حيدر عباس النداوي
لم يجد رئيس مجلس الوزراء السيد نوري المالكي وكتلته التي ينتمي إليها وتسمى دولة القانون بدا من الرجوع الى الوراء قليلا وفتح ملف الدفع بالأجل من جديد بعد ان رفضته معظم الكتل السياسية قبيل فترة الانتخابات التشريعية الماضية والمطالبة بتفعيله من جديد حتى يكون المنقذ والمخلص للشعب العراقي من محنه وهزائمه وانكساره وفقره وفاقته وسوء خدماته وتبدل أحواله وطبائعه وأخلاقه،رغم ان شيئا لم يتغير في طبيعة هذا القرار ونظرة الكتل السياسية اليه باعتباره ترف انتخابي لا يمت الى ارض الواقع بشيء وكما يروج له من قبل دولة القانون .وتبرز جدلية التناقض بصورة كبيرة بين الرافضين والمؤيدين تارة وتتلاشى تارة أخرى ففي الوقت الذي يجد فيه الكثير من الرافضين انه مشروع قانون مكبل للعراق واقتصاده ونفطه ورهن لإرادة العراق المستقلة على مدى عشرات السنوات القادمة مع ما يلاحظ من قلة المبلغ المخصص يبرر الطرف الأخر ان هذا المشروع فيه من الجوانب الايجابية ما يمكنه من تجاوز حدود النقد والتجريح أهمها هو ان الشركات الاستثمارية اجنبية وليست عراقية او عربية وان المبالغ سوف لن تسلم الى العراقيين المرتشين والفاسدين والحرامية وان نسبة الفائدة ستكون مقبولة وان الدفع سيكون بطريقة الصفقات وليس بطريقة الدفع العاجل،وبين هذا الاختلاف في الطرح والرؤى يتفق الجميع على ان هذا المشروع هو اقل فسادا مما عليه في المشاريع والصفقات التي تقوم بها الشركات الحالية العراقية والعربية بمعنى ان الدفع بالأجل مشروع فاسد ولكن بدرجة اقل مما هو عليه الآن... كيف لا اعرف ولكن يمكن لرئيس الوزراء ان يجيب عن هذا التساؤل لانه هو من يستطيع ان يحدد نسبة الفساد كونه أشار الى هذه الحقيقة في دفاعه عن مشروع الدفع بالأجل.ومن الواضح فان لدى المشككين بعدم جدوى هذا المشروع حجج ترقى الى مستوى الحقائق الواضحة أهمها ان هذا المشروع هو دعاية انتخابية سعى لها رئيس مجلس الوزراء وقائمته بعد حالات الانكسار والتراجع في شعبية رئيس الحكومة بسبب كثرة افتعال الأزمات وعدم تقديم الخدمات الأساسية للمواطن وفشل في جميع الملفات الأمنية والصحية والخدمية والإنسانية والدولية والوطنية، إضافة الى ان المبلغ المقدر لتفعيل قانون الدفع بالأجل والمقدر ب(43) مليار هو مبلغ قليل مقارنة بمئات المليارات التي أنفقتها حكومة المالكي حصرا دون تحقيق اي تقدم في من مجالات الحياة سوى اتساع رقعة الفساد والمفسدين،وبالتالي فان هدر مئات المليارات من الدولارات من قبل حكومة المالكي يجب ان يجابه بوقفة جادة لمعرفة مصير هذه المليارات قبل الاقدام على اي خطوة جديدة من شأنها ان تعمق مساحة هدر المال العام وتزيد في عدد المفسدين بناءا على اوهام واحلام ستنكشف بعد ان تنتهي المفوضية من غلق صناديق الانتخابات وكما حدث في مشروع ماء الفاو الكبير الذي افتتحه رئيس الوزراء خلال فترة الانتخابات التشريعية الماضية والذي لم يعمل سوى ساعات الذروة والتصويت الانتخابي.ان المشكلة الحقيقية ليست رفض او القبول بقانون الدفع بالأجل بل المشكلة تكمن بسوء إدارة الدولة وعدم وجود ارادة حقيقية لحماية المال العام وتقديم الخدمات التي يحتاجها الوطن والمواطن ولن يتمكن الف قانون للدفع بالاجل من تغيير الوضع القائم طالما استمر السيد المالكي بإدارة الدولة بهذه الطريقة الحزبية البائسة والتي تعتمد على خلق الازمات وعقد الصفقات والتجاوز على الدستور وسوء الادارة وعدم احترام ارادة الشعب العراقي.باختصار فان العراق ليس بحاجة الى الاموال، فهي كثيرة والحمد لله والدليل على كثرتها ان معظمها قد اعيد الى الخزينة بسبب عدم القدرة على استثماره بصورة صحيحة من قبل المحافظات والوزارات ،ولكن العراق بحاجة الى الايادي النظيفة والمخلصة والقادرة على الابداع وهذا هو جوهر المشكلة ولا يغرنكم بكاء التماسيح فان في دموعها غدر وحقد ودمار لن يتوقف الا بالحصول على الفريسة والتهامها والانتقام منها.
https://telegram.me/buratha