بسم الله الرحمن الرحيم
منذ أيام اشكو غفوة القلم على الرغم من توفر الوقت للكتابة ولا اعلم ان كان للخريف موعد مع قلمي الناعس أم ان الاهات هي من تفرق الحروف وسط هذا الزحام من الاحداث وعلى اي حال فها هو قلمي يعود ليس شوقا ً لورقه بل مواساة ً لقلبي الحزين .
لقد جاء صباح اليوم بخيوط شمسه التي رافقتني الى مكان عملي الذي حملت اليه هدية صغيرة بحجم الاصبع لجزء يكاد ان يكون الاهم الا وهو ساعة الجدار المتوقفة منذ فترة على امل ان يحن عليها مسؤول رفعتها وضعت قلبا ً لها لاسمع النبضات , أشعر بسعادة كبيرة حينما أضع لمسات بسيطة تعكس ارتياح بالدرجة الاولى لمن يعمل بذلك المكان , فنظافة المكان وترتيبه امر ضروري .
ولا اعلم من اين جاءت ثقافة (مو شغلي ) فتغيير بطارية يحتاج التفاتة من مدير المكان لانه ( مو شغلي ) وجلوسي وسط الازبال مقبول لان التنظيف ( مو شغلي ) وان غاب زميلي لا يمكن ان امرر عمله لانه ( مو شغلي ) وان احترقت المؤسسة سأتفرج لانه ( مو شغلي ).
كنت سعيدة هذا اليوم لامتلاكي وقت فراغ استغليته في اعمال الترتيب لتلك الغرفة التي تشاركني فيها مجموعة من الزميلات اللاتي انشغلن في غرفة اخرى فأثرت اعداد المفاجاة لهن فغيرت كما يقال ( ديكور ) الغرفة ورتبت الاوراق واضفت لمسات هنا وهناك , فالنظافة والتغيير عاملان مطلوبان في العمل ولهما اثر كبير على نفس الانسان الذي تخنقه الساعات الطوال لذات المكان .
مرت الساعات وقرُب موعد المغادرة واذا بأيعاز باجتماع مفاجىء وربما عز على اليوم ان يراني مستبشرة فأعد لي كربة لم استفق منها حتى كتابة السطور , لم نجد مدير المؤسسة بل قابلنا من ينوب عنه ليعلن ان المدير قد استقال !!! وان المكان سيغلق حتى اشعار اخر لانه لا يمكن ان يدار مكان بلا مدير !!! وطلب منا موقفا ً !!! .
حل الصمت فسألت المصرح لماذا استقال ؟ فأجابت انه كانت لديه شروط لبقائه في المنصب لم تتحقق . فتابعت بسؤال اخر ؟ وهل ان هذه الشروط كانت لمصلحة العمل أم لامور شخصية ؟ فأجاب ( علمود مصلحتكم ) !! وبعد عدة شروحات لا تقنع طفلا ً استنبطت الجواب فالسبب شخصي والا ان كان ( علمودنا ) فلما لم يسألنا ؟ وشعرت ان المستقيل يأمل في ثورة بعده يستخدمها كورقة ضغط على من هم اعلى والحقيقة اني اكن لهذا المدير احتراما كبيرا ً وهو يستحق لكفائته رغم بعض الهفوات التي ترافق كل انسان ولكن ان يتوقف العمل لاجل شخص فهذا ما لا اعقله .
تعالت الاصوات باننا مستحيل نعمل الا برجوعه والغريب ان اعلى الاصوات هم اكثر الناس المنتقدين لطريقة عمله !! واعلنوا من اننا لن نعمل الا بوجوده وبالنص " ان مطالبه هي مطالبنا " على الرغم من عدم معرفتهم الدقيقة بما يطلب !! . استغربت الحالة وحاولت ان اهدىء الوضع الذي تفجر دون جدوى فالعراقيون حينما يندفعون هم كالاعصار وان كانت هذه الخصلة ايجابية في موقف معين فانها سلبية في اغلب المواقف .
وانكسر السد واذا بفيضان الجدلات يجتاح المكان وبينت رؤيتي من ضرورة الاستمرار في العمل والذي يخدم شريحة مهمة في المجتمع ومسألة الادارة ستحل اما بالتوافق فيما بينهم ام بمدير جديد وعلينا ان نتقبل الفكرة فالمدير غادر برغبته ولم يمارس عليه اي ضغط وباعترافه في اكثر من مناسبة صرح بانه سيغادر لان مكانا ً افضل ينتظره , فمؤسستنا اهلية , فلماذا كل هذه الفوضى ؟.
مخلص الحديث والنقطة الجوهرية التي اود ان اسلط عليها الضوء بعد هذا المقطع من يوم وظيفي لم تنتهي احداثه بالمغادرة فلقد استمر الحديث ايضا داخل ( الكيا ) , تلك النقطة هي عبادة الشخصيات , لقد شعرت اليوم من ان ثمة من يعلم ظل لشخوص ولا يستطيع ان يستوعب الحياة بلا ذلك الشخص ولامكانة لقدسية عمل لديه بل ان قداسة الشخصية عمت بصيرته عن كل شيء فهو يدافع عنه سواء حق او باطل وهذا مؤشر خطير يعكس ضعف شخصيات كثيرة في المجتمع وتسلط شخصيات اخرى وبين الضعف والتسلط ضاع العمل .
العمل له قدسية تفوق تبجيل الشخوص والمصلحة العامة يجب ان تسود وهنا اوضح من ان وقوف الانسان لاخيه الانسان في شدته مطلوب ولكن مسألة الزعل والاضرابات وايقاف العمل كل هذا منافي للشرع ما زال هناك راتب يقدم اليك مقابل عمل لا مقابل تبجيل احد .
اليوم خاب املي كثيرا ً وتالمت لبعض الذوات الانسانية التي تتهاوى في ظلمات الذل وهي ممتنة من ذلك ! والبعض الاخر ممن يستغل مثل هكذا مواقف من اجل عطلة ولا يهمه هدر الوقت وضياع العمل والبعض وهو نوع متعب يوافق على شيء وما ان تخرج حتى يقول لك انه مجبوررررررر , تمنيت ان يقول احد ان استقالة المدير من عدمها ( موشغلي ) فلدي عمل يسير 70% منه دون الرجوع الى المدير, تمنيت لو اننا نكسر هبل الوظيفة ونقدس العمل .
خرجت ونظرت الى الساعة وودعتها سرا ً فلقد قررت ان لا اعود الى هذا المكان سواء ارجع المدير ام لم يرجع !.
اختكم المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha