعت كانت أكثر من طاقات النظام السياسي الذي يقع على عاتقه رسم السياسة الاقتصادية والاجتماعية مما يستوجب أن أي خلل أو نقص يتعرض له هذا النظام فأنه سيكون له أثره في تعطيل مسيرة التطور ، فهناك نقص نابع من الداخل مثل ( الافتقار إلى الخبرة ، الصراع على السلطة الشخصية ، والعجز عن تحقيق إجماع في الرأي عن طريق المناقشة والاقناع ، والتغيير السياسي المتكرر ثم الانقسام والانشقاق ) ، وهناك نقص خارجي نابع من الظروف في الخارج ( كالنزاعات السياسية مع البلدان المجاورة مثل إيران وسوريا والأردن والكويت ، والحرب الأهلية بين قوات الحكومة والأكراد والنزاع العربي الإسرائيلي ) .

ويذكر د. محمد سلمان حسن " أن تعثر ثورة 14 تموز في تحقيق مهامها ، بسبب ضعف العوامل الذاتية بالرغم من توفر الظروف الموضوعية ، إذ أن تمزق جبهة الاتحاد الوطني ، وعجزها عن مجابهة مشاكل الوضع الثوري الجديد بسبب طبيعتها جبهة ائتلاف وطني ينحصر ميثاقها في تحقيق الجانب السلبي ، وهو الاطاحة بالنظام الملكي ، ولافتقادها لاتفاق على ستراتيجية واضحة ونظام داخلي عملي ، كما أن ايمان القادة العسكريين بالحكم الفردي ، إلى جانب الطابع المزدوج للبرجوازية وهو مناهضة الامبريالية من جهة وجمودها في الحفاظ على النظام الرأسمالي من جهة أخرى ، مما حال دون استمرار تحالف القوى المعادية للاستعمار وقوى الثورة الاجتماعية كما حال دون تطور الصداقة مع المعسكر الاشتراكي إلى تعاون فعال على أساس من المنافع المتبادلة ، وقد انعكس ذلك في ترددها على الصعيد الدولي بين المعسكرين ، وفي تذبذبها بين قوى الثورة المضادة في الداخل كل ذلك قد أدى إلى تعثر ثورة 14 تموز وبالتالي عدم تحقيق نفسها "

وقد يكون هذا الرأي يحمل تحليلاً منطقياً وموضوعياً لاسباب تعثر الثورة وعدم تحقيقها لأهدافها ، رغم أن معاصري تلك الفترة يؤكدون أن الطبيعة المتهورة والطموحة اكثر من اللزوم لعبد الكريم قاسم وميله إلى جهة اليسار إلى ( الحزب الشيوعي ) اسهمت في عرقلة سير العملية الثورية إن القوى السياسية التي كانت في الساحة من شيوعيين وقوميين وديمقراطيين كانوا يتصارعون صراعاً دموياً شرساً على شعارات مجردة فقدت آليات تحقيقها ولا يمكن ولا تسمح الظروف والقوى الداخلية والدولية وطبيعة تطور الأوضاع الداخلية بتحقيقها مما أتعب قواها وأفرغها من محتواها الحقيقي وبالتالي أنهى دورها في بناء الدولة وفي تحقيق التنمية ، وفي تحقيق الود أو التضامن العربي والاممي وأحرج عبد الكريم قاسم وأظهره بمظهر المتردد البعيد عن الإستراتيجيات الثابتة والمتأثر بأعوان متباينين حسب اختلاف الظروف والأحوال، أي أن الجهة السياسية التي تكونت في إطار الثورة عام 1958 لم تكن على المستوى السياسي والشخصي الذي يمكن أن تكون دعماً لعبد الكريم قاسم بل حملاً وعبئاً ثقيلين عليه في تلك الفترة .

لقد انحصر اهتمام عبد الكريم قاسم والضباط الأحرار بعد 1958 بشعارات الحركة الوطنية ، وكان عملهم في تحقيق هذه الشعارات والمطاليب وقيامهم بالنضال في سبيل تنفيذها وأسلوبهم الذي اختاروه لذلك مما ميز الثورة في العراق وصبغها بلونها الخاص المتصف بالعجلة والدموية ابتداءاً من الساعة الأولى عندما قتلت العائلة المالكة في قصر الرحاب حتى انتهت الجمهورية الأولى في قاعة الاذاعة بمقتل عبد الكريم قاسم في أعقاب 14 رمضان 1963، حيث كان واضحاً إهمال الآليات والوسائل والأدوات والمؤسسات لتحقيق أهدافها مما كان يمثل ضرورة لا غنى عنها لنجاح الثورة وتحقيق أهدافها كتشكيل مجلس أعلى لقيادة الثورة من بين الضباط التموزيين في الأيام الأولى للثورة إجراءاً مؤقتاً ، وكان الهدف من الدعوة إلى تشكيل مجلس قيادة الثورة هو أن يحل محل الهيأة التشريعية في اقتراح القوانين ومراقبة السلطة التنفيذية في تطبيق البرامج والخطط ، وكذلك الأشراف على الأمن داخلياً وخارجياً وتأمين الثورة من الانحراف والتسلط على مقاليدها ويوفر للضباط الأحرار الاسهام الفاعل في حكومة الثورة .

