بقلم / عبد المنعم الحيدري
لا يخفى على الجميع حجم القوة المسلطة من الضغوطات على الجمهورية الاسلامية منذ انتصار الثورة الاسلامية عام 1979م بقيادة الامام الخميني (قدس) وممارسة الغرب وسائل الاقناع والانتفاع ومن ثم الانتقال الى الارغام بالقوة من اجل ثني طهران من مواصلة النجاح وبالتالي افشالها على المستوى السياسي.ان محاولة اقناع ايران بالعدول عن امتلاكها ناصية العلم بصورة مستقلة هي محاولة فاشلة لكون الدولة الايرانية بعد الثورة لا ترتبط اطلاقا مع الغرب بأي روابط وعلى هذا الاساس فقد فشلت هذه الوسيلة.اما وسيلة الانتفاع فقد فشلت هي الاخرى لكونها تعتمد على احتياجات ايران للغرب بينما ان الصحيح هو ان الغرب هو في امس الحاجة الى ايران لكونها تمتلك ثروات نفطية هائلة وكفاءلت علمية تساعدها على التقدم الى الامام وبالتالي فهذه الوسيلة فشلت هي الاخرى مما دفع بالغرب بقيادة اميركا ان تذهب الى ممارسة الوسيلة الثالثة والأخيرة وهي الارغام بالقوة للي ذراع الجمهورية الاسلامية ولابد من القول ان هذه الوسيلة تشمل الحرب الاقتصادية والإعلامية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية متمثلة بالحصار الاقتصادي والسياسي والحرب الاعلامية والحرب الدبلوماسية الهادئة والتلويح بالحرب العسكرية من خلال التهديد بها وهي اخر المطاف.كل هذه الوسائل مستمرة معا ضد طهران حتى هذه الساعة وكثيرا ما نسمع تصريحات من المسؤولين في الغرب وتحديدا اميركا وإسرائيل بأن ( كل الخيارات مطروحة على الطاولة بما فيها الخيار العسكري) وهذا يعني ان المرحلة قد دخلت مرحلة التهديد وهي المرحلة التي تسبق الحرب العسكرية.ولكن الملفت للنظر ان حتى هذه الوسيلة التي عادة ما تكون هي الاخيرة قد فشلت لكونها تكون على احتمالين الاول ان الدولة المهددة (بفتح الدال ) لاتصدق التهديد والاحتمال الثاني هو ان التهديد من دولة(أ) باتجاه دولة(ب) لابد ان يكون ضمن ثلاث نقاط الاولى ان تعلن دولة(ا) ان عدم امتثالها سوف يجعلها تدفع الثمن غاليا والأخرى ان تكون دولة (ب) قد صدقت ذلك التهديد والثالثة انها سوف تذهب اي دولة (ب) الى وسيلة الانتفاع وتتخلى عن كل ما لديها من مشاريع مثل ما فعل القذافي ابان فترة حكمه لليبيا عندما فكك المفاعل النووي حينما صدق التهديد.لكن هذه الوسيلة هي الاخرى قد فشلت ولم تعد مجدية لان ايران لم تصدق التهديدات بل الادهى من ذلك الخروج من دائرة عدم الاكتراث للتهديد الى التهديد المقابل وعليه ان تهديدات اميركا وإسرائيل قوبلت بتهديدات ايرانية اي بمعنى قوبلت بتهديد لكل مصالح اميركا ليس في المنطقة فحسب بل تهديدات مفتوحة حيث قال قائد الحرس الثوري الايراني (في حال شن الكيان الصهيوني اي عدوان علينا فأننا سوف نضرب ليس فقط الكيان الغاصب بل كل الاهداف الامريكية التي تطالها صواريخنا) . وهذا يعني ان الحرب لا تشمل فقط اسرائيل التي هي تقع ضمن المصالح الامريكية بل كل المصالح مما يعد هذا انتقالا نوعيا حيث ان التهديدات خرجت من دائرة اسرائيل لتنتقل الى دائرة المصالح الاخرى لأمريكا ولم تكتفي بذلك بل عاد احد قادة الحرس الثوري لينقل المعركة الى مرحلة اخرى هي الاولى من نوعها حيث انتقلت من معركة دفاع الى معركة هجوم حيث قال( اننا سوف نضطر الى القيام بضربة استباقية في حال توفرت المعلومات عن تحضير ضربة لمنشاتنا النووية) وهذا فيه دالة كبيرة من حيث المعلومات وتصديق التهديد فبدل من ران تصدق الجمهورية الاسلامية التهديد وتذعن له نجد ان العكس هو الصحيح فقد ذهبت اميركا وإسرائيل الى تصديق التهديدات التي اطلقتها ايران من جانب ومن جانب اخر انها تمتلك المعلومات الكافية لتحديد الاهداف التي يفترض ضربها في حين كل من اميركا وإسرائيل لم تمتلك حتى هذه الساعة اي معلومات عن الاهداف التي يفترض انها ضمن بنك المعلومات لديها. ودالة ذلك هو ما وصفها الرئيس الاميركي باراك اوباما بالضوضاء في اشارة واضحة لتصريحات نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني وانه اي اوباما لا يمكن ان يساوم على الامن القومي الامريكي.لكن هذا لا يعني انه ترك الحبل على الغارب بل ان اوباما يراهن حتى هذه اللحظة على انهيار الاقتصاد الايراني بسبب الحصار الاقتصادي على ايران مستذكرا التجربة التي مر بها الاتحاد السوفييتي السابق اضافة الى ذلك ان اوباما بهذا الحصار يبدو انه يراهن على قيام الشعب الايراني من الداخل وهذا ما دفعه الى الاختلاف مع قادة اسرائيل الذي يريدون القيام بضربة لإيران بمساعدة اميركا لكونه يرى ان الضربة تزيد من تلاحم وتماسك والتفاف الشعب حول قيادته.ويبدو ان القيادة الايرانية تعي هذه اللعبة وعلى هذا الاساس جاءت تعليمات السيد الخامنئي عبر خطاباته حول الاقتصاد المقاوم ولابد من التركيز عليه لكي لا يتمكن العدو الدخول الى عمق الشعب الايراني وبالتالي تفكيكه.ان الولايات المتحدة الامريكية هي اليوم امام امرين الاول هي انها تدعم اسرائيل بالذهاب الى الحرب وهذا الامر لحد هذه اللحظة غير وارد حسب المعطيات والأمر الثاني انها تذهب الى الاستسلام للأمر الواقع وتقبل بإيران نووية وهذا انتصار معنوي كبير لإيران وهو الارجح لان كل التهديدات الامريكية والإسرائيلية اتجاه ايران ذهبت ادراج الرياح امس عندما قلل احمدي نجاد من على منبر الامم المتحدة تلك التهديدات ومن هنا سوف تندفع واشنطن الى التعاون مع طهران ومن ثم حل الخلافات في المنطقة بضمان عدم التعرض للمصالح الامريكية التي تمس الامن القومي التي كان يقصدها اوباما في تصريحه الخير حول الضوضاء من باب ان القاعدة السياسية التي تقول ان الصراع لا يستثني التعاون.
https://telegram.me/buratha