المقالات

"براءة المسلمين: النبي محمد".. والعلاقة الملتبسة بين الشرق والغرب ....بقلم: محمد ابوشريفه

590 08:35:00 2012-09-16

 

 

كشف الفيلم المسئ للإسلام جوانب عدة بين الشرق والغرب كانت مخفية أو بالأحرى لا يحبذ الاقتراب منها لخطورتها السياسية والثقافية والعقائدية.

فالإساءة ليست موجه للإسلام والمسلمين فقط إنما تتجاوز ذلك لتصل إلى كل الأديان والمعتقدات بهدف ضرب لغة الحوار والتسامح الحضاري والقضاء على التعددية الفكرية وحرية الرأي والتعبير.

فالفيلم لم يصل إلى المستوى الفني المطلوب والذي يؤهله أن يحجز مقعده بين الأفلام المتنافسة، فقد خلا من أي بعد ثقافي إيجابي بحسب النقاد و المتابعين له. وبالتالي لا يحمل أي معاني دينية قيمية أخلاقية، ولا يتسم بالموضوعية السياسية والإجتماعية. كونه يعكس صورة فتنوية بائسة تضرم نار الحقد والتعصب والكراهية.

فهو بعيد كل البعد عن قيم الحرية والديمقراطية ولا تربطه أي علاقة بهما، ولا يدافع عن أي دين أو معتقد سواء كان الدين المسيحي أو اليهودي أو البوذية وغيرها. بل هو مشروع تضليلي، ونوع من أنواع التخريب الفني والفكري المستقصد والذي ليس له علاقة إلا بلغة الإرهاب.

ولذلك نلحظ أن ارتدادات الفيلم لم تقدم أي ايجابيات لفريق العمل من مخرج ومنتج وفنانين. فقد اتسم العمل بالحقد والضغينة والإساءة للغرب وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، التي تعرضت سفاراتها وقنصلياتها وديبلوماسيها للقتل والحرق والتخريب من الجماهير التي أغلبها مضللا بفعل شحنها وتعبئتها بتعبيرات التعصب والتكفير من جماعات إسلامية مختلفة وذلك لمآرب خاصة بها، بغية تعميق الهوة بين اتباع الديانات المختلفة في الدول العربية والإسلامية. تلبية لأهدافهم، وأهداف من يقف خلفهم، والتي تسعى إلى تمزيق وحدة شعوب الأمة العربية والإسلامية في أرجاء المعمورة.

ومن بين الجوانب العديدة التي كشفها الفيلم المسيء للإسلام جانب العلاقة بين الغرب وتيارات وقوى الاسلام السياسي، حيث أظهر أنها علاقة تنافرية وكأنها نار تحت رماد، وأن ثمة حذر في العلاقة بين الطرفين وكأن أحدهما ينتظر ساعة الصفر للانقضاض على الآخر. وذلك بالرغم من أن بعض الجماعات الاسلامية حاولت تهدئة الأمر وانبرت بالدفاع عن مصالح واشنطن ومؤسساتها في المنطقة.

مع ذلك لا يخلوا الأمر من مكيدة تحاك للأمة العربية والأسلامية، وعليه من الضروري على شعوب الأمة التنبه للأخطار، التي تجرها إليها بعض الجماعات الاسلامية المتطرفة باسم الدفاع عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم. لأن تلك الجماعات، تريد أن تستغل الفيلم التافه والسخيف، والذي بطبيعة الحال لا يعكس ثقافة الغرب، على ما في الغرب من ثقافة غير ايجابية تجاه الدين الاسلامي والمسلمين عموما، التي أججتها الولايات المتحدة الأميركية بعد أحداث الحادي عشر من ايلول(سبتمبر) 2001، حينما شنت حملة ضروس على الإسلام والمسلمين، ووصفتهم بأبشع التهم، مع أنه بات معروفا للقاصي والداني أن أجهزة الامن الغربية والأميركية والإسرائيلية خاصة هي التي ساعدت في صناعة ودعم جماعات دينية إرهابية مع بعض الدول العربية لضرب روح الإسلام الحقيقي الذي ينادي بالتطور والتحرر. ومازالت الإدارات الأميركية والدول الأوروبية واسرائيل وبعض دول الخليج تدعم الجماعات الاسلامية المتخلفة لحلول دون عملية التطور، ولقتل روح التغيير الثورية في البلدان العربية، كمحاولة حثيثة لإعادة تمزيق وحدة الشعوب العربية والإسلامية.

