نور الحربي
قد يتوهم من يقرأ التاريخ قراءة غير متأنية انه يعيد نفسه وكثيرا ما تتردد تعابير من قبيل الحرب الصليبية وعودتها من جديد بشكل ولون اخر وهذا للاسف مدعاة للوقوف عنده وعند اسبابه الحقيقية ولماذا تغذى عقول المسلمين بالاخص في بلدانهم التي تعاني الفقر والجوع والعوز وما اكثرها.ولعل تأثيرات مثل هذا الخطاب تتعدى حدود الزمان والمكان الذي يعيشون فيه فالعدائية والنظر للاخر مثل هذه النظرة في اوربا وامريكا وعموم العالم المسيحي, (والحديث هنا عن الشعوب والافراد العاديين ) يزيد في تعقيد الامر ويقلل بشكل كبير من احتمالات التعايش وفهم الاخر والتاثير فيه فمع عدم وجود الحصانة الفكرية والفقه الاسلامي الصحيح قد يقع البعض في اشكاليات لاحدود لها.ولعل موجة الجهل والتجهيل التي تعيشها اغلب بلداننا الاسلامية لها اسبابها المتنوعة وتقف المصالح السياسية في مقدمة ذلك فكثير من الانظمة التابعة للغرب تجد في وصول شعوبها الى درجة عالية من التعليم وتحقيق الذات سيجعلها في مهب الريح كما ان مثل هذا التفكير في السيطرة على مقدرات الشعوب وثرواتها ودفعها بهذا الاتجاه من الافقار والضيق الاقتصادي يجعلها لاتفكر بقضاياها وتنشغل بكسب لقمة العيش, لان الرفاهية الاقتصادية تقود الانسان حتما نحو الانفتاح والانطلاق بافاق جديدة تتعدى هم العيش اليومي, وحتى ان توفرت بعض الفرص لبعض الشعوب فان هولاء الحكام العملاء يفكرون في استيراد الافكار والثقافات التافهة التي تؤدي الى التفكير بطريقة مغايرة لهويتهم وجذورهم وانتمائهم الحقيقي للاسلام.من هنا لابد لنا ان نفهم ان انظمة الحكم الغربي بشكل عام واجهزتها الاستخبارية ومراكز ابحاثها ودراساتها ليست بريئة فهي عامل اضافي في تاجيج هذه المجتمعات واستمرار تخلفهاعبر مجموعة من الازمات المختلقة لتكريس حالة رد الفعل وبث العدائية لتحقيق هدفين اساسيين اولهما اعطاء تصور موهوم لشعوبها عن مدى عدائية المسلمين وجهلهم وضعفهم في اساليب التخاطب الحضاري دون التركيز على اصل المشاكل المختلقة واهدافها الحقيقية والثاني هو ايجاد المبررات للتدخل والضغط على الحكومات مرة بعدم قدرتها على السيطرة امنيا وتحقيق الاستقرار في بلدانهم ومرة باحتياج هذه الا نظمة للحماية الدائمة والدعم الخارجي في مواجهة شعوبها التي تصور على انها فاقدة الاهلية مما يدفع هذه الانظمة للانحياز والاستسلام التام لتقف عاجزة عن القيام بخطوات تسهم في ايجاد التغيير الايجابي الذي يخرجها من خانة التبعية والعمالة .وقد تكون هذه الرؤية منطلقا لفهم بعض الاساليب والطرق التي استخدمت للسيطرة على المنطقة الاسلامية وتاكيد حالة الهيمنة. ولعل التشدد والممالك والامارات الاسلامية الوهمية التي تم الدفع بها في اتون مشروع صدام الحضارات والذي نشأ وترعرع المنظرين له وادواته في حضن اجهزة مخابرات كبريات قوى الاستكبار العالمي وبالعودة للتأريخ يمكننا فهم عملية التحول التي طرأت على العقلية الاسلامية منذ بدء الجهاديين او من تحمس لافكارهم الثورية في البروز والظهور كقوة عسكرية مسلحة تعتمد العمل المسلح والمواجهة تحت عنوان الجهاد ومقاومة الغزو الكافر بشقيه الشرقي والغربي والمفارقة انهم ظهروا بشكل لافت وبرزوا برعاية امريكية وتنظيم سعودي خليجي بحت. وللامانة فان ما طرحه السيد عمار الحكيم في الملتقى الثقافي عن دور الغرب في انتاج قوى التطرف ورعاية المتطرفين الذين اثبتوا ان لهم افعال مدمرة و ذات ابعاد خطيرة على المجتمعات الاسلامية قبل غيرها فالغرب بقياداته وبمؤسساته وبمفكريه ونخبه عمل بسياسة المعايير المزدوجة التي غذت ودفعت بهذا التطرف للظهور لتحقيق اهداف معينة قد لاندرك بعضها على المدى المنظور لكننا نتوجس خيفة لمجرد ان يدس الغربيون انفهم فيها بقصد او بغير قصد" اما في الجانب الاخر الخارج عن مشروعهم فسياسة المعايير المزدوجة قائمة بشكل غريب ,فشكل التعامل بحسب المزاج السياسي الغربي مع قضايا الامة اعطى ويعطي للغربيين الحجة والدافع في الاستمرار بنهجهم في تصوير الامور بغير حقيقتها وهو يحقق الهدف لاعداء الاسلام في ضربه فيصور اصحاب الحق والمظلومون على انهم اعداء للحرية والتطور. وما يحدث مع الشعب الفلسطيني والشعب الايراني لدليل واضح على مدى الازدواجية الغربية فضلا عن النظرة السلبية والاستعداء الشعبي الذي تدفع به بعض الانظمة العربية وبايعاز من الغرب ضد هاذين الشعبين لاضعافهما وتمكين الاعداء من تحقيق مأربهم في تصفيتهما فالشعب الفلسطيني بمقاومته ودفاعه عن حقوقه يصور على انه متطرف وتصنف تنظيماته ومقداروطنيتها على اساس قربها من بعض انظمة المنطقة والغرب فيما يعد دفاع ايران عن حقها في امتلاك التقنية والحفاظ على استقلالها وسيادة قيمها الاسلامية ابين ابناء شعبها خطرا يتهدد العالم بينما يقف الجميع متفرجا على جرائم ومجازر العدو الصهيوني والته التدميرية. انه التمييز بحق وقد وصف السيدعمار الحكيم في الملتقى الثقافي الحالة القائمة وأجاد في الوصف حين قال "ان السياسة العالمية تعاني من الانفصام في الشخصية السياسية والانسانية".وهذا ما لايجوز الخضوع والتسليم له ..
https://telegram.me/buratha