المقالات

وهل السخرية ... حرية تعبير ؟!

723 22:55:00 2012-09-17

بقلم : رياض البغدادي

إن أشد ما يدهشني اليوم الوضاعة التي وصل اليها التفكير في الغرب بحيث انه صار لا يفرق بين الحرية التي هو رائد انتشارها في العالم والسخرية التي هي خُلُقٌ دنيء لا يمكن ان نجعله عرفا من اعراف الحرية في التعبير وإلا فمن الممكن للاجيال يوما ما ان تجبرنا على جعل الاغتصاب حرية للتعبير عن الحب من طرف واحد او القتل حرية للتعبير عن مشاعر الغضب وغيرها من وسائل الوضاعة والبدائية من الافعال الشاذة التي يرتكبها الانسان المنحرف في كل مكان من العالم بدءً من الغابات النائية في الامازون واحراش افريقيا الى الاليزيه والبكنغهام في لندن .لابد للعالم الغربي اليوم ان يعيد اولوياته ويصوغ مجددا متبنياته الفكرية التي افرط في توسيع فضاءاتها ليعود مجددا الى احضان الانسانية التي ابتعد عنها كثيرا ويجب على علماء الاجتماع في العالم الغربي ان يفهموا المشاعر والتعبيرات على حقيقتها وبشكلها الانساني وعلى القيادات السياسية في اوربا وأمريكا ان يكّفوا عن اصدار القرارات المتعالية التي يخطّوا بها طرقا للعيش اجنبيةَ عن التفكير الانساني متعمدين او جاهلين بفداحة ما يقدمون عليه من تعجيم للإنسان ومحاولة حجزه في اسطبلات وقوالب لا تليق بغير العجماوات من خلق الله . من منا يستوعب فعلَ معبّرٍ عن رأيه وهو يمشي خلف صاحب عاهة محاولا تقليده لإضحاك الناس عليه ؟ ومن في الغرب يستطيع ان يهضم مدَّعٍ لحرية التعبير وهو يرفع وسطى اصابعه يغمزه بشتيمة جنسية ؟ واي انسان وقور محترم يتقبل منك شتيمة لجده او لجدته التي ماتت قبل مئة عام او اقل او اكثر ؟ لا يمكن لإنسان سوي ان يتقبل السخرية والبذاءة في القول والفعل ، والمسلمون ليسوا بدعا من الشعوب والامم بل هم اصحاب حضارة عريقة في تصنيف الاخلاق ووضع نظرياتها وليسوا الوحيدين ممن صنّف السخرية كخُلُقٍ بذيء يعاقب عليه القانون كذلك جميع الامم تعتبر السخرية خُلُقاً هابطاً لا يلجأ اليه الا الهابط والوضيع من الناس .يمكننا كمسلمين ان نتقبل رفضك لفعل من افعال النبي محمد صل الله عليه وآله او غيره من الانبياء عليهم السلام ومكتبات المسلمين حافلة بكتب الحوار والنقاش ... نحن نحاور الملحد الذي يشكك في وجود الله ، نعرض عليه حجتنا وليس لنا عليه سلطان في القبول او الرفض ، لكننا ابدا لا نقرُّ سبّاً لذات الله او سخرية لفعل من افعاله ، كذلك ليس من اخلاقنا ان نسب آلهة مفترضة لا نعترف بوجودها او نسخر من عقائد واديان لا ندين بها وذلك جزء من اخلاق نتعبد الله تعالى بها وقد بذلت الامم السالفة الكثير من الوقت والجهد من اجل ترسيخها كمفاهيم انسانية تشيع الاحترام بين ابناء الارض وتؤسس لهم مشتركات يلتقون عليها ... قل انك تشكك في نبوة محمد صلوات الله عليه وآله وقد سبقك الى ذلك الكثيرون عبر التأريخ ولم يتعرض اليهم احد بل ناقشهم الافذاذ من العلماء والفلاسفة المسلمين ومنهم من جعل يوما في الاسبوع ودكة خاصة في المسجد يقابل عليها الملحدين ليرد شكوكهم وشبهاتهم.اليوم ،ونحن نرى العالم يرجع القهقرى وقد تشابكت لديه المفاهيم واختلطت السخرية والسباب والمثلية الجنسية بالأخلاق والأعراف عمدا او جهلا هذا العالم الذي تعددت لدى محافله السياسية المكاييل ففي الوقت الذي تمنع الفرنسية من ارتداء حجابها وهو جزء من اختياراتها الشخصية لم نرَ زبدا يتطاير من فم الرئيس الامريكي اوباما ولم نرَ منه دمعة يذرفها بكاءً على تلك الحرية التي ديست في قلب الحضارة الغربية قرب برج ايفل الذي سحر عيون الشرق والغرب . اي حضارة غربية تلك التي تمنع بناء المآذن وتسمح ببناء الصواريخ العابرة للقارات ؟ ... اي حضارة تلك التي تتحجج بالالم لمنع الختان وتسمح بتثقيب الشفة والانف وخرم الاذن وادخال المسامير في الوجوه وهو ما فتحت له محال في كل مدينة وحي ؟ ... اي حضارة تلك التي تسمح بالتعري وتمنع ارتداء الحجاب ؟ ... انه لمن محاسن ما جئناكم به نحن المهاجرين الشرقييين ايها الغرب هي العفة والغيرة والشرف والاحساس بالكرامة هذه الصفات الانسانية الحميدة التي بدأت تتسرب الى مجتمعكم المفكك الخالي من الروح والمشاعر .ليس فينا من يقبل انتهاك حرمة الدم كما ليس منا من يقبل انتهاك حرمة الدين والعقيدة بالسخرية والتطاول والسباب وفي المقابل نتقبل بكل رحابة صدر بل اننا نتوق لمن يفتح معنا حوارا في حقيقة ديننا او صدق رسالتنا لاننا نعلم جيدا اننا نقف على ارض رصينة ولدينا الحجج الكافية لاقناع العاقل بكل مانؤمن به .كلنا مدعوون اليوم للمطالبة بسن قانون عالمي يٌحرِّم الاستفزاز ويٌفرّق بين النقاش العلمي والحوار الرصين وبين السباب والشتائم والسخرية والبذاءة في القول والفعل ... فالسخرية ليست من حرية التعبير ايها الغرب ... دعونا نقف جميعا لحماية انسانيتنا من هجوم الاوباش .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابراهيم
2012-09-18
لهذا يجب وكما طالب الكثير من أن يسن قانون في الأمم المتحدة يجرم مثل هذه الأعمال ويعاقب عليها لعد تكرارها أو الحد منها. وأحسنتم سيدنا العزيز على هذا المقال
ابراهيم
2012-09-18
أن الغربيين يدعون الحرية وأحترام المعتقدات والديانات للأخرين وقوانينهم تجرم من ينتهك هذه الأمور ومن يدعوا للعنصرية لكنهم بالحقيقة هم من ينتهك حقوق الأخرين ويتجاوزن على رموز باقي الديانات . عكس الدين الأسلامي الذي لا يقبل بمثل هذه الأمور لأنه يعتقد عندما تستهزء بالأخرين وتسبهم بأنهم سوف يردوا عليك بالمثل وهذه الردود سوف لن تنتهي لهذا قال الله سبحانة وتعالى في كتابة الكريم. ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم )
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك