بهاء العراقي
لعل واحدا من اهم الاخطار التي تداهم البلاد والمشروع السياسي في العراق, هو عدم اكتمال مراحل بناء الدولة العراقية بعد سقوط نظام البعث الصدامي المجرم.فكل المعطيات تشير الى عدم إرتقاء المشروع السياسي العراقي من مشروع سلطة مجردة الى مشروع بناء دولة قوية بمؤسسات حقيقية تمتلك القدرة والاصرار على مواجهة الأخطار المحتملة وإقناع المواطنين بضرورة سيادة القانون وسواسيتهم امامه, فلكل واحد منهم حقوق وواجبات يعمل ويسير بمقتضاها.ولعل الحروب السياسية والاقتتال الرخيص على بعض المكاسب والمواقع الذي انشغلت به اطراف الازمة على حساب تدعيم مشروع الدولة والمضي في بنائها فوت الكثير من الفرص واستهلك الكثير من الوقت حتى بتنا نخشى خطر ضياع المعركة وتفتت مشروع الدولة وإنهياره على أعتاب أي مواجهة محتملة كبيرة يراد لها ان تغزو الاراضي العراقية فحجم التأمر كبير وواضح لكن الغفلة هي الداء المسيطر وتغابي البعض وعدم شعورهم بالمسؤولية هو من عقد الامر كثيرا وكثيرا جدا.ان حالة الصراع التي سيطرت على الكتل السياسية ومحاولاتها قهر وتفكيك بعضها البعض عبر زرع الخلافات بداخل بعضها البعض من خلال سياسات الترهيب والترغيب عقدت الوضع واربكته بشكل حقيقي مما هدد الشراكة الوطنية وجعلها مجرد مسمى فارغ, فما معنى ان يعاد ضباط مجتثون او يصار الى ايجاد مساومة معينة غير محاولة اظهار سطوة الحكومة والتي في الحقيقة يجري امد اطالتها لتحقيق مكسب معين لشخص او حزب بعينه على حساب الحوار الذي كان سيحل المشاكل او يضع تصورا لحلها بشكل جدي, ولعل سياسة حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون التي سارت باتجاه تقليم اظافر الكتل السياسية الاخرى والتفاوض المنفرد مع اشخاص ومجموعات صغيرة الحجم في سبيل تحقيق هذا المطلب افضت الى تقديم تنازلات كبيرة لن تساعد في بناء مشروع الدولة كما انها لا تعبر عن تمثيل حقيقي لمكونات الشعب العراقي.وهذا ما يفسر موقف الناخبين من ممثليهم في المناطق السنية والذين اعتبروهم متواطئين او خونة بعد تفاوضهم مع رئيس الحكومة ، كما تفسر بجلاء موقف القوى الإقليمية الداعمة لهم والتي تفكربجدية في إستبدالهم بوجوه جديدة خلال الإنتخابات القادمة، على ما نقل في بعض التقاريروالتسريبات ، ولعلنا سمعنا بوجود مفاوضات سرية للمالكي وبعض عرابيه مع جهات متعددة (بعثية وغير بعثية) ستصب على المدى البعيد في زيادة حجم هذه التنازلات على حساب مشروع الدولة الذي تباكى عليه طويلا ولعله ينظر بعين ( المال والسلطة وشركاء جدد وقواعدي الشخصية ) من اجل الظفر بولاية ثالثة سيكون إحتضان الشارع السني مفتاحها ولكن , هل يقبل هذا الشارع تحالف المالكي مع ابنائه ويؤيدهم ام سيرفضه ويرفضهم وينهي بذلك مغامرة الولاية الثالثة؟ لندخل في نفق مظلم قد يكون مشابها لما مررنا به اثناء تشكيل الحكومة الحالية مما ينذر بفتح جبهة التنازلات من جديد وكلنا يعرف على حساب من تكون هذه التنازلات, واجزم هنا ان التفجيرات والاعمال الارهابية التي جرت وتجري مؤخرا كان الهدف منها هو اعادة حالة التشنج وابقاء حالة التمسك بالطائفة باعتبارها الملاذ ورجالها الحماة من أي رد فعل كان او يكون من الطرف المقابل هو المخطط الذي عملت عليه القوى الاقليمية الداعمة لثقافة المكون على حساب الوطن و الراغبة في عزل المكونات وابقاء حالة عدم الاقتراب قائمة لاسقاط من يريد ان يحصل على المكاسب التي ستضيع ان لم يتم تداركها بخلط الاوراق من جديد والامر ينطبق على من خرج من تحت عباءتهم من نواب الغفلة الافذاذ.
https://telegram.me/buratha