خضير العواد
لقد ناضل الشعب العراقي الأنظمة الفاسدة لكي يؤسس نظام ديمقراطي يعتمد على صناديق الأختراع في أختيار برلمانه ومن ثم حكومته ، وبعد التغيرالكبيرفي عام 2003 تفائلنا خيراً في بناء النظام الديمقراطي الذي حلمنا فيه ، ولكن في عام 2005 أثناء تكوّن الحكومة العراقية برز الى السطح مصطلح المحاصصة السياسية الذي على أساسه تكونت الحكومة في ذلك الوقت ، وأصبح قاعدة لتكوّن أي حكومة أو رئاسة أو لجنة لهذا اصبحت المحاصصة من أهم العقبات التي تقف أمام تطور الحياة الديمقراطية في العراق ، لأنها تقف أمام أي استحقاق أنتخابي أو بالأصح تقف أمام أختيار الشعب الذي نتج عن صناديق الأختراع ، أي الشعب العراقي يمارس حقه الأنتخابي ولكن ليس هناك نتائج حقيقية لهذا الحق لأن الحكومة تمتزج بين نتيجة الأنتخابات بأعتبار الذي فاز بالأنتخابات يكوّن الحكومة والمحاصصة السياسية لأن الحكومة تفرض عليه من خلالها ، لهذا السبب نلاحظ تخبط بعمل الحكومة العراقية لأن كل وزير كان له برنامج أنتخابي يمثل قائمته ورئيس الحكومة الذي فاز بالأنتخابات له برنامج أنتخابي أيضاً وهكذا تتضارب البرامج وفي كثير من الأحيان يكون هناك عدم أنسجام في أركان الحكومة بسبب هذه المحاصصة مما يؤدي الى إظهارالحكومة بالضعف وعدم الأنسجام ومن ثم عدم إنجاز المهام الملقاة عليها ويرجع السبب في كل هذا الى المحاصصة ، لقد توغلت المحاصصة في كل مفاصل الدولة وأصبحت حتى اللجان المستقلة لا تتكون إلا وفق المحاصصة ، وهذا ما تكونت عليه المفوضية العليا للأنتخابات والتي نتجت عن وفاق ما بين رؤوساء الكتل ومن ثم تم التصويت عليها وقد توزعوا ما بين أثنين للكرد وأثنين للسنة العرب واربعة للشيعة وواحد للمسيح وبذلك اصبح العدد تسعة ، وحتى إطلاق كلمة مستقلة على هذه اللجنة غير واقعي بسبب الأختيار المسبق من قبل الكتل وهذا يعتمد على الولاءات إن كانت حزبية أوطائفية أو قبلية وغيرها وبذلك أصبحت أهم مؤوسسة تعتمد على مصاديق عملها جميع مفاصل الحياة الديمقراطية تحت رحمة المحاصصة ، وحتى هذه المحاصصة لم تعتمد على شئ واقعي للمحاصصة فلا هي محاصصة طائفية ولا هي محاصصة قومية حتى يتم معرفة النسب التي تمثل فئات الشعب ومن ثم يمكن بناء الحياة السياسية على هذا الواقع ولكن في العراق المحاصصة مابين السياسية والقومية والطائفية ممزوجة جميعها مع بعضها البعض وفي النهاية تأتي نتيجة بأن جميع المؤوسسات لايمكن العمل بها إلا بالتوافق وهذا صعب للغاية مما أدى الى عرقلت كل شئ في العراق ، وما تشريع قانون البنى التحتية إلا أصدق مثال على هذا الإرباك الحاصل بسبب المحاصصة ، هذا المشروع الذي يحتاجه كل بلد قد خرج من الكوارث إن كانت حروب أو زلازل أو فيضانات وغيرها ، وقد تأخرت الحكومة العراقية كثيراً في تقديمه الى البرلمان بسبب حاجة المواطن الشديدة له ولكن تبقى المحاصصة والأنا الحزبية عائق في إقرار هذا المشروع الحيوي لكل الشعب العراقي الذي يحتاج لكل شئ لأن البعثيون والأرهابيون قد دمروا كل شئ فيه ، لهذا فأن المحاصصة السياسية نلاحظها تحاصر الديمقراطية يوماً بعد أخر وتحاول إيقاف مؤسساتها الحيوية التي تعتمد عليها الحياة الديمقراطية ومنها البرلمان الذي لا يكوّن أي لجنة إلا بالإعتماد عليها ، لهذا يجب أن تكون هناك وقفة حقيقية من قبل جميع المثقفين والسياسين في مسألة المحاصصة وخطرها على العملية السياسية برمتها ، وإذا لم تكن هناك أستطاعة في إبعاد المحاصصة عن العملية السياسية فيجب أن تحدد نوع هذه المحاصصة فأما طائفية أو قومية وإلا فأن المحاصصة السياسية تكون مضطهدة للأغلبية وهذا تناقض واضح لقواعد الأنظمة الديمقراطية التي تعتمد على حكم الأغلبية ، وبذلك فأن المحاصصة السياسية إذا أستمرت في العراق سوف تدمر الحياة الديمقراطية وتدمر العراق كبلد له أسم وله تاريخ .
https://telegram.me/buratha