الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي
بعيدا عن عقيدة الشيعة الأمامية ومعتقداتهم ، أسلط الضوء على مواقفهم السياسية فقط, الشيعة هم الطائفة الثانية من ناحية العدد في الأمة الإسلامية ، غير إن الأقلام تريد أن تنتزعهم من امة محمد {ص} ولا تعير أهمية للموقف السياسي الذي ورثناه رغما علينا في هذه الحقبة والتي سبقتها والتي ستأتي ...!!ليس من المعقول أن تختلف أي امة في المعمورة سياسيا كما اختلف الشيعة مع غرمائهم المسلمين .. الشيعة والسنة أصحاب رسالة سماوية يلتقون فقهيا في مسائل عديدة قال بها أئمتهم ومارسوها في عبادتهم ، أما في العقائد الأصولية الخاصة بالخالق والنبوة والمعاد فهم نسخة واحدة بالمعتقد إلا بعض التفرعات الخاصة بكل أصل لا تخرج المسلم من ربقة الإسلام ...ولكن المواقف السياسية شطرت الأمة إلى غابات من التراكمات العدائية لا يمكن أن تزيلها دار التقريب التي تأسست منذ ربع قرن ولم يمّكنها الإرث الثقيل أن تؤدي دورا ملموسا لحد الآن ، ولا الهيئات الدينية الشيعية السنية التي بح صوتهم في وسط ازير الأصوات الإعلامية والسياسية ...... مثال على الواقع : العقلاء السنة والشيعة نموذج قريب مستعدون أن يسمعوا بعضهم في الآراء الفقهية والمباني التي يستند أليها كل فقيه في تأسيس الحكم الشرعي.. ويقتني بعضهم كتب الآخر ، ولكن هل يوجد لحد الآن في العالم الإسلامي هيئة سياسية على مستوى رجال الدين أو السياسيين يمكن لهم أن يتناولوا محورا واحدا من المحاور السياسية الخلافية التي مزقت الأمة..؟؟؟؟ ، وهذا يعطيني الحق بالقول إن الرسالة المحمدية ناصعة واضحة لا لبس فيها ، إنما الخلل في المواقف السياسية عند القادة المسلمين ...!! وبكل صراحة الرؤية المصلحية انسحبت تماما في مواقف القادة السياسيين قديما وحديثا ، فكان لهذا حزب وذاك له حزب أخر يراعي مصالحه وفق رؤية شرعية سياسية اقتنع بها , أو لمصالح دنيوية واضحة فأصبحوا كما يقول تعالى :{فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }المؤمنون53 ...ومن ابرز المواقف السياسية التي ظهرت بعد وفاة رسول الله{ص} واختلفت عليها الأمة ،هو اختيار الخليفة وما آلت أليه النتيجة في سقيفة بني ساعده ,بعدها وصية أبي بكر لعمر بن الخطاب بالخلافة ، ثم تعيين عمر ستة من كبار الصحابة يرونها أصحاب علي{ع} إنها أسلوب سياسي تكتيكي لإبعاد علي{ع} من الخلافة ، وقد تحقت بالفعل ... ثم الحروب الثلاثة التي تفجرت حين وصول الإمام أمير المؤمنين {ع} للسلطة .. وأعظمها مذبحة كربلاء الحسين ...هذه الحوادث السياسية ذات أهمية بالغة تبين القاسم المشترك بين الحوادث السياسية بلباس شرعي , وأهمها المشاركة في القيادة وتأسيس تيارا أشبه بالأحزاب, وإعلان الحرب على الطرف الآخر ,وتعبئة الجماهير ضد جهة أخرى حتى لو تمتلك أدلة شرعية واضحة صريحة من القران أو السنة ، وفي التاريخ الإسلامي روايات وحوارات كثيرة بهذا الخصوص كقتل عمار بن ياسر مثلا ، ومن ضمنها احتجاج علي {ع} يوم الشورى بالأدلة الشرعية التي تصب لصالحه ، ولكن الأدلة إذا لم تسندها الجماهير سياسيا ، يكون صاحب الحق كمن يسبح في محيط متلاطم ، أخيراً لا بد أن تبتلعه الأمواج العاتية ...ولتقريب الصورة أكثر ، في عصرنا الحاضر هناك قادة لم يكن لهم بالأمس ذكر بين ، بل يحسبون على رجال العهد البائد وبعضهم ممن قتل أبناء الشعب ، وحرض ضد أبناء مذهبه لمصالحه السياسية ، ولكنهم الآن ينافسون الشرفاء وممن قدم الضحايا والدماء والمال والقرابين للوطن ، ومثلها الانتخابات البرلمانية في الوطن العربي والإسلامي , بعضا من هذه التيارات كانوا يرون قبيل الثورة عدم جواز المشاركة السياسية والعمل الحزبي من الناحية الشرعية ، منها التيار السلفي في مصر وهو المدرسة التي تقتصر علي طلب العلم الشرعي وتصحيح العقيدة والتمسك بالكتاب والسنة كما يقولون , والابتعاد عن العمل السياسي, ولكنها زاحمت أصحاب الحق ومن تحمل ثقل الثورة وانتزعها رغما على الجميع ...هذا نموذج سياسي قريب في العالم الإسلامي , رغم انه لم تترتب عليه ردة فعل عسكرية ولم يقتل الذين استلموا السلطة بعد نجاح الحركات التي سموها الربيع العربي ولم يقع بينهم السيف كما يقول برير بن خضير {رض}" فلو وقع السيف انقطعت العصمة كنا امة وانتم امة " بينما تاريخ الشيعة السياسي يقول انه لا يوجد بيت ولا عائلة ولا عشيرة شيعية لم تقدم بسبب ولائها لأهل البيت {ع} ضحايا بالعشرات , وتحملوا انتهاك الأعراض وسلب الأموال ، والتهميش المتعمد للطائفة الشيعية في العراق وغيره راجع كتاب ( الشيعة والدولة القومية - حسن العلوي} ..وتوسعت الخلافات السياسية أكثر بين المسلمين بعد شهادة أمير المؤمنين {ع} حين قررت الدولة الأموية رفع شعار سياسي الانتقام وقتل شيعة علي ، ثم شتم على بن أبي طالب {ع} على المنابر.. ثم استبيح أهل البيت {ع} وشيعتهم بشكل كأن رسول الله{ص} أمرهم بذلك ، ولو أمرهم ما فعلوا كما فعلوا .. وتتابعت الحوادث الدامية وانعدام الثقة والإقصاء التام ، إلى درجة عدم الرجوع إلى رأي أي عالم شيعي ، اعتبروهم غير ثقة لأنهم شيعة ..!!، وأفتت بعض المدارس ضدهم بأنهم خارج الملة وأنهم عبدة القبور يتعبدون لعلي وأبناءه ، وحين يعرض لهم رأي في تفسير أو بحث تاريخي ، يفسر على انه تحريض طائفي وشق عصا المسلمين ، وتغافل الناس تاريخ جميع الصحابة ومثالبهم من الافك الذي تعرضت له زوجات النبي{ص} من الصحابة إلى القتال فيما بينهم وقتل بعضهم البعض ، هذا كله اجتهاد ولهم اجر إن اخطئوا ، وأجران لو أصابوا ...!!!ومن الحوادث السياسية التي تحملت الطائفة الشيعية وزر مواقفها هو" الموقف من الحاكم الظالم" وعقيدتهم في الفكرة المهدوية التي تقول انه "يملآ الأرض عدلا وقسطاً ، بعد ان ملأت ضلما وجورا " وقف طغاة الأرض جميعا لتسفيه هذا الرأي الذي يشير لظلمهم ، قديما وحديثا ...... والموقف العدائي للدولة الأموية ورموزها ووعاظ السلاطين فيها للشيعة حصة كبرى ، ثم تلتها الدولة العباسية ثم العثمانيون والاحتلال الانكليزي للعراق .وما لاقاه شيعة أهل البيت بعد سقوط صدام وزمرته من قتل وإقصاء وتشريد من قبل السياسيين والمؤيدين لهم ، والذي يميز ظلم الشيعة عن أخوانهم السنة ان السنة أكثر جرأة وتصريحا ، حيث يأتي الرعيان من أقصى الشرق والغرب ومن الدول الإقليمية للقتال لتحرير العراق وقتل الشيعة كالزرقاوي. .. وتنصب محطات تلفزة يجلس فيها قردة عراعير لا يتورعون من السب والشتم علنا ... وللإنصاف ايظا نقول ظهر بعض المعممين الشيعة الآن كردة فعل سياسية يسبون رموز السنة وهذا لا يرتضيه المراجع العظام في النجف وقم المقدستين ولا شيعتهم .. ولكنه موقف سياسي لا يأخذ شرعيته من مرجع ولا كتاب ديني لفقيه شيعي ..ومن الطريف ان اذكر قضية ، هناك حادثتان وقعتا في التاريخ الإسلامي هما إيران ومصر .. المواقف السياسية في الدولة الصفوية حكمت إيران حولتها من مذهب سني إمامهم فارسي ، فحولت إيران إلى مذهب شيعي إمامهم عربي ، ومصر كانت شيعية وفق مذهب إمامهم عربي ،حولتها حكومة صلاح الدين الأيوبي إلى مذهب سني إمامهم فارسي .. ولكن المعادلة المذهبية والتحول لم يحسب عند السياسيين وفق التصور القومي لكل إمام..!!!! ، بل حسبوه وفق التصور القومي لرئيس الدولة ، رغم ان صلاح الدين الأيوبي كردي ولا ينتمي للقوائم السنية ... ولكن الشيعة لا زالوا لحد اليوم صفويين ..واليوم ظهر في الساحة السياسية ممن يغذي الطائفية المقيتة ، ويبذل ملايين الدولارات من عائدات النفط الذي رزق الله تعالى به المسلمين ، وعلى رأسهم المهلكة السعودية تلك الدولة الإسلامية التي كانت مهبط الوحي واحتضنت سيد الأولين والآخرين محمد {ص} وأهل بيته وأصحابه عليهم السلام , وانطلق منها نور الرسالة السماوية ليملآ الأرض حقا وعدلا ... ولكن السياسيين اتخذوا مال الله دولا وعباد الله خولا فلا نجد أزمة ولا فتنة إلا والمهلكة السعودية تغذيها ... وتبعها أمير خطر ذو الماركة الإسرائيلية حمد بن خليفة آل ثاني، صاحب المقولة المشهور حين صافح وزيرة خارجية إسرائيل قال للمصور :" لا تفضحنا ممنوع التصوير" بمعية وزير خارجيته ، ثم جاءت حوادث الإرهاب الذي لا يقره دين ولا شرع في سوريا والبحرين واليمن والمغرب ,في العراق عندنا يتزعمه نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي المتستر بالحكومة التركية والكيان البرزاني ... كل هذه الحوادث سياسية لا نرى فيها نص قراني ولا حديث منسوب للنبي {ص} ولا لجعفر الصادق أو أبو حنيفة رضي الله عنهما ... هذه هي الحقيقة .. وهو سبب الموقف السياسي للشيعة قديما وحديثا ...
الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي
https://telegram.me/buratha