إلا أنه بعد نجاح الثورة لم يتم تشكيل مجلس قيادة الثورة كما تم الاتفاق عليه بين الضباط الأحرار ، انما شُكل بدلاً عنه مجلس سيادة يضم ثلاثة أعضاء من غير الضباط الأحرار ، وربما كان الهدف من ذلك حسب رأي ناجي طالب هو أبعاد الضباط الأحرار عن موقع القرار والسلطة في هذه الفترة .وبدأت عوامل الانحلال والضعف تظهر في جسد الجمهورية الفتية بسبب النزاعات الحزبية وابرز دليل على ذلك حدوث انتفاضة أو حركة الشواف في الموصل في آذار 1959 ، التي كان قادتها أعضاء في حركة الضباط الأحرار واندلاع أعمال العنف في الموصل بسبب هذه الحركة ، ثم حدوث محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم في شارع الرشيد في 7 تشرين الأول 1959 من أعضاء في حزب البعث هذه الأحداث أن دلت على شيء فهي تدل على مدى التمزق الذي حدث والانقسام في صفوف الجبهة الداخلية للعراق خلال هذه الفترة وبالأخص في صفوف القيادة العليا للدولة .

إن انهيار جبهة الاتحاد الوطني والنزاع الدموي الذي انعكس في شعارات سياسية متطرفة أجهضت قوى الثورة أمام القوى المعادية ، لا بل عملت على اصطفاف بعض قوى الثورة إلى جانب القوى المعادية لها ، وأضعفت القوى التي بقيت على موالاتها وصرفتها عن العمل الأساسي في تدعيم الثورة ومسيرتها إلى حيث انصرفت بكل قواها في مناورات للحفاظ على نفسها وحرف السلطة عن مسيرتها بحيث انه في السنة الثالثة للثورة صار النظام الذي ابتدعته ثورة تموز معلقاً أمام خيار واحد هو خيار عبد الكريم قاسم الذي لم يكن ليؤمن بتنظيم حزبي أو سياسي ، بل كان يؤمن بالعمل في سبيل تحقيق شعارات الحركة الوطنية ، الأمر الذي جعل القوة الشخصية لفرد واحد لا تستطيع أن تقف أمام القوى الاجتماعية - الجيش - القوى السياسية - التوجه العربي - التنظيمات الديمقراطية والدينية والقومية والقوى الاقتصادية الوطنية والاستعمارية الأجنبية ، مما أدى إلى انهياره أمام هذه القوى.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عمر علي
2013-02-16
رحم الله الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم ولعنة الله على البعثيين والوهابيين القتلة
زيـــد مغير
2012-09-10
عبد الناصر بالعفو عن عبد السلام عارف الذي أراد قتل عبد الكريم , وتأليب ضباط الجيش ضده . أسألوا أهالي الأعظمية يوم مقتل الملك الشاب الشهيد فيصل الثاني سمعت صرخة في أنحاء الأعظمية من قبر المرحومة أم الملك فيصل . وللأسف يحتفل العراقيون بيوم 14 تموز الذي قتل فيه الملك والقرآن فوق رأسه , وقاتله المقدم الجبان عبد الستار العبوسي انتهى به الأمر منتحرا ً في معسكر الوشاش وقد هلق رقبته في مروحة سقفية . ويوم مقتل الملك الشاب وصل الخبر الى سماحة آية الله العظمى السيد محسن الحكيم , بكاه ولعن قاتليه .هذا مختصر
زيـــد مغير
2012-09-10
تكملة - وكان يعلم عبد الكريم أن حكومات المجابهة مع كيان اسرائيل هم حلفاء لهم وليسو أعداء . لم يقتص عبد الكريم من قتلة العائلة الملكية الأبرياء الذين قتلوا بوحشية دون ذنب . ولنتذكر إن مجلس النواب آنذاك من خيرة وجهاء العراق وليس كما نرى في مجلس اليوم الأغلب من المجرمين وعملاء لتركيا وموزة وحكام الخليج .اللهم يرحم شيابنا قالو بحق عبد الكريم ( إنه أرعن أخذها من الأشراف وأعطاها للمجرمين السفلة ) وفعلا ً . لا تشفع لعبد الكريم إنه كان متواضع أو جماهيري ولكن الأهم إنه كان ينفذ ما يريده منه المقبور عبد ا
زيــــد مغير
2012-09-10
انقلاب 14 تموز 58 كان من تخطيط المقبور جمال عبد الناصر والصهيونية لأيقاف مشروع حلف بغداد , وحركة الضباط الأشرار ( الأحرار ) كذلك . أستُغل عبد الكريم قاسم الغبي سياسيا ً للأنقلاب على أن يقتل ويحل محله عبد السلام عارف وفعلا ً حصل بتخطيط مصري أيضا ونزلت عصابة البعث الى الشارع برشاشات بورسعيد المصرية الصنع .من مساويء أفعال عبد الكريم قاسم هو ضرب الدستور وقانون الأصلاح الزراعي الذي دمر الزراعة وحول العراق من دولة قوية الى عصابات متوالية للأمويين ومن ثم الى البعث الكافر , وكان يعلم جيدا ً _ يتبع
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك