بسم الله الرحمن الرحيم
في حوار مع زوجة مسؤول يقطن في المنطقة الخضراء استمر لاقل من ساعة تلمست حقيقة تغيب عن الكثيرين ممن يعتقدون ان المسؤول وعائلته اناس من ذوي الحظوظ السعيدة فأحببت ان انقلمقتطفات من الحوار كونه ينطبق على اغلب المسؤولين فلقد قرأت التعاسة في عيون عائلة مسؤول تعيش في بيت جميل وفي يسر مادي فتابعوا معي لمعرفة الاسباب .
القصة تبدأ بمعارض خرج من بلده لائذا بنفسه من دسائس البعث ليبدأ المشوار من بلد الى بلد بغية الاستقرار وخلال مشواره يكوّن عائلة تقاسمه العناء حتى يصلون الى مكان يستقرون فيه وكان ذلك لعائلة ذاك المسؤول فلقد نعموا بالاستقرار على مشارف الالفية الثانية في احدى الدول الاوربية وصاروا لاجئين وصولا ً الى استحصال جنسية من ذاك البلد الى ان .....
رن جرس الهاتف ... ااااه ... انه ...... رمز حكومي كبير يتصل برب الاسرة ويطلب منه ان يرجع الى العراق ويقدم له منصبا ً كونه " حجاي " فالرمز الحكومي يجد في هذه الصفة ما فيه حل مشاكل العراق !! . ولبى ذلك المسؤول تلك الدعوة لاهل الدعوة !! ونزل المنطقة الخضراء بعد ان انزل زوجته وابناءه في محافظته وسحب اغلب اقاربه على انهم حماية له وصار كالضيف يزور تلك العائلة متى سمح وقته .
زوجته انسانة مؤمنة وطيبة وبتلك الطيبة تحاسب نفسها بصوت عالي لتسحبك للتفكر بتساؤولاتها فلقد اعجبتني التفاتة لها حيث تسأل الناس ان يحمدوا الله كثيرا فلقد كانت تشتكي كثرة جلوس زوجها في البيت ايام المهجر وتتمنى لو ان له عملاً يغيّبه اياما ً!! الان هي مسؤولة عن اولاد طال غياب والدهم لسنين تتخللها زيارات قصيرة جدا يقضيها في لقاء الاقارب وفي النوم والرد على الموبايل الذي دائما ما تحمل مكالماته الكثير من المشاكل ليبدأ الصراخ والزعيق في منزل ينتظر فيه اولاده ان يسمع والدهم مشاكلهم .
تلك الزوجة اقلقها الفراق وهي تتوسل الزوج اللحاق به الى المنطقة الخضراء وسط رفضه خوفا ً من الاختطافات ومن ضياع المال على الحماية المكثفة وبينما هي تتكلم عن مخاوفها من ان يتزوج باخرى انتبهت الى عيون اطفالها كيف يحدقون في بحر القلق الذي يتلاطم موجاته في عيونها فهي لم تنتبه الى خطر انشغال فكرها عنهم رغم انها معهم .
استمرت بالكلام وانتقل ذهني الى بُعد جديد في حياتهم فذلك المنزل المرتب وذاك الاثاث الحديث واجهزة الموبايل عالية الجودة في ايدي الابناء لم تسعدهم لان البسمة لا ترتسم على وجه ام واب بل ان دائرة معارفهم تضيق فهم يخشون ان يطلع احد على حياتهم مخافة الغدر , الايام تمضي ويكبر الصغير وتكبر معه همومه وخيارته .
رجعت اليها بعد ذلك الانتقال الذهني لاجدها لازالت تتكلم فقاطعتها بسؤال بصفتك زوجة مسؤول ما الذي تغير بحياتك بعد هذا المنعطف فاجابت بكل تلقائية :
1- كان لي زوج شارد الذهن بابحاثه ودروسه ولكن جسده في المنزل يفصلني عنه باب اذا فتحتها قطعت حبل افكاره نقلته رغما ً عنه الى مشاكلنا والان فلا ذهن ولا جسد بل هو ضيف ننتظر قدومه وهو يخشى ابلاغنا عن الموعد !! .
