عندما انطمست أعلام الهدى وغرق البشر في بحر الظلمات وسادت عليهم تعاليم الجاهلية العمياء بعث الله تعالى نبيه محمدا(ص) لينقذ البشرية من وحول الجاهلية ويرفع لها منارات العلم ومكارم الأخلاق ويبلّغ تعاليم السماء بالموعظة الحسنة والكلمة الرشيدة ويعيش همومها وآلامها ويُتعب نفسه لأجل هدايتها، متحملا في سبيل تحقيق السعادة للبشرية أشق المتاعب ولم يفوت فرصة إلا دعا فيها الى الأخلاق والرحمة والمحبة والتآخي والتكاتف والوحدة لحرصه على تقديم نموذجا إنسانيا لا سابقة له على وجه الأرض يحمل نظرية إلهية تنبع من أصل عرش الله تعالى وتجري على لسان سيد الأنبياء والرسل وحبيب الله وصفيه.
فتهدم المقدسات وتفسد المعتقدات وتعمل على حرف أسس الدين وتزوير حقائق التاريخ والمسلمون في صمت تشوبه بعض التحركات الخجولة التي لا ترقى الى مستوى خطر، وعند كل إساءة تطل علينا أمريكا لتسكتنا بلسان الاعتذار الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، فعلينا أن نبدي كل فعالية حتى نمنع تكرار هذه الإساءات لرموز ديننا ولقيم إسلامنا ونوقف الحرب التي يشنها الغرب على أمتنا وليس هذه الإساءة إلا فصلا من فصولها الدامية..
نعم كان رسول الله محمد(ص) خاتم مسيرة الأنبياء والرسل وحاملا لأكمل رسالات الله تعالى، يعمل كل ما بوسعه لأجل إيصال تعاليم السماء الى أهل الأرض حتى ينعمون بنعمة رضا الله تعالى وبجنات خلده وبمجاورته في فردوس رحمته، وكان في غاية الحرص على تقديم أفضل الوسائل والطرق لأجل هداية المجتمع الذي كان يسبح في ظلمات الجهل والعمى وتسوده تعاليم الجاهلية التي لا تمت الى وجدان البشرية بصلة.
كانت المجتمعات البشرية عند بزوغ نور النبي محمد(ص) في غاية التخلف والتوحش قد انقطعت عن فيض السماء وأوغلت في دجى الظلمات حتى أنهم كانوا يقتلون بناتهم الصغار ويعشون على الغارات وقطع الطرقات القوي سيد على الضعيف والضعيف لا يجد من ينصفه من القوي حتى أن المجتمعات الأوربية والغربية كانت تعيش في استبداد واسترقاق وفي جهل وعمى، في مثل هذه الظروف شعّ نور الهداية والرحمة بلسان مبين وعقل حكيم وكلمة حسنة ليضع عن الناس الأغلال والتبعات التي ألزمت نفسها بها ويضئ للبشرية دروب العلم والفضيلة وينهاها عن سبل الجريمة والرذيلة، حتى أن بركة وجوده شعّت على كل الأرض وأخذت الناس من تعاليمه ودستوره لترقى بها الى الرقي والتقدم وتفهم معنى الحرية وتعيش سعيدة في الدنيا والآخرة.
ولكن أعداء الأنبياء وقتلة رسل الوحي أخذوا على أنفسهم العداء وعملوا على إطفاء نور الله في أرضه ولا زالوا مستمرين وقد سمعنا عنهم الكثير في حياتنا المعاصرة بدأ بسليمان رشدي مرورا بالرسوم الخبيثة التي أساءت الى نبي الرحمة(ص) وصولا الى حرق نسخ من القرآن الكريم في أمريكا وأفغانستان وغيرهما هذا فضلا عن الحرب المستمرة التي تحمل عنوان الحرب الصليبية على الإسلام وطبعا فإن هذه الحرب قد تعددت وسائلها وتكاثرت وأخذت مناح مختلفة وعناوين متعددة منها رمي الإسلام بالإرهاب والتطرف والقهر وعدم قبول الآخر ونسيان لغة الحوار وغير ذلك من سموم يبثها المستكبرون كل يوم.
وها نحن اليوم نشاهد فصلا من فصول هذه الحرب المستمرة على الإسلام تمس برمز الدين وسيد المرسلين وتحط من مكانة مقدسات المسلمين في سابقة غريبة تكشف عن مدى عداوة الصهاينة والغرب لدين المسلمين وتعمل على افتعال فتنة بين سكان المنطقة الإسلامية لتصل الى غايتها المتمثلة بإحداث الفوضى والتقاتل لتقطف ثمرة فتنتها الرامية الى إضعافنا وتمزيق قوتنا حتى يسهل عليهم السيطرة الكاملة علينا.
فإن الفيلم الذي بثّ على شاشات الإعلام يشكل استهتارا بمشاعر طائفة كبيرة من سكان الأرض لأنه يسيء الى معتقدات ومقدسات المسلمين وتفوح منه رائحة الافتراء والكذب والبغضاء والتعصب ضد الإسلام وتنقصه الموضوعية المهنية والأخلاقية لأنه يصف أكمل خلق الله بأوصاف بشعة وخبيثة تكذبها حقائق التاريخ وتدحضها حجج العقول السليمة التي تؤمن بوجد ربّ العالمين. ولا يمكن لأي منصف أن يمس بشخصية كشخصية رسول الله محمد(ص) لأنها معصومة عن الخطأ والزلل ولأنه إذا راجع التاريخ الإسلامية وحقق في جوانبه لا يجد خطأ واحدا قد ارتكبه نبي الإسلام(ص)، نعم قد يجد بعض الأمور ولكنها عند التحقيق تكون من دسائس الكذابين المفترين قد وضعوها في كتب التاريخ والحديث. ولا يمكن له أن يحمل الإسلام ونبيه(ص) تبعات الأخطاء التي يرتكبها المسلمون أو بعض من يسمي نفسه مسلما وهو في غاية البعد عن الإسلام.
وفي مثل هذه الظروف المأساوية التي تمرّ على أمتنا لا ينبغي لنا أن نقعد متفرجين لا مبالين لأن الأعداء يوظفون كل جهدهم للحط من معتقداتنا ومن مقدساتنا ومن ديننا ويعملون على جعل المسألة عادة وسنة بعد أن يختبروا غيرتنا على ديننا فإذا وجدونا غير مبالين بما ينشر من إساءات وشبهات فإنهم سيكثفون جهدهم ويكرسون عملهم حتى تصبح الإساءة أمرا غير مستغرب ولا مستنكر وشيئا فشيئا تخذ بالاستحواذ على عقول أبنائنا وأجيالنا حتى يقتنعون بها ويؤمنون بمضمونها خصوصا إذا لاحظنا القوة الإعلامية التي تقدم هذه الإساءات بصورة مدروسة.
ومن هذا المنطلق وحتى لا تصبح الإساءة الى نبينا(ص) أمرا عاديا وطبعيا لا يحرك مشاعرنا يجب علينا أن لا نسكت ولا نمرر هذا الأمر بسهولة وبساطة لأنه يمس بأقدس مقدساتنا ويهدف الى إفساد عقائد أبنانا، يجب علينا أن نبدي أقصى وجوه الاستنكار والشجب وأن نهب بكل طقتنا لمنع تكرر هذه الأمور، ولا يكفينا الاستنكار من الإدارة الأمريكية بل لا بد لها من القيام بالأمور التي تمنع تكرر هذه الإساءة..
21/5/916 تح/ علي عبد سلمان
ـــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha