السيد حسين هادي الصدر
من التاريخ الى الجغرافيهالادعاءات الهزيلهروى أنَّ الرسول (ص) :{ استعمل ابن اللُّتيبه - وهو رجلٌ من الأزد - على الصدقه ، فجاء بالمال فدفعه الى النبيّ (ص) فقال :هذا مالكُم ، وهذه هديّة أُهديت اليّ فقال النبي (ص) :افلا قعدتَ في بيت أبيكَ وأُمّكَ فتنظُر أَيُهدْى اليك أم لا ؟ثم قام النبي (ص) خطيباً فقال :ما بال أقوامٍ نستعملهم على الصدقة فيقولون :هذا لكم وهذه هدية اليّ ، افلا قعد في بيت أبيه وأمه فينظر أيُهدى اليه أم لا }الفارق بين ابن اللُّتبيّة - وهو مَنْ عيّنه الرسول (ص) جابياً للزكاة - وبين عامة المستغلين لمناصبهم،لصالح منافع شخصيّه، هو أنه جاء بالزكاة ، وأوصلها الى الرسول (ص) ، وطرح ما قَدّم اليه مما اعتبره هدية له أيضا .ومعنى ذلك أنه لم يَحْجب عن الرسول شيئاً ..وهذا الكشفُ الصريح لما قُدّم اليه من أموالٌ - يمكن ان يدخل في باب الايجابيات التي يُمتدح بها الرجل ...الاّ ان ذلك لايعني أنه كان موفقاً في اضفاء الشرعيه على ما تناوله من أموال الناس بعنوان الهديه ..!!وأين هو من هذه الهدية لو لم يكن جابيا للصدقات ، مبعوثاً من قبل الرسول (ص) لقبضها منهم وايصالها الى الرسول (ص) ؟!!هل كان يصل الى يده شئٌ من ذلك لو كان جالساً في بيته ، ولم يكن مُعيّناً للقيام بهذه المهمة ؟!!وهكذا أبطل الرسول (ص) زيف ادعائه بأنّ ما قُدّم اليه يدخل في باب الهدايا الشخصية .ان ما قُدّم له من أموال ، لم يقدّم الاّ لغايات معلومة ، تعود على دافعي تلك الأموال بالنفع ، وعلى المال العام بالضرر ولانريد ان نَجْمدُ على حالة معينه تتعلق بجابة الزكاة فقط ، بل نتعدى المورد الى سائر الموارد الأخرى ، التي تقدم فيها الأموال الى موظفي الدولة ، ويُخلع عليها - زوراً - طابع الهدَية ...انها ليست هدايا على الاطلاق ، وانما هي اغراءاتٌ ماليه يقصد منها النفع الخاص على حساب المال العام الأمر الذي يفترض معه امتناع المخلصين النزيهين من الموظفين على اختلاف مراتبهم ودرجاتهم عن قبولها ، صيانة للأمانة ورعاية للصالح العام .انّ ( ابن اللُّتيبه ) لم يُخْفِ عن الرسول (ص) ما قُدّم اليه ، ولكنَّ معظم المستغلين لمناصبهم اليوم لا يكتفون بحجب أسرار ما يُقدّم اليهم بعنوان الهدايا .... ، بل ويتفننون بعمليات الابتزاز ، دونما وجل أو حياء ، ضاربين عرض الجدار كلّ الموازين والاعتبارات الاخلاقيه والانسانيه والقانونيه والشرعيه .ان العراق لم يشهد في تاريخه الطويل كله ، فساداً يماثل الفساد الراهن .وما لم يتم القضاء على الفساد والمفسدين ، لن نشهد ما نريده للعراق من تقدم وازدهار واستقرار.لقد آن الأوان لتفعيل المراقبه والملاحقه والمعاقبه على كل عمليات الاثراء غير المشروع .
حســـين الصـــدر
https://telegram.me/buratha