محمد التميمي
سجل مجلس النواب العراقي نقطة مهمة جدا في مسيرة عمله عندما لم يصوت لصالح تعديل قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، والذي كان يراد منه زيادة عدد اعضاء المفوضية من 9 الى 15..
الذين سعوا جاهدين بكل ما اوتوا من قوة الى رفع عدد اعضاء المفوضية كانوا من مشارب واتجاهات متعددة، وكانت الاهداف السياسية الضيقة حاضرة بقوة لديهم .. ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء السيد نوري المالكي كان الطرف الاكثر تحمسا لزيادة العدد، لان الزيادة تتيح له ان يستطيع التأثير بدرجة اكبر من خلال عدد من يمثلونه في المفوضية اضافة الى ممثلي بعض المكونات الصغيرة الذي يعتقد انه يمكن التأثير عليهم حينما يحتاج الى ذلك.
اما الكتل الاخرى التي سعت وراء الزيادة مثل كتلة التغيير الكردية وكتلة حزب الفضيلة وكتلة العراقية البيضاء ومنظمة بدر فقد كان همها الاول والاخير ان تحصل على موطيء قدم في المفوضية لاكثر ولا اقل بصرف النظر عن اي تبعات ونتائج سلبية تخلفها الزيادة.. للاسف الشديد، ان مايبعث على الالم والاسى هو ان المصالح الوطنية العامة باتت لدى الكثيرين ممن يدعون الوطنية والحرص على هذا البلد وابنائه ليست سوى وسيلة وورقة لتحقيق المصالح الخاصة -الحزبية والشخصية والفئوية.
من سعوا وفكروا وحاولوا زيادة عدد اعضاء المفوضية، فكروا في الواقع وقبل كل شيء بالهيمنة على مفصل اساسي ومهم، وفكروا في ان يكون لهم -كأحزاب وحركات سياسي حضور فيه، ولم يكونوا معنيين بأي شيء اخر، ونظروا الى التصويت تحت قبة البرلمان على انها معركة كسر عظم، اما ان يكسروا عظم الخصم او هو يكسر عظمهم، لم يفكروا ولم يعبئوا بأي شيء اخر مثل الاموال الطائلة التي يجب ان تخصص مع زيادة عدد الاعضاء ، حيث ان العضو يحمل درجة وكيل وزير ، ومن الطبيعي ان يتقاضى راتبا عاليا جدا اضافة الى المخططات والامتيازات الاخرى ، وافراد الحماية والسكن.. الى اخره، وكل ذلك لو نظرنا نظرة دقيقة وموضوعية ليس له اي ضرورة ولاينطوي على مصلحة حقيقية لابناء هذا الشعب المبتلى بأزمات ومشاكل لانهاية لها وسط لامسؤولية المسؤولين وانعدام الحس والشعور الوطني وطغيان روح الانا والتفكير بما هو خاص وترك واهمال ما هو عام، وكأن العراق فريسة كل طرف يحاول الحصول على اكبر حصة منها، في ظل عجز المخلصين والنزيهين والكفوئين عن الوقوف بوجه تيار الفساد الجارف بكل انواعه واشكاله.
https://telegram.me/buratha