محمد حسن الساعدي
لقد آثار قانون الدفع بالآجل أو ما سمي اليوم بقانون البنى التحتية ضجة اعلامية كبيرة، فقد تحدث الكثير من النواب والمختصون بالشؤون الاقتصادية والسياسية، وكلاً اغنى الموضوع من وجهة نظره ، ولكن يبدو ان القانون أخذ منحى آخر سياسياً اكثر مما هو أقتصادي ، فلم ينظر القانون نفسه الى المشكلة أذ افتقد الى النظرة الاقتصادية البحتة المجردة للوضع في العراق، وتحدث الكثير من منطق ودوافع سياسية بعيدة عن مصالح العراق وثرواته .نعم لاشك ان البنى التحتية وبنائها هو اساس مهم للتنمية الاقتصادية والبشرية والاجتماعية ، ولكن طرح القانون كان فيه الكثير من الدفع والمبالغة لاظهاره وكانه المنقذ للعراق ، وأنه المفتاح السحري للمشاكل الاقتصادية التي يعاني منها السوق العراقي المتدهور، ومعالجة مشاكل الفساد الاداري والمالي وسوء الخدمات ، والى القطاعات المختلفة الاخرى التي تكون بمساس مع المواطن العراقي.بالتاكيد أن الكثير من الدول قد تلجأ الى الاقتراض من الداخل او الخارج من اجل النهوض وتنفيذ الخطط الاقتصادية ، ومثالنا الصين التي بلغت قروضها الداخلية أكثر من 1.2 تريليون دولار حتى نهاية النصف الاول من 2012 ، وكان من نتائج هذه القروض هي الطفرة النوعية والكبيرة في الاقتصاد الصيني والذي أستطاع ان يتحول الى ثاني اكبر اقتصاد في العالم ،سابقاً بذلك دول اوربا واليابان، تحقق ذلك بوجود رؤية سياسية واضحة ، وإستراتيجية منطقية ، ووضع خطط مدروسة وعلى المدى القصير والطويل ، وتنفيذها بشكل دقيق ومتسق مع القدرة المالية ، وتوفر الرقابة المحاسبية والمالية ومقيدة بفترة زمنية محددة للمشاريع .أن قانون الدفع بالآجل لايعني سوى تقويض الحكومة بالتعاقد على صرف مبالغ لمشاريع لم يتم تحديدها بشكل دقيق ومدروس ، ولم تتوفر اي خطط مدروسة ولا توجد رؤية لتأثير هذه المشاريع على الاقتصاد العراقي والتي يمكن ان تؤثر على التزامات الحكومة مستقبلاً .نعم بلدانا اليوم بأمس الحاجة الى مشاريع كبرى للكهرباء ومياه الشرب والري والصناعة والزراعة والنفط والمعادن والنقل والبيئة والاتصالات والنقل والصحة والثقافة والتعليم ومحو الأمية والسكن والصرف الصحي والتدريب والتأهيل ،وقد يكون قانون البنى التحتية الذي تسعى الحكومة لإقراره في مجلس النواب هو ما يمكن أن يلبي هذه الحاجات كلها بعد اعادة صياغته وسد الثغرات القانونية والمالية فيه في البرلمان ووضعه موضع التنفيذ لاحقاً.على مجلس النواب والحكومة أن يتعاملا بايجابية مع الملاحظات والتحفظات والاعتراضات المثارة على مشروع القانون. لا بد من التحرر من عقلية المؤامرة فيما بين الكتل السياسية ، وسياسة التسقيط السياسي والذي اضاع البلاد وسبب التأخر الاقتصادي والاجتماعي .ولضمان أن تذهب مشاريع البنى التحتية إلى شركات عالمية ومتخصصة ومضمونة يقتضي الأمر أن تحقق الدولة في كل قضايا الفساد المالي والإداري التي أهدرت مئات مليارات الدولارات في أقل من عشر سنوات فقط، فأفواه الافتراس ستظل مفتوحة لمشاريع البنى التحتية.
https://telegram.me/buratha