يحاول البعض من الساسة ـ أما بحسن نية، أو لجهل بمعطيات الواقع ـ تخفيف أثر الخلافات السياسية المتتالية باستخدام تشبيه يتكرر كثيرا في الأدبيات السياسية ، سيما لدى الاحزاب العقائدية، وهو تشبيه يرمي الى تأكيد ثبات الآيديولوجية مع تغير الاشكال والافراد. ولذلك، يشبه هؤلاء الساسة مسار العملية السياسية بمفهومها الحركي، وبمخرجاتها الخلافية بقطار يسير على سكة « جبكلي جبكلك» خلال محطات كثيرة. سرعة هذا القطار تتفاوت وصولا وبقاء وقياما من تلك المحطات، ووفقا لحركة القطار ونظامه الحركي تتطور العملية السياسية..قطار ومحطات..! وهو توصيف ساذج الى حد البلاهة..لأنه توصيف قدري يؤمن بأن ما في اليد حيلة، ويؤمن أنه يتعين على الجميع ركوب هذا القطار حتى لو لم تعرف وجهته النهائية..!
أي أن ركوب القطار ـ عندهم ـ أمر حتمي ولابد منه،» أركب لا يفوتك القطار» ومن لم يركب القطار ـ قطارهم ـ سوف لن يصل الى المحطة التالية والمحطات التي تليها..! متغافلين أو متعامين أو متناسين في أقل تقدير، أن القطار ليس واسطة النقل الوحيدة للوصول الى ما يبغي الناس الوصول اليه من أمكنة، بل بالحقيقة أن القطار يوفر الوصول الى أمكنة محددة ولا يمكنه الوصول الى كل الأمكنة، فليست كل المدن موصولة بشبكات السكك الحديد!! ..
ثم ثمة مسألة أخرى، هي أن القطارات عادة ما تكون مزدحمة وشديدة الحرارة، بالضبط كما هو حال عمليتنا السياسية، تخمة بالأحزاب ، وسخونة بالتصريحات السياسية!
..وناهيك عن أن القطارات لم تعد كما كانت «ايام زمان» تتوفر على عربات إطعام..حالها حال عمليتنا السياسية التي ما «توكل خبز»..!
بل أن «التي تي» وهو الرجل الذي يقطع «التكت في القطار» أو فاحص التذاكر لم يعد كما كان قبلا، يفحص تذاكر جميع الركاب، فهو تارة يخشى بعض الركاب وصولاتهم ولذلك يغض النظر عنهم، فيما تارة أخرى يحاسب راكبا لم يقطع تذكرة من محطة الركوب، ولكنه يحتفظ بالغرامة لنفسه...!
ومشكلة أخرى لا يسعنا إغفالها، هي أن القطارات بطيئة جدا هذه الأيام،ولم تعد مرغوبة للنقل العام ، فالطريق الى البصرة يقطعه القطار بأربع عشرة ساعة، فيما تقطعه الشفورليه»الأوباما» بخمس ساعات أو أقل في أكثر الأحيان..... وهكذا بات ركوب « الأوباما» هو الوسيلة المثلى للوصول الى البصرة، حتى أن رحلات القطار اليها قد ألغيت كما أعلنت ذلك وزارة النقل..!
كلام قبل السلام: هل هي صدفة أن معظم ساستنا ينشدون الحل من «أوباما...!؟
سلام.....
https://telegram.me/buratha