2- كان لي زوج يعيش على مساعدات الدولة المضيفة وكان يمتلك لسانا ً مؤدبا ً كونه انسان قد تعب في صناعة ذات معبئة دينيا ً واخلاقيا ً والان اسمع منه جمل وكلمات لم اتوقع ذات يوم ان اسمعها ولا اعلم ان كان سبب ذلك الضغوط التي يتعرض لها ام بسبب الطحين الذي ملأ اظافره .
3- كان لي زوج غيور علّي في الغربة اما الان فهو يطلب مني ان اعود اليها مع اولاده كي يكملوا دراستهم !!! فلا امل له في بلد جاء هو ليصلح فيه !! .
4- كان لي اقارب يحبونني حينما ازورهم والان هم يدعون على زوجي الذي اخذ الازواج كحماية وترك الزوجات كحالي فلقد ذهب بريق النقود التي طالما حلموا بها وشعروا ان في الحياة ما هو اهم منها .
5- كنت اخشى الغربة وهمومها والان اخشى ان افتح التلفاز خشية سماع خبر اغتياله اخشى ان يخرج ابني الى الشارع خوفا ً من الاختطاف بل اخشى حتى ان انام .
شعرت انها تريد ختم كلامها بدموع وخشيت ان تكسر قلوب اطفالها بها فهممت بالكلام بعد ان اطلقتُ حسرة فلم اتوقع ان يكون لمثل هؤلاء الناس مشاكل !! ولم اكن اتوقع ان تفتح قلبها بكل هذا الصدق والعفوية , طلبت من الله ان يجري على لساني كلمات تطمئن هذا القلب القلق فأخبرتها بانها تشتكي زوجا يبحر في سفينة حل مشاكل بلد وهو تارك اسرته ومشاكلها وهي تفعل نفس الشيء ! اليست شاردة الذهن داخل منزلها , الا يعطي هذا الامر فرصة لابنائها لا سامح الله ان يخرجوا من اطر الرقابة التربوية .ومن ثم الم تعترف بانها ضيعت ماضي كان فيه جمالا ً بشكواها والان هي تضيع الفرصة فرصة كونه على قيد الحياة وابنائها يحيطون بها فلا نعلم ما سيحصل في الغد ربما سنتمنى ان ترجع هذه الايام التي نتشكي منها الان .
قويت ازرها فهي عمود الخيمة حتى يرجع الزوج ولكني اخفيت عنها شعورا ً تجاه زوجها الذي لا اقذفه بالباطل كونه مسؤولا فهناك من يضع الله بين عينه في عمله وان قصر في جوانب حياته فهو ليس بالجرم ولكن اتحير في امر من كون ان الشخص يأتي مصلحا ً ومن ثم تأخذه دوامة المال وهذا ليس اتهاما ً له ولكن تفسير لما يحصل فما معنى ان يضع المسؤول عائلته بعيدا ً كون قربها يخسره نقودا ً معناه انه يوفرها عسى ان يحصل على عقارات او ما يضمن به حياة اسرته وهذا هو التفسير الوحيد ولاحظ اننا نتكلم عن مسؤول لم يشر اليه احد ذات يوم باصبع اتهام وبهذا يكون نزيها ً فلا نتكلم عمن نزع ثوب الحياء وبات سكرانا ً بخمر النهب .
اذن فالمسؤول بالنهاية قد جذبته الرواتب ليس الا وقل وندر ان يكون هناك من رجع من اجل وطنه والبوصلة الوحيدة التي يمكن ان تشير الى الوطني هو ان تكون عائلته معه وهو القائد الحامي لها بالاضافة الى النزاهة والصدق وغيرها .
الكل يعاني هذه هي الخلاصة ولكن يبقى الفقير الذي يعاني لاشباع عائلته هو الاكثر هما ً لا بل ان الاكثر هما ً هو من فقد عزيزا ً في خضم هذه الاحداث , كل شيء يعوض الا غياب انسان فلنحافظ على بعضنا البعض وليكون الحب عنوانا ً واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد الخلق محمد واله الغر المحجلين .
اختكم المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha