بقلم : محمد أبو النواعير
الكل يعلم أن إقتراب موعد الإنتخابات يؤدي الى قيام معارك إعلامية تستعمل فيها وسائل عدة , بحسب مبادئ وأخلاق كل جهة سياسية , والشكل الغالب على الممارسات الإعلامية الدعائية لأكثر الأحزاب العراقية هو إستخدام أسلوبين سلبيين مشهورين : الأول هو شن حملة من التسقيطات لكل الأطراف السياسية المنافسة , وهذه الحملات التسقيطية وتشويه السمعة ونشر الأكاذيب عادة ما تقع الحصة الأكبر منها على عاتق الجهات السياسية المعتدلة التي لاتستخدم نفس الأسلوب في الرد . الأسلوب السلبي الثاني هو إطلاق الكثير من الوعود التي تَعِدُ ( بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للناخبين ) , هذين الأسلوبين مع سماجتهما , وسلبية الأطراف السياسية المستخدمة لهما , إلا أنا نجد في المقابل أن الأحزاب السياسية المعتدلة في طرحها ووعودها , تغرق بالمقابل وبشكل سلبي في الثقة بالوعي الجماهيري وقدرته على إدراك الحقيقة . فتكون دعايتها وتعبئتها السياسية للجمهور عبارة عن عرض للأعمال والمنجازات والخطوات التي قامت بها تلكم الأحزاب المعتدلة . والنتيجة تكون تغلب الأحزاب السلبية الطرح الدعائي على الأحزاب المعتدلة .ومن هذا التحديد يظهر لنا جليا ( سذاجة ) التعريف الشائع والمعهود للدعاية السياسية والقائل أنها - أي الدعاية السياسية - هي عبارة عن ( فن إقناع ) الجمهور . وهذا النوع من الإقناع يفترض ضمنا وجود ( الآخر ) و ( المحاور ) أو ( الإتصال بالإتجاهين ) . إلا أن الحقيقة هي أن المحاور غائب تماما في الدعاية السياسية . إذ أن الداعية لا يتوجه إطلاقا الى (وعي) الأفراد و ( منطقهم ) , بل يستخدم ( الأفكار المنمطة ) , ويستفيد من ما يسميه علماء السكيولوجيا الإعلامية ب(النكوص المنطقي ) لدى الجمهور وعدم تأهيلهم الكافي في ميدان المنطق . كما يتوجه أيضا الى الغرائز , وإلى الركن اللاواعي من الشخصية ...إذا الخوض في غمار الدعاية السياسية يستلزم منا الحذر والإنتباه الشديد ال خوالج الشعور واللاشعور عند الجمهور , لتتم محاكاة خطاب الدعاية السياسية لأدبيات وليات التفكير الواعي واللاواعي عندهم .......................................... والله أعلم .محمد أبو النواعير - النجف الأشرف - العراق ...
https://telegram.me/buratha