كثير من الساسة الإسلاميين ـ العراقيين تحديدا ـ لازالوا يتلذذون بظهورهم الفارغ في القنوات الفضائية ويتوهمون ـ أو يوهمون أنفسهم ـ أن هذا الظهور هو إنتصار للمباديء التي يعتنقونها، وأن مجرد ظهورهم في الفضائيات سيسقط بالضربة القاضية الفنية القوى المناوئة، وأعني بها أدعياء اليسار والليبرالية الجديدة والفرية المستحدثة التي تسمى الإسلاميين الديمقراطيين!..لهؤلاء الساسة "الإسلاميين" أو بالأصح "المتأسلمين" ليس عندي ما أقوله لهم غير المثل العربي القديم "انج سعد فقد هلك سعيد".. فهؤلاء "المتأسلمين" ونتيجة لمسلكهم الذي لا ينطبق مع الإسلام، صاروا عبئا عليه!، بل هم بالحقيقة سلاح مجاني بيد مناوئي الإسلام، وزد إنهم غدوا من حيث لا يعلمون أدوات سلبية لتخفيض مستوى التدين في الناس وليس لرفع مستوى التدين.. وإذا كانوا يعلمون فهم شركاء من الدرجة الأولى فيما يتعرض له الإسلام من ثلم، أما إذا كانوا لا يعلمون وسدروا فيما هم فيه يعمهون من غي ، فسيأتيهم الدور بعد أن يستنفذ الغرض منهم في تقويض خطوط الدفاع الإسلامي الأولى..
ومن ملاحظة خطابهم فإن جل ما يركزون عليه هو قضية اللغة والهدوء والبعد عن الانفعال، وهي المقدمة الأولى للتنازل في معركة القيم التي يفترض أن يكونوا في خطوطها الأولى إن صح إنتمائهم للحركة الإسلامية النهضوية، لكنهم واصلوا مسلسل التنازلات وكلما قدموا تنازلا ، طولبوا بتنازل جديد، ويوما بعد يوم تحولوا الى هراوات بيد أعدائهم من حيث لا يعلمون!..
وحينما يأتي اليوم الذي سيعلمون فيه أنهم يحرثون واد غير ذي زرع سيندمون، وسيندمون حينها ولات ساعة مندم، وسيقولون:"أكلت يوم أكل الثور الأبيض"!...
إن معركة القيم التي تجري غمارها هنا ليست درساً نظرياً.. ولا وسيلة إيضاح في مدرسة إبتدائية، إنها بالحقيقة معركة عسكرية فعلية بالذخيرة الحية.. وإذا كان على الساسة المتأسلمين أن يفهموا ـ إن كانوا يريدون الفهم ـ إن التيار الليبرالي الذي يمسك بالاعلام ليست قضيته "أسلوب إدارة مؤسسة ما".. ولا شعارات المواطنة والتسامح والمساواة وعدم الاقصاء.. فهذا التيار باختصار "عصابة" لديها مشروع واضح المعالم، خطوته الأولى في هتك البنية الأخلاقية للمجتمع العراقي بحملات إعلامية مكثفة منظمة لم تتوقف عجلاتها عن الدوران، تستهدف دهس وإهانة كل ما يمت الى الدين بصلة أويرعى نشاطاً دينياً..بدءا من التشكيك بدور المرجعيات الدينية ورجال الدين و"العمائم وأهلها"، وإنتهاءا بالنشاطات الجماهيرية الكبرى كالفعاليات الحسينية وزيارات المراقد المقدسة، وتوهين والحط من الروابط ـ والمواكب ومجالس الوعظ والإرشاد، الفتاوى الشرعية، الجمعيات الاسلامية، وحتى أسماء أبنائنا وبناتنا، فزينب صارت سالي ومريم غدت ريتا ومحمد صار عطيل...!
كلام قبل السلام: كلمة الحق تقف دائما في الحلق لأنها كبيرة !!!
سلام....
.............
17/5/926
https://telegram.me/buratha