بهاء العراقي
لاشك ان المشروع الامريكي الغربي الذي اعلن عنه قبل وقت طويل والذي عرف بمشروع الشرق الاوسط الكبير يتحرك على الارض. وبدات مصاديقه بالظهور تدريجيا بعد حرب لبنان العام 2006 حين كسب حزب الله تعاطف الشارع العربي رغم تأمر ومعارضة انظمته الحاكمة لتصدي حزب الله البطولي لالة الحرب الصهيونية المدمرة, وكان ما كان من انهيار انظمة وبقاء اخرى متارجحة بين حماية نفسها من السقوط او السير في ركب هذا المشروع, الملاحظ ان الجمهوريات العربية البالية التي قامت بعد مسلسل الانقلابات العسكرية الهستيري سقطت بفعل تغيير اريد له ان يكون شعبيا هذه المرة, والملاحظ ايضا ان التغيير لبس ثوبا اسلامويا منسجما مع عنتريات الخلافة الاسلامية الحديثة التي تتزعمها تركيا, وتركيا هذه تقدمت الصفوف كونها حليف قوي لامريكا والكيان الاسرائيلي فبعد الزعامة السعودية التي ضعفت كثيرا بفعل عدم مقبوليتها وتشددها ولعدم ملائمتها للمرحلة الحالية كون شعوب البلدان المستهدفة وبالرغم من احتياجها للنموذج الاسلامي الباحث عن اعادة الكرامة للشعوب المسحوقة الا انها ترفض بشكل قاطع فكرا مثل الفكر الوهابي المتحجر المتشدد الطارىء. ولان خلفيات اغلب الشعوب حضرية بعيدة عن جلفية اوباش ال سعود ومؤسستهم الدينية المارقة تم تعديل الخطة لتكون تركيا بخلفيتها الاسلامية وخلافة ال عثمان الزعيمة المنتظرة للعالم الاسلامي بصعود حزب العدالة والتنمية الذي تحمس لدور اقليمي كبير بديلا لعضوية الاتحاد الاوربي الذي لايحبذ انضمام تركيا اليه رغم ما قدمت من تنازلات خلال العقدين الاخيرين وكانت خيوط اللعبة تقضي اولا بادخال المنطقة تدريجيا في اللعبة الطائفية لمنع التعاطف اولا مع الضد النوعي (الاسلام الشيعي ) وتصوير كل حركاته ورموزه على انهم اعداء للسنة وصولا الى استعداء النموذج المقاوم ففي العراق مثلا قامت وسائل الاعلام العروبية بضخ كم هائل من المعلومات المزيفة والاكاذيب عن افكار الشيعة ومعتقداتهم, واقرنت تسمية مليشيات مثلا بالشيعة في اغلب النشرات الاخبارية والبرامج السياسية التي تهتم بالشان العراقي بمناسبة او من غيرها واخذت الامور تاخذ منحا طائفياً كبيراً يمكنها أن تحرق الأخضر واليابس وتنذر بخطر كبير لايمكن تداركه الا بالعمل المضاد وعبر حملات اعلامية وثقافية توضح اخطار مثل هذا النهج. وبالعودة للدور التركي الذي ضرب كل علاقاته ومصالحه مع دول المنطقة المستهدفة نزولا عند رغبة امريكية واسرائيلية بترتيبها على اساس رعاية محور معارض في هذا البلدان على امل ان يتسلم هذا المحور زمام الامور والحكم فيها مستقبلا وبدعم غربي لايمكن التغاضي عنه فالصفقات قائمة على قدم وساق والسيناريوهات التي تعد اكبر بكثير مما نتصور, واذا قرأنا طبيعة التحرك التركي في العراق وخطورته على المصالح القومية لبلادنا لوجدنا ان هذا السيناريو الذي بدا بجمع شتات القيادات السنية الاسلامية والعلمانية والليبرالية وبقية التوجهات الاخرى فكرية وقومية في قائمة واحدة (القائمة العراقية ) اخذ بعد ذلك يركز على تحييد الكرد وعزل الشيعة ويهدف في النهاية الى بدء مسلسل من التغييرات الدستورية تمهيدا لاحداث التغيير السياسي والبنيوي المطلوب في العراق, اضف الى ذلك فان بعض المراقبين يرى بأن تداعيات الأزمة السورية التي عملت اطراف معروفة على تغذيتها وتاجيجها سوف لن تبقى محدودة في إطارها الجغرافي السوري، وستنتقل لا محالة الى دول الجوار التي تتشابه في طبيعتها الديموغرافية (قومياً ومذهبياً).ولعل ما تم تسريبه مؤخرا والذي اشارت فيه عدد من استطلاعات الرأي الأمريكية السرية في المنطقة بأن نموا كبيرا في الحس الطائفي تصل نسبه الى 700% وإذا قورنت هذه النسب والإستطلاعات بما جرى في العام 2007م حيث كانت شعوب المنطقة اقل احساسا بالطائفية وقدرت استطلاعات مشابهة انذاك نسبة الشعور الطائفي ب 71%، لذلك فان هناك مؤشرات خطر حقيقية تداهم الاوضاع في بلادنا وتحتاج منا كدولة ناشئة في المنطقة الى معالجات جذرية سيما ان التركيبة السكانية والتنوع الديني والمذهبي عندنا يشبه سوريا وان كان العراق والتغيير الذي حصل فيه قبل عقد من الزمن اثر في سوريا بشكل لافت خصوصا ما تعلق منه بضرورة ايجاد اصلاحات سياسية واقتصادية وحرية وتعددية والا فان الاوضاع في العراق كما اثرت هناك فانها ستتاثر بما حدث وسيحدث خصوصا مع عدم اكتمال التجربة ونضجها كما ان على الجميع ان يفهموا بما فيهم المتحمسين لدفع تركيا للتدخل في الشان العراقي من العرب تحديدا ان النار التي يريدون اشعالها ستحرقهم وستذهب الى ابعد مما يتصورون...
https://telegram.me/buratha