ولذلك لزاما على التيارات والأحزاب والقوى الوطنية والديمقراطية والليبرالية والإسلام العقلاني المعتدل التصدي للدهماء الفوضويين، ليس دفاعا عن الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من قوى الغرب، بل لحماية النسيج الوطني والقومي، وبالتالي الدفاع عن اتباع الديانات الاخرى المسيحية واليهودية واصحاب المذاهب والمعتقدات المختلفة. لأن تحصين التعددية الاجتماعية والدينية والجنسية والحزبية السياسية والفكرية والعرقية، هي مصلحة عليا للإنتفاضات العربية ولتطور الشعوب العربية، ولقطع الطريق على عملاء اميركا من غلاة التطرف والتخريب باسم الدين.

في الواقع، أن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية كاملة عندما طبعت حروبها الهمجية بطابع ديني، وهي التي سمحت بتنامي التيار الديني المسيحي المتطرف وكذلك التيارات الإسلامية المتطرفة، لترويج سياساتها الاستعمارية الاحتلالية. ولكن لا يتحمل المواطن الأميركي المسيحي والمسلم العادي تلك السياسات التي يدفع كلا الطرفين ضريبتها من الدماء البريئة التي تسفح باسم الدين. وهذا يؤدي إلى مزيد من التطرف، ومزيد من الدماء البريئة التي تسال.

واثبتت ردود الأفعال الغاضبة على الفيلم المسيئ للإسلام عدة أمور جوهرية أهمها:

- الذين يتصورون أن فيلما وضيعا لا يتجاوز الربع ساعة في مدته يمكن أن يزلزل ويهدم ديانة عمرها خمسة عشر قرنا، لا يثقون بقوة هذه الديانة ولا بتغلغلها في قلوب المؤمنين بها.

- أننا بحاجة ماسة إلى رجال عقلانيين من العلماء والفقهاء والإعلاميين والمثقفين يتحلون بالفطنة والكياسة الذكاء والهدوء والحكمة والعقل، يتفهمون أبعاد الألعاب السياسية والإعلامية، ويبتعدون عن الأساليب التعبوية السطحية الضحلة في التحشيد والتحريض، ويوجهون الناس بطريقة حضارية للتعبير عن مشاعرهم الدينية وتوظيفها في الإتجاه الصحيح.

- لا زالت غالبية الشعوب العربية تحمل مشاعر مكبوتة في التعبير عن رأيها، فمن المستغرب أن يحدث فيلم رديء الإخراج والإنتاج كل هذا الأثر في نفوس الامة الاسلامية، وإن كانت الامة معروفة على مر التاريخ بالمشاعر النبيلة والصادقة.

- باتت صورة الولايات المتحدة في المنطقة في الحضيض، والمرحلة القادمة ستكون مرحلة اختبار جديدة للعلاقة القائمة بين اميركا والدول والمجتمعات الاسلامية .

- ردات الفعل التي حدثت في ليبيا على وجه التحديد من قتل للسفير الأميركي وبعض أفراد القنصلية هناك، يسيء لنا كمسلمين. ويقدم خدمة مجانية لاتباع التطرف الديني الذين يروجون لفكرة الإرهاب الإسلامي والدين الدموي الذي يقتضي الأمر لمقارعته ومحاربته. والسؤال المطروح في هذا الشأن هو هل خدم أنصار هذا التيار الإسلام؟

من يريد الدفاع عن النبي محمد نبي الرحمة، عليه أن يدافع عن حرية الأديان والمعتقدات، ويذود عن الاماكن المقدسة المختلفة، لان في ذلك رد صريح على جميع الأطراف الأميركية والاسرائيلية التي تقف خلف هذا الفيلم. ولنا في سلوك النبي محمد صلى الله عيه وآله وسلم خير دليل على التعامل بأخلاقية راقية مع مثل هذه الأمور، فلم يتعامل مع من كان يقوم بهذا الفعل بالصورة التي نتعامل بها اليوم وجاء حديث في (صحيح بخاري)، أنه قال "ألا ترون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذمما، ويلعنون مذمما، وأنا محمد" .

20/5/916 تح/ علي عبد سلمان